6 جمادى الأول 1437

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.. بيني وبين زوجي مشاكل مستمرة بسبب زواجه بأخرى وهجره الطويل للمنزل وتركه كامل المسؤولية عليّ.
أنا لديّ طفلان ست سنوات وسبع سنوات، أصبحت عصبية من ثقل المسؤوليات وينعكس ذلك على أطفالي فأصرخ فيهم.. همي الآن أطفالي الذين أضحي من أجلهم، ساعدوني على تنشئتهم تنشئة طيبة.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

ليس لنا حل عندما تضيق علينا الدنيا بالهموم والأحزان سوى اللجوء إلى الله.
وليس لنا سبيل على الصبر من آلامنا إلا الاحتساب عند الله سبحانه.
السائلة الكريمة.. إن الغضب الناتج عن عصبيتك أمر طبيعي وفطري في طبيعتنا، وكظمه من سمات أهل الإيمان بدليل أن القرآن الكريم قد كرره في أكثر من موضع، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى:37]، وإذا أمرتك بألا تغضبي فسوف أحملك مالا تطيقين، بل آمرك بكظم غضبك وغيظك.
فالغضب لا يكون بوصفك هكذا، فالغضب المعتدل أمر تفرضه الطبيعة السويّة لكن كثيرا ما يحدث أن يُنقل الغضب أو يُحوّل إلى أشخاص آخرين لم يكونوا هم السبب الحقيقي في إثارة انفعال الغضب، فعندما يغضب الزوج من زوجته تجدها تصب عصبيتها على أولادها دون سبب.
لذلك لابد من ضبط النفس قدر المستطاع من الانفعالات إذ ذلك من العوامل الضرورية لمواجهة مشاكل الحياة بنجاح، أي تهذيب نفسك على ذلك.
وقد احتوت سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على كثير من أساليب التهذيب للنفس، ضبطا للانفعالات وعلاجا لها عن طريق عدة أمور يجب مراعاتها:
فالتحكم في الإرادة بالتذكرة بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رجلا قال للنبي أوصني، قال: "لا تغضب" فردد مرارا قال: "لا تغضب". والتأكيد مرارا على السائل بألا يغضب أي لا يندفع في غضبه فيتمادى فيه فيقوده إلى الكثير من المهالك الجسمية والنفسية.
والاستعاذة من الشيطان تقطع على الشيطان طريقه فتطرد الغضب.
وتغيير الوضع الذي أنت عليه أثناء الغضب فيصعب على الشيطان تصعيد الغضب عندك. فيتم السيطرة على الغضب
ومحاولة الوضوء أثناء الغضب لأن الغضب من الشيطان والشيطان من النار والنار تطفئها الماء.
عليك أن تعلمي أيتها السائلة أن كل هذا الغضب على الأبناء سوف يجعل منهم أبناء متأثرين نفسيا لما وقع عليهم من أذى دون سبب.
لذلك عليك - بمجرد التعصب على أحب أبنائك - سرعة الاعتذار إليه، ولا حرج من ذلك، والعطف عليه بيد حانية، موضحة له أنك لم تقصدي أن تحزنيه.
فالطفل له حق من الحنان والحب أكثر من حقه في الطعام والشراب، فالحب والحنان مع الحزم المعتدل يُنشئ من طفلك شخصية سوية مستقيمة.
أما عن ثقل المسؤولية التي تتحدثين عنها فلها حل، حاولي توزيع مسؤولياتك بالاستعانة بمن يساعدك في قضاء بعض ضروريات الأمور ولو بالأجر، ولا تحملي نفسك فوق طاقتك.
أيضا حاولي البعد كل البعد عن كل ما يسبب لك الحزن مع زوجك، فإن كان زوجك يأتيك ضيفا فاعتبريه فعلا ضيفا، ومن ثم إكرام الضيف، وفكري قليلا ربما لو تلطفت معه حن لك وبدأ يرتبط ببيته من جديد.
عندما تجدين صدرك ضيقا مضطربا فأكثري من كلمة لا إله إلا الله {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: من الآية28] فستجدين فيها علاجا كثيرا.
أسلمي نفسك لله تعالى ووجهي وجهك له سبحانه واتركي حملك عليه بالدعاء الكثير فهو قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه.