أيها الهم !
9 جمادى الأول 1436
د. خالد رُوشه

[email protected]

أيها الهم , لن تغلبني , فأنا متوكل على ربي سبحانه , عازم على المضي قدما في سبيلي الذي تيقنت من كونه صالحا وفي مرضاته عز وجل .

 

سأستعيذ بالله منك , كما علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن " رواه البخاري , وسأكرر ذلك كثيرا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل , وسأستمر في سبيلي ..

 

وبرغم ظلمتك التي قد احطتني بها , وبرغم كونك تتسبب في آلامي , وبرغم أنك قد عقتني وسعيت لإحباطي وتكبيلي عن أي نجاح , فلن استسلم لك ابدا .

إن حولي واهن , وقوتي ضعيفة , لكنني اعلم أيضا أنك من كيد الشيطان , ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله , كما أعلم جيدا أن كيد الشيطان كان ضعيفا , وأعلم أن لله سبحانه كل حول وكل قوة , بل لاحول ولاقوة إلا بالله , لذلك سأشربها قلبي ونفسي وعقلي , وسأسعى سيرا في ركابها , وسأرددها ليل نهار , وساستعين بذي الحول والقوة سبحانه الحي القيوم .

 

لقد منّ عليّ ربي بأن كل هم أصاب به فأحتسبه صابرا راضيا فإن لي فيه أجر , فحتى وجودك الكريه عندي أصاب فيه بالحسنات , قال صلى الله عليه وسلم " ما يصيب المؤمن من هم ولاحزن ولا اذى حتى الشوكة يشاكها إلا وله فيها أجر " مسلم .

 

ولن تضيق نفسي ابدا بقدره سبحانه إذ أصابني الهم , سأرضى بقدر الله سبحانه علي , وسأدعوه يزيل همي , فالدعاء والقدر يعترجان في السماء .

 

لن أظل مصابا بك ايها الهم ساكنا صامتا مستكينا لك , لا , بل سآخذ بالأسباب , واشغل نفسي بالصالحات , فالنفس إذا لم اشغلها بالحق شغلتني بالباطل , وسأشغلها بالعبادة الطيبة , وسأسعى في استحضار الإخلاص فيها , وسأبدؤها بالاستغفار , فكما جاء في الأثر " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا " , وحتى إن ثقل على الاستغفار سأردده بلساني حتى يعتاده لساني فيواطىء قلبي فيطمئن اليه .

 

سأستمسك بالإيجابية في السلوك والعمل , كما سأستمسك بالطموح والأمل الصالح , ولن تقعدني الهموم عن أعمالي ومسئولياتي , سأبذل قصارى جهدي في الأخذ بالأسباب , سواء في العمل والاسترزاق , أو في التفكير والإبداع والابتكار .

 

لن تعوقني ايها الهم عن حل مشكلاتي , بل سأواجهها , وسأعمل ذلك فورا , لن اهرب منها , ولن انكسر أمامها , بل سأستعين بالله عليها , استعين عليها بالصلاة والصبر عملا بقوله سبحانه :" واستعينوا بالصبر والصلاة " , سأبحث لها عن حلول , وسأبدأ في تطبيقها .

 

أيها الهم البغيض , أنا أعلم جيدا أن ملايين الناس قد أصيبوا بك , وأعلم جيدا أن من انكسر أمامك زدت في كسره حتى قصمت ظهره , وأثنيت عزمه , وقتلت أمله , وضيعت طموحه , كما أعلم جيدا أن من صارعك وقاومك واستعان بالله عليك انتصر عليك , وفررت منه بلا رجعه , وصار نموذجا يحتذى ومثالا يقتدى , فلن أنكسر لك .

 

لقد علمني نبيي صلى الله عليه وسلم أن أكون قويا في مواجهتك , فقال :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف , استعن بالله ولا تعجز .." مسلم , فالعجز كل العجز أن أترك سبيلي وأقعد في حسرتي , والعجز كل العجز أن أفتح للشيطان بابي ليلج منه إلى قلبي فيوهنه , فيقعدني , ويصيبني باليأس , فلن أعجز ابدا , وسأسعى أن أكون مؤمنا قويا , فأمتي بحاجة للأقوياء لا للضعفاء , وهي بحاجة للقدوات لا للأتباع , وهي بحاجة للعلماء لا لمجرد المقلدين , وهي بحاجة للمنجزين لا للكسالى الخامدين .

 

أيها الهم , لامكان لك في قلبي , ولا في بيتي , ولا حتى بين اوراقي وقلمي  .. " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال "