27 ذو القعدة 1436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا شخص متزوج منذ 3 سنوات.. وكانت حياتي سعيدة مع زوجتي إلى أن سافرت للعمل كمعالجة (علاج طبيعي) ولحقت بها كمرافق.. ثم بدأت المشاكل بيننا.. حيث إنها كانت لا تعمل مسبقا.. واكتشفت أن عملها مختلط وتعالج الرجال والنساء.. وكذلك معها رجال بالعمل، ومشرفها رجل، بمعنى أن مكان عملها مكتظ بالرجال.. ومن جهتي لم تتحمل غيرتي هذا الوضع فطلبت منها ترك العمل والعودة إلى وطننا.. ومن هنا بدأت الكارثةحيث رفضت ترك عملها وهجرتني وأصبح تنام بسكن خاص للإناث بالمستشفى الذي تعمل به.. ولا ترد على مكالماتي.. فاضطررت لأن أسأل عنها بالمستشفى وأطلب منهم أن تترك العمل وتنصاع لأوامري.. لكنها أبت ذلك وأخبرت المستشفى حين قدومي أن لا يخبروني بأنها موجودة..! فجن جنوني وذهبت إلى قسم الشرطة وكلموها وقالت إنها لا تريدني وتريد الطلاق!
وسبب كل هذا غيرتي عليها..! وأنا الآن في حيرة من أمري.. فأرجو إعطائي ما هو الحل.. وهل تعتبر بذلك ناشزا مغضبة لرب العالمين؟ مع العلم بأنها تطالب بحقوقها كاملة وأنا لا أعمل..حيث تركت وظيفتي لأرافقها.. ولا يوجد عمل للمرافقين حسب قوانين الدولة.. وشكرا لكم.

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم.. وفقك الله لما يحبه ويرضاه ويسر أمرك وأصلح ذات بينك.
مشكلتك تتمثل في عمل زوجتك في مجال مختلط.. وبصورة كبيرة.. الأمر الذي أثار غيرتك وتسبب في وقوع الخلاف والهجر بينكما؛ لتمسك زوجتك بالاستمرار فيه.
كما أنها تطالب بحقوقها كاملة في حال الانفصال مع أنك بلا عمل حاليا بسبب سفرك لمرافقتها قبل وقوع هذه المشكلة.
أخي الكريم
لا شك أن غيرتك هذه محمودة؛ إن صدقت فيها وأصلحت نيتك لله تعالى.. وجعلت مرادك هو تجنب الفتنة ومفارقة زوجتك لهذه الأجواء المختلطة في عملها.
وأرى أن تبدأ بمحاولة جديدة وأخيرة في إقناع زوجتك، ولو هاتفيا، إذا تعذر اللقاء.. فأخبرها برفق وحلم بتقديرك لها كزوجة وشريكة حياة؛ ومن ثم ترغب في حفظها عن الأجواء المختلطة وما فيها من مضايقات وفتن.
وذكّرها أخي – كما أوصى المولى الجليل في مثل الأحوال {فعظوهن..} - بأن الأكرم للمرأة هو عملها في مجال غير مختلط، وأن عملها من الأهمية بمكان، وأن من فضل الله عليها أن تخدم من خلاله بنات جنسها.. ومن ثم فنقطة الاختلاف الوحيدة هي "الأجواء المختلطة"!
وأضف لما سبق أن حبك لها وغيرتك عليها هما الدافع وراء نقاشك لها في ذلك؛ فلتنظر لذلك بحكمة وتقدير بعيدا عما يكون قد بدر بينكما من غضب وحدة.
وذكّرها كذلك بأن العلاقة الكريمة بينكما أقوى وأعظم من أن توضع بأكملها في كفة.. وفي الأخرى التمسك بالعمل المختلط! فأنت ترحب بعملها ولكن لبنات جنسها.. بل وتركت عملك لترافقها؛ مما يدل على تقدير كبير يستحق مقابلته بمراعاة غيرتك وتقديرها.
أخي الفاضل
فإذا لمست منها - في مقابلة أسلوبك الرفيق الحسن - نبرة العتاب والأخذ والرد؛ فاستمر في تأكيد تقديرك لها.. والاعتذار عما يكون قد بدر من حدة في عرض رأيك، وليكن نَفَسُك طويلا؛ فالغالب أن المرأة تجيش مشاعرها وتغلبها عواطفها وتأخذ وقتها في الخروج من حالة الضيق والغضب؛ فاصبر الصبر الجميل عليها إذا لمست منها أدنى البوادر للنقاش والتفاهم.. وإن عاتبت واحتدت!
أما إذا لمست منها الرفض التام والتمسك الشديد بعملها المختلط، ولم تلمس أي تحسن في تواصلها معك:
فانتقل للخطوة الأخرى وهي: مخاطبة أهلها (بأسلوب حسن يشبه ما سبق اقتراحه في مخاطبة الزوجة).. حتي يتم التدخل والإقناع من جهتهم لها بالانتقال لعمل غير مختلط؛ مراعاة لرضا ربها ثم زوجها وحفظ العلاقة الزوجية الكريمة العظيمة التي لا يرضي المولى الجليل أن تنهار للتمسك بمجرد العمل؛ فما البال بعمل مختلط ومقاربة للفتنة وخطوات الشيطان. ومن الجهة الأخرى.. حفاظا عليها من مرضى القلوب ومضار الاختلاط التي لا شك فيها.
أخي الكريم
استعن بالله ولا تعجز، وادع الله مع الأخذ بهذه الأسباب أن يجعل فيها النجاح والإصلاح.. فهو جل وعلا خير معين لمن يريد الخير. وأرجو أن يوفقك الله بهذه المساعي مع صلاح نيتك وسلوكك سبيل الرفق والحكمة.
يسر الله أمرك وجمع شملك وزوجتك ووفقكما لما يرضيه.