ابناؤنا وتعلم المسؤولية في رمضان ..
14 رمضان 1436
د. خالد رُوشه

يغلب على الحياة الرمضانية التأثر بالبيئة الأسرية , فهناك حالة بيئية إيمانية وأجواء إيمانية في رمضان تدعو إلى العبادة والعمل الصالح ولله الحمد والمنة .

 

لكنني ههنا ألفت انتباه الوالدين إلى معنى إيجابي آخر يمكننا أن نبثه في أبنائنا في رمضان , هذا المعنى هو معنى المسؤولية الفردية .

 

 تلكم التي تحدثت عنها الآيات في قولة سبحانه " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " , وقوله سبحانه وتعالى " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة " , وغيرها من الآيات الكريمات التي تدل على المسؤولية الفردية .

 

بل إن التعلق بالغير سلبية كبرى في مسألة الاستقامة وجودا وعدما , حتى إن الله سبحانه وتعالى علّم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , أن المسؤولية فردية حتى لو كان بينهم النبي صلى الله عليه وسلم ذاته : " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ. وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا. وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ "

 

 

 مقصودها هنا , ان نستغل أجواء رمضان في تعليم أبنائنا أن الارتباط الحقيقي ينبغي أن يكون بالمنهج الإيماني لا بالاشخاص ولا بالأجواء , وأننا نعبد الله سبحانه وتعالى إذ إننا مسئولون أمامه سبحانه وتعالى , ومحاسبون , وهذا الحساب هو حساب فردي .

 

 

فمهما كانت الأجواء حسنة او كانت سيئة فعلى المؤمن أن يثبت على عبادة ربه سبحانه وتعالى , ومهما كان المحيط محيطا إيمانيا أو كان محيطا غير قويم , فإن على المؤمن أن يثبت على الطاعة وألا يميل إلى الهوى .

 

 

رمضان فرصة جيدة لبث هذا المعنى بتفهيم الأبناء معنى المسؤولية الفردية في الصوم , ففي الحديث " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به " متفق عليه , فالصوم عبادة لا يمكن مراقبتها من بني البشر , بل هي عبادة مراقبة من الله سبحانه وتعالى , لذلك فجزاؤها منه , فهي ليست مجرد امتناع عن طعام وشراب , بل هي صوم القلب عن المعصية , وصوم النفس عن الهوى .. هذا المعنى ينبغي تثبيته في نفوس أبنائنا تعليما وتوجيها وتكرارا .

 

 

 كما أن رمضان فرصة للعبادة العظيمة التي تربي المسؤولية الذاتية , قيام الليل , الذي هو في أصله خبيئة صالحة بين المؤمن وربه , يمكننا أن نوصل لأبنائنا مفهوم قيام الليل وأثره والصلة التي يمكن أن تنشأ منه بين العبد وربه , وكيف أنه سمت الصالحين ودليل الصادقين .

 

كذا فالصدقة في رمضان ينبغى أن تكون بمفهوم المسؤولية الذاتية أيضا , فهي صدقة خفية , بعيدة عن الشهرة , والرياء , والتزين , وكل متصدق متعلق بصدقته , وكلٌ يسعى أن يحصل أكبر وأعظم أجر من صدقته مهما كانت قليلة ..الخ

 

 وهكذا في شتى عبادات رمضان التي يمكننا عبرها أن نوصل ذلك المفهوم , فينشأ أبناؤنا معتمدين على أنفسهم , غير مرتبطين بالأجواء الخارجية في العبادة سلباً وإيجاباً .