
كثير من الآباء يكتفون بالأسلوب الحياتي الذي اعتادوه مع أسرهم وأبنائهم , والذي صار روتينا يوميا , قد رتبه الأب بحسب عمله أو تجارته أو انشغاله أيا كان , ويجعل روتينه اليومي هو العمود الأساس لدورة حياة أسرته .
يكتفي الأب بما يمكنه أن يستنقذ من بقايا انشغالاته , فيقضيها مع أسرته في راحة , غالبا ما يلفها الصمت أو الوجوم ..!
أبناؤنا هم الآخرون لا يتركون لأنفسهم وقتا لأسرهم , فما يكاد أحدهم يبدأ في السعي إلا وتدعوه نفسه لقضاء أوقاته بعيدا عن أسرته , إذ كان منذ الوهلة الأولى لصباه ينتظر اليوم الذي فيه يشب ليخرج !
وبناتنا غالبا يلفهن الوجوم وتكسوهن الوحدة ويغلب عليهن الصمت , وتكثر في نفوسهن الأسرار !
إنها لمشكلة حقا قد تترك الأسرة ممزقة من داخلها برغم ما تبدو عليه خارجيا من الاتصال والترابط .
الأبناء لم يأخذوا وقتهم في التفاعل مع آبائهم , بل في أحيان كثيرة لم يتمكنوا أن يعرفوهم معرفة جيدة , سواء على المستوى النفسي أو السلوكي ..
والبنات يجدن اسوارا مبنية بينهن وبين آبائهن , لا يستطعن اقتحامها ولا حتى مجرد القرب منها ..
زارني قريبا أحد الأبناء من أقربائي , يبث لي يعض شكوى يجدها من أبيه , فأردت أن أختبر معرفته بأبيه , فسحبت خيط الحديث حول أبيه , لأفاجا أنه يكاد لا يعرف شيئا عن أبيه !
هذا الفتي أبوه رجل مكرمات وفضائل , وصاحب علم وثقافة واستقامة , وصاحب عطاء وخلق , وقلب رفيق .
وماإن بدأت في تعريفه بأبيه حتى بدأت علامات الاستغراب والتعجب تبدو على محيا الشاب , ولم أكد أنتهي من حديثي حتى بدأ الشاب يغير رؤيته السلبية من موقف أبيه إلى رؤية إيجابية وثقة في اختياره وسلوكه , ماكان سببا في انتهاء الشكوى .
نحن بحاجة أن نترك لأنفسنا فرصة حقيقية وصريحة نتعامل فيها مع ابنائنا وبناتنا , نعرفهم بأنفسنا , بقلوب مفتوحة , باهتمام وإيجابية , حتى لا نراكم في قلوبهم ما قد ننكره لو أهملنا ذلك ..