مها فرقتنا المصالح الخاصة , ونأت بنا المكتسبات الذاتية , وباعدتنا الغفلة الدنيوية , وغرقت بنا المادة , فإن شعائر الإسلام تجمعنا , تذكرنا بوحدة العقيدة , ووحدة الطريق , ووحدة المصير .
فما من مؤمن اليوم في مشارق الأرض أو مغاربها إلا ويخفق قلبه شوقا لمناسك الحج .
وما من صالح على وجه البسيطة إلا وترق نفسه رغبة في مشاركة الحجيج تلبيتهم .
ولئن منعت الوقائع كثيرا من الناس عن لحاقهم بركب الحجيج , فإن أكف الضراعة مرفوعة منهم أن يستجيب الله دعاءهم العام القابل .
إن تلك المواقف هي حقيقتنا , هي معدن هذه الأمة الأصيل , العبودية لله سبحانه , والاجتماع عليه , والسعي لمرضاته , لا التفرق ولا التشرزم ولا اتباع المصالح الزائلة . ولا الانكسار في الأزمات .
إني أرى التكبير الذي يرفعه المسلمون اليوم يجمع قلوبهم , ويذكرهم بأن ربهم واحد وهو الكبير المتعال , فهو أكبر , وذكره أكبر .
كما يذكرهم أنهم حتما عائدون إليه , مهما تاهوا في مسارات الحياة , وجبذتهم المادة , وسحقتهم في أتونها , فغابت عنهم معاني الفلاح .
التكبير يجمعنا , فيعلمنا بكم نحن ضعفاء فقراء صغار في هذا الكون الفسيح , الذي لا نحيط بها علما ولا تصورا ولا رؤية , وكم نحن بحاجة إلى الكبير العظيم العزيز سبحانه , نلجأ إليه , ونعود إليه , فيحمينا من رحى الحياة المهلكة .
ويعلمنا بأن ذكر الله أكبر , فهذا الذكر هو ما يستحق ان تجتمع عليه الأمة , وتتوحد عليه , وتعيد رشدها على اساسه , وتصلح أخطاءها باعتباره , وتتوب وتستغفر من إغفاله وإهماله .
فهو النجاة من الهزيمة , وهو الفرجة بعد الشدائد , وهو السبيل المضىء الى النصر .