12 محرم 1437

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله..
مشكلتي ألخصها فيما يلي لعلي أجد عندكم النصح والإرشاد.. فأنا أعاني من حدة في الطبع من فترة طويلة لكنني لاحظت في المدة الأخيرة أن حالتي تزداد سوءاً - لا أدري لماذا- رغم أن الله مَنَّ عليَّ بجميع نعمه من زوجة صالحة وذرية ومال، إلا أن أي شخص ممكن أن يستفزني لأتفه الأسباب أحياناً، وقد أرى منكراً أو مخالفة فأسعى لتغييرها فإذا بي شيئا فشيئاً أحتد وأغلظ القول للمنصوح حتى تذهب بركة عملي سدى بل ينقلب نصحي إلى موقف أصبح أنا المخطئ وليس غيري وذلك بسبب غلظتي وشدتي، أما مداراة الناس فلا أعرف لها معنى في حياتي مما أتعبني جداً، فهل أجد عندكم إرشادا وتوجيها؟ وجزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السائل الكريم.. تحيتي لك وتقديري على استشارتك ومتابعتك لحالك وسعيك لتدارك الخطأ، فكم من امرئ يعلم سلبياته ولا يأبه لها، والعاقل من فعل مثلك، فسعى للإصلاح قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: من الآية69].
والغضب الذي سألت عنه أخي الكريم هو سلبية مؤثرة إلى حد كبير، ما دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يحذر منها تحذيرا شديدا في غير ما حديث ثابت صحيح، كمثال قوله: "ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب".
وقوله لمن سأله النصيحة: "لا تغضب وكررها عليه ثلاثا".
وأذكرك ابتداء بما استحب في دين الله سبحانه في حين الغضب، فأول ذلك الاستعاذة بالله سبحانه، وتغيير الحال الذي أنت عليه فإن كنت قائماً فلتجلس وإن كنت جالساً فلتضجع وهكذا، ومنها الوضوء، ومنها الصمت والسكون مع ذكر الله سبحانه، ومنها مفارقة المكان الذي به الغضب.. وغير ذلك مما هو معلوم.
ولا شك أن هذا كله ليس سهلاً على المرء في ساعة الغضب فإن الشيطان يدفع الإنسان في لحـظة الغضب إلى الشر بأنواعه وأشكاله، فالأصل أن تفعل ذلك في بداية الغضب حتى لا يسيطر عليك فلا تستطيع رده.
كذلك فالتدريب على الصبر والحلم والأناة، وأن تعلم أن الحلم والأناة من الصفات التي يحبها الله سبحانه كما في الحديث.
وعليك أن تستعين بالله سبحانه بالدعاء أن يذهب الله عنك الغضب، وأن يمتعك بالحلم والصبر، وأبشرك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تصبَّر يصبِّره الله".
ومن الحكمة أخي العزيز أن تقطع أوصال الغضب من بداياته، فلا تخوضن في حديث جدلي طويل أو مع من يظن فيه الجدل العقيم، ولا تعرضن نفسك لخلافات قد تودي بك إلى الغضب.
وكثرة ذكر الله سبحانه تقلل من حدة الغضب وقد تمنعه تماماً فعليك بكتاب الله سبحانه وقراءته وتدبره.
ولست ههنا أدعوك إلى ما سميته مداراة الناس، ولكن من الحكمة مخاطبة الناس على قدر عقولها، كما أنه من الحكمة أن تتجنب أهل الغيظ والمكر، وأهل المراء والجدال العقيم عديم المنفعة.
وفقك الله.