أنت هنا

23 صفر 1436
المسلم- خاص

واصل فضيلة الشيخ أ.د.ناصر بن سليمان العمر حديثه حول موضوع "الإعلام المختطف وحرب المصطلحات" محذراً من حرب وسائل الإعلام على أحكام الدين كالحجاب من خلال نشر الفتاوى الباطلة واستضافة أصحباها وإبرازهم وتلميعهم, مؤكداً على ضرورة التيقظ من تحريف الإعلام للمصطلحات وتوجيهه المتلقي للمعاني التي تصب في خدمة أعداء الأمة. 

 

وخلال درسه الأسبوعي بمسجد خالد بن الوليد بالرياض, قال المشرف العام على مؤسسة ديوان المسلم, إن من الأدلة على انحراف كثير من وسائل الإعلام ما يثار هذه الأيام عن قضية الحجاب, والفتاوى الباطلة حوله وإخراج أناس لم يُعرفوا بالعلم وإظهارهم كمفتين يحلون ويحرمون, ويتولاهم الإعلام ويصفهم بالشجاعة, مؤكدا أن هذا هو دأب الإعلام في وصف من يخرج على الدين بأنه جريء وشجاع. مضيفاً أن هذه الألقاب تغري ضعاف النفوس وتجذبهم نحو الشهرة.

 

وحذّر فضيلته من أثر الإعلام على المجتمعات من خلال الترويج لما يريدونه عن طريق الاستمرار في تناول موضوع ما وعرضه والتركيز عليه حتى يتقبله الناس, وقال "إن كان الإعلام  قد سُمي في الماضي بالسلطة الرابعة, إلا أنه اليوم أصبح في مثابة السلطة الأولى من قوة تأثيره. مشيراً إلى ما أعلنته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت بأن شبكة الأخبار الأمريكية السي إن إن أصبحت تمثل العضو السادس الدائم في الأمم المتحدة,

 

وتابع فضيلته في هذا السياق مورداً ما اعترف به وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد بأنه أسس مكتباً يشرف عليه بنفسه لا مهمة له سوى تزييف الحقائق وبثها على كوكب الأرض بأكمله وأسماه وحدة التأثير الاستراتيجي وقد رصد له ميزانية بمئات الملايين من الدولارات حيث يتعامل مباشرة مع المخابرات المركزية الأمريكية ويغري الصحفيين في العالم العربي والغربي بتمرير وجهة نظر الولايات المتحدة للتأثير على الرأي العام العربي والغربي.

 

كما حذر الشيخ العمر من تأثير مصطلح كثيراً ما يستخدمه الإعلام لتمرير أجنداته وهو ما يسمى بالرأي العام وقال إن الرأي العام يسهل توجيهه, مؤكداً على ضرورة أن لا تقاد المجتمعات تأثراً بالرأي العام, كما لا ينبغي أن يحكم على أمور برغبة الجماهير بل لا بد أن توجه وتوزن بميزان الشرع  وأن لا تكون صدى لرأي الجمهور على حساب الدين.

 

وحذر فضيلته من مصطلح الشرق الأوسط مورداً كلاماً جاء بحث للدكتور سعيد اللاوندي قال فيه إ"ن مصطلح الشرق الأوسط هو باعتراف الجميع مصطلح دخيل, لكن فرضته الدول الغربية لتحقيق أهدافها حتى تخفي مصطلح الأمة الإسلامية أو الأمة العربية والوطن العربي, ثم اختفى مصطلح "القضية الفلسطينية" ليحل محله مصطلح "الصراع العربي الإسرائيلي", ثم "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي", حتى يصل إلى "نزاع بين حماس وإسرائيل".

 

 ويضيف الشيخ العمر, وهكذا يتم تقزيم قضية فلسطين واختزالها من حرب مشروعة للأمة جمعاء ضد عدوهم اليهود إلى حرب بين حزب أو جماعة وبين اليهود الأمر الذي أدى إلى ظهور من يعارض هذه الحرب حتى في داخل فلسطين نفسها, مؤكداً على خطورة الإعلام في مثل هذه القضايا وعبثه بالعقول وتأثيره عليها.

 

ويتابع فضيلته مستدلاً على خبث الإعلام وتأثيره على الشعوب من خلال المصطلحات المضللة  كتسمية الأجهزة الاستخبارية للعدو الإسرائيلي والتي تدعم استعماره واحتلاله بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية ليصور اليهود على أن لهم دولة كغيرهم لديها أجهزتها الأمنية.

 

ويتابع الشيخ العمر, حين يسمي الرئيس الأمريكي بعض الدول من ضمنها روسيا وإيران بأنها محور الشر فهذه الدول بالفعل هي محو شر في المنطقة لكنه - أي الرئيس الأمريكي - عمد بذلك إلى إيصال فكر أخرى وهي أن أمريكا والغرب في المقابل محور الخير, وقال الشيخ العمر :وللأسف الشديد راج هذا المصطلح لدى البعض مع أن أمريكا والغرب هما أشد شراً من تلك الدول التي ذكرت.

 

كما ساق د. العمر عددا من الأدلة على تحريف الإعلام للمصطلحات لتخفيف النفور من بعض المحرمات والكبائر, كتسميتهم لجرائم العبث بالأعراض التحرش, وكذلك تسميتهم لجريمة اللواط بالمثلية الجنسية, و تسميتهم للشاب أوالشابة حيث يقعوا في المحرم مع بعضهم البعض بأنهم "يمرون بمشكلة عاطفية", وكذلك إطلاقهم مصطلح "المشاهد الساخنة"على الجرائم الأخلاقية التي تُرتكب على الشاشة والتي تقترب من ممارسة جريمة الزنا, وكذلك تسميتهم عقوق الأبناء لآبائهم بـ"صراع الأجيال" , والربا بفوائد بنكية والخمر بالمشروبات الروحية, وغيرها من تسمية الكبائر بغير مسمياتها تهويناً لشأنها.

 

واختتم فضيلته بالتحذير من استشراء مثل هذه المصطلحات والتأكيد على ضرورة التيقظ للمستوى الذي وصل إليه اختطاف إعلامنا, كما حذر من عملاء الغرب المتآمرين على دينهم وأوطانهم ومجتمعاتهم, ونبه فضيلته على أثرالإعلام خاصة على النشء في الوقت الذي غفل فيه كثير من الآباء عن أبنائهم وتركوهم ضحية للأعلام الذي يدار من أعداء الأمة لإضعافها والنيل منها ومن أبنائها.