السؤال
أنا وزوجي في خلاف، وأخطأت واعتذرت له، وأنا لا أحب الاعتذار، وهو أخطأ في حقي ولم يعتذر. فهل أذل نفسي له وأعتذر له كل ساعة، أم ماذا.. وأنا متضايقة منه جداً ولا أطيقه، ماذا أفعل؟ ساعدوني لو سمحتم وشكراً
الجواب
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم،
نشكر لك أختنا الكريمة ثقتك بإخوانك في موقع المسلم ونسأل الله سبحانه أن يجمع بين كل زوجك على طاعته ومحبته ورضاه، وان يصلح الله ما بينكما، فهو القادر سبحانه على إصلاح كل نفس.
أختنا الكريمة وابنتنا الفاضلة:
بطبيعة الحياة لا يخلو بيت ولا علاقة زوجية من بعض المشكلات الطارئة التي تعتري زواجهما، فوجهات النظر تختلف، وطرق التعامل تختلف، ووسائل مواجهة المواقف تختلف، ولأنهما معا لا يتجمل أحدهما للآخر سلوكيا – كما يحدث مع الغرباء - فيظهر الزوجان على طبيعتهما، فربما تحدث الخلافات أو المشكلات، فلا غرابة فيها ولا استنكار.
ويعتبر كثير من الأزواج هذه الخلافات وخاصة البسيطة من مقبلات الحياة الزوجية، بل ويستغلها بعضهم ايجابيا في إعادة الدفء إلى الحياة الزوجية، فلا تكون العودة بعد الخلاف إلا أكثر قربا وسعادة
ولكن لكي نصل إلى إنهاء الخلافات واستثمارها ايجابيا لصالح الحياة الزوجية يستلزم ذلك بعض الأمور الهامة منها:
- عدم إدخال أي طرف بين الزوجين
من الضروري جدا في الخلافات الزوجية إبعاد الجميع عنها، فلا أهل الزوج ولا أهل الزوجة، فكلاهما سينتصر لمن يخصه، وسيتسع الأمر بينهم وسيزيد الشقاق والخلاف، ولهذا ينبغي أن يكون إصلاح ما بين الزوج والزوجة بداية بينهما فقط ولا يتدخل فيه ثالث مهما كان، فان لم يصلا لشيء يمكن ادخل واحد من كل طرف لينهوا الأمر بينهما في أضيق حيز لمعرفة الخلاف.
- المسارعة في الاعتذار
على المخطئ أن يسارع في الاعتذار، وخصوصا المرأة، فعليها دور كبير في إنهاء أي خلاف حتى لو كان في الأمر بعض الإيذاء لها، فالرجل في ثورة غضبه ربما لا يمكنه التنازل أو الرجوع للخلف بينما يمكن للمرأة ذلك وبعدها سيعود الرجل أفضل مما كان.
ولهذا كان التوجيه النبوي الكريم للنساء في البدء في إنهاء الخلاف الزوجي أعظم، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْوَدُودُ، الْوَلُودُ، الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا آذَتْ، أَوْ أُوذِيَتْ، جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بَيْدَ زَوْجِهَا، ثُمَّ تَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى [1].
ولا يتكبر الرجل عن الاعتذار إن كان مخطئا، فكما له نفس تأبى أن تهان فلزوجته نفس أيضا، والمرأة أسيرة في بيت زوجها، وليس من المروءة أن يخطئ الرجل ولا يعتذر.
- التباين بين مظهر اعتذار الرجل واعتذار المرأة
يجب عليك ابنتي الكريمة أن تعلمي أن هناك اختلافا بين اعتذار الرجل واعتذار المرأة في الغالب، فالمرأة يسهل عليها الاعتذار القولي اللفظي، ويسهل عليها أيضا البدء به، ولكن الرجل بحكم تكوينه النفسي وبحكم تربيته أيضا قد لا يستطيع أن يتلفظ بكلمة الاعتذار خصوصا لزوجته، فالرجل – عادة – ما يكون صاحب فعل لا صاحب كلمات وألفاظ، فقد يظهر حبه بأفعاله ويظهر غضبه بأفعاله وكذلك يظهر اعتذاره بأفعاله، فالرجل قد يسهل عليه أن يعتذر بألف فعل عملي ولا يستطيع قول كلمة ولفظ الاعتذار مرة واحدة، فإذا طلبت منه كلمة الاعتذار رفضها وحاجج مرة أخرى رغم أنه اعتذر مرارا بأفعاله، فلا تطمعي في استخراج الكلمة منه وافهمي تصرفات زوجك، فاعتذاره سيقدمه عملياً لك كثيراً في أشياء يعلم أنَّ فِعْلَها يرضيك ويسرك.
- مرري الحدث
حدث الاعتذار منك، ولم يتقبله ظاهريا وأصر على إظهار الغضب والخصومة وغيرها، فيمكنك تمرير الحدث وإنهائه وعدم الحديث فيه، وبدء الحياة بصورة طبيعية مرة أخرى، فلماذا التوقف عند الحدث والثبات عنده حتى يعتذر أو يتغير، فالحديث الودي اللطيف ينهي كل آثار الخصومة والغضب، فالاعتذار ليس كلمة فحسب بل هو سلوك وفن تجيده الزوجة، فليس شرطا أن تكرري الأسف والاعتذار اللفظي كل مرة ولكن مرري الموقف ودعيه ينتهي وسيمر بإذن الله.
وعلى الزوج أن يتقبل الاعتذار من الزوجة ولا يلجئها لكثرة الاعتذار، فالمسلم هين لين، فمَن من الناس لا يخطئ؟، ومن منا لا يطلب عفو الله سبحانه؟، " وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ "، فكيف نطلب من الله العفو ونحن لا نعفو عن أخطاء غيرنا، ومن هم؟ اقرب أقربائنا مع جعل الله بيننا وبينهم ميثاقا غليظا، ممن جعلها الله سكنا لك، ممن هي أسيرة عندك؟.
وقد قالت العرب: "أربعة لا تستكبر عليهم: امرأة، طفل، خادم، ومخطئ أتاك معتذراً"، فالأربعة في حال ضعف بذاتهم فكيف بمن جاءك منهم معتذرا؟
حفظك الله اختنا الفاضلة وحفظ زوجك الكريم وجمع بينكما في خير.
__________________
[1] رواه الطبراني وحسنّه الألباني.