التربية على تعظيم الشعائر
11 ربيع الثاني 1437
د. خالد رُوشه

كما ينشأ الأبناء يعتادون , وأرسخ المبادىء في نفوسهم هي تلك التي تعلموها منذ الصغر , تعلما صحيحا حكيما , فأحبوها , وتشربوها , فنقشت في قلوبهم وعقولهم .

 

 

وأهم ما ينبغي أن نزرعه في قلوب الأبناء تعظيم الحرمات والشعائر , فيخرج الأبناء رافعين قدرها , ساعين إلى توقيرها , محرمين الإساءة إليها , مستنكرين على كل من سعى للتقليل منها أو الانتقاص .

 

 

وأول ما ينبغي أن نبثه في الأبناء ههنا , هو مفهوم القلب المؤمن السليم , الذي يسعى دائما للقرب ن ربه , فيطهر نفسه ن الشبهات العقائدية , والشهوات النفسية , فإن القلب إذا صار سليما صار مائلا إلى حب الله سبحانه , وحب شعائره , وتعظيم حرماته .
وبناء القلوب الصغيرة على أن تصبح سليمة , يعتمد على بث العقيدة الصحيحة النقية فيها , عبر المواقف التطبيقية العملية , ع دوام التوجيه والنصح والتعليم , وذكر القصص الصالح , وبيان الثواب والعقاب , ومخاطبة العقل والإقناع بالمعاني , وتكرار المفاهيم وغير ذلك .

 

 

كذلك متابعة تشرب القلب لتعظيم الشعائر , وعلامته تظهر في السلوك وعلى اللسان , ومن علاماته توقيرها , وحسن الحديث عنها , والتألم لانتقاصها , والحرص عليها , و صيانتها , والتعاون والمشاركة في الذب عن الحرمات , والرد على منتقصيها , والمشاركة في اتخاذ الوسائل لعدم تكرار ذلك .

 

 

 

وإذا أردنا إنبات تعظيم الحرمات في قلوب أبنائنا فيجب أن نهتم بمسائل الإيمان , وتعليمهم إياها من الصغر , وبث معاني توقير الله سبحانه , وتعظيمه , وتدريسهم الاسماء الحسنى ومقتضاها , وترسيخ معاني الإيمان بعظمته سبحانه وقوته , وقيوميته , سواء أكان ذلك بالحديث عن صفاته سبحانه , أو الحديث عن خلقه عز وجل وآياته  أو بالحديث عن إعجاز كتابه أو غير ذلك , أو بكثرة ذكره عز وجل , أو باللجوء إليه والدعاء له والتبتل على بابه وغير ذلك مما سبق بسطه , ولنا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس أنموذجا واضحا .." ياغلام : إحفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك .." الترمذي .

 

 

 

ويهمنا - بصورة منهجية - أن نفرد لتدبر الحكم والمعاني العبودية في الشعائر , وتدريسها , وبيان الإعجاز فيها , ومواطن الأثر الإيماني فيها جانبا مهما من مناهجنا التربوية , فلا تقتصر الدراسة على المعاني الفقهية بل تهتم بذلك الجانب بصورة اساسية ايضا .

 

 

 

كذلك فإن ظهور التعظيم للشعائر والحرمات على سلوك المربي ذاته من أول الخطوات وأهمها , فالقدوة هنا لها اثر كبير للغاية في تاثر الأبناء والمتعلمين , ويجب ههنا أن يرى الابناء من مربيهم علامات تعظيمها وحبها والحرص عليها , والرغبة فيها , والتأثر عند تجاوزها أو الإساءة إليها , و تكرار الحديث عنها بشوق ورغبة ومحبة , والدعوة إليها , وبيان عظمتها , والبذل والعطاء في سبيلها , وأن يكون ذلك سلوكا أصيلا منه , وليس عارضا , وليس كرد فعل مؤقت .

 

 

 

والحديث المفهم المقنع المتكرر عن خشية الله سبحانه , والتخويف من الاستهانة بشعائره وحرماته , وتدبر الآيات والأحاديث الدالة على هذا التخويف والتعظيم , هي الأخرى خطوة مؤثرة , تنبت معنى التوقير والإجلال لتلك الشعائر .

 

 

 

كذلك فالتربية المنهجية على التعظيم للحرمات مع التحذير من الاستهانة بها , مع اختيار المناهج التي يصب مفهومها في ذلك , ويرجى ههنا أن تكون المناهج تطبيقية مع الواقع , ومماسة له , وواصفة طرائق التعامل معه , مع تحذيرها من طرق الانحراف وسبله .

 

 

والتعرف على المناهج المنحرفة , والتحذير منها , وبيان مواطن انحرافها , خصوصا تلك التي تسخر من الشعائر وتنتهك الحرمات , يأتي كضرورة ملحة في هذا المجال , بحيث يعلم الابناء من أيت يؤتون , وما خلفية تلك الهجمات على مقدساتهم , وليروا الرؤية بصورة صحيحة عميقة غير مجتزأة .

 

 

 

كذلك من المهم نشر ثقافة الأدب مع الحرمات , واستغلال وسائل الإعلام المختلفة في ذلك , وعقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والفعاليات المختلفة للحديث عنها والتحذير من انتقاصها .