6 ربيع الأول 1437

السؤال

ارتكبت الكثير من المعاصي، وأخجل عن ذكرها، كنت في جهل وظلام، أنا إنسانة مؤمنة وأحب الله كثيراً، ولا أريد سوى رضاه فكيف لي أن أتوب وأنسى، أريد معرفة التوبة الصحيحة، تأتيني فترات كثيرة أتذكر فيها الماضي وما ارتكبته، قلبي وضميري يقتلني، فكيف أعرف أن الله قد يتوب علي ويسامحني؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

أيتها السائلة:
إن الله سبحانه هو التواب الرحيم، وهو سبحانه الذي قال: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء:48].. فالذنب كله دون الشرك مأمول في غفرانه، ونحن مأمورون بالتوبة منه والاستغفار.
السائلة الكريمة:
إن تضخيم حجم المعصية داخلك بعد فعلها هو خطأ نفسي فادح، والاستمرار في توبيخ النفس وتأنيبها هو إسراف علي النفس نهانا الله تعالى عنه في كتابه الكريم فقال تعالى: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر:53].
فتأنيب النفس الشديد بعد وقوع المعصية يفتح للشيطان باباً للدخول إليك ويزيدك بالأفكار المقلقة لينسيك رحمة الله تعالي وعفوه فيسهل عليك الرجوع للمعصية من جديد.
لكن الصحيح نفسياً هو تعظيم الذنب قبل الوقوع فيه وتضخيمه واليقين بمراقبة الله تعالى لك لتحصين نفسك من ارتكابه، وكذلك الندم التام على فعل المعصية تعظيماً لحق الله سبحانه الذي عصيتيه، والسعي الدؤوب نحو التوبة منها.
أيضا لابد من الأخذ بزمام نفسك والسيطرة عليها، وكبح جماح هواها، لذلك فطريقك الوحيد هو الطريق إلى الله، وذلك الطريق يتطلب منك النية الصادقة لتوبة صادقة، وشروطها:
1-الإخلاص في التوبة.
2-الإقلاع عن الذنب.
3-الندم عليه.
4-العزم علي عدم الرجوع إلى الذنب مرة أخرى.
5-التوبة في الوقت الذي تقبل فيه التوبة، فلا يقبل الله التوبة عند الغرغرة قبل قبض الروح، ولا بعد طلوع الشمس من مغربها.
6-إرجاع الحقوق لأهلها إذا كانت معصية تتعلق بحقوق الآدميين.
ولابد من الانتباه لعدة أمور:
- اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم "وأتبع السيئة الحسنة تمحها"، وأيسر الحسنات هو الاستغفار.
- والانتظام في الصلاة بداية الخير كله، حيث إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر.
- الابتعاد عن مواطن الفتن وقطع العلائق والعوالق بها، والبعد عن صحبة السوء والبحث عن آخرين صالحين فالمرء على دين خليله.
- وإشغال النفس بالخير كقراءة القرآن أو كتب مفيدة أو مشاهدة برامج تربوية دينية.
- واعلمي أن الدعاء والمناجاة سبيلان لا يخيب صاحبهما أبداً، وأن حسن الظن بالله الكريم الغفور الذي يدعو عبده للتوبة إليه ويفرح بتوبته يكون أكبر دليل لك على أن الله سيقبلك ويسامحك....
فأكثري من الاستغفار والتوبة واسعدي بهدية الله التي وعد بها التائبين في قوله تعالى: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان 70].