15 شعبان 1437

السؤال

لي زوجتان.. تزوجت الأولي وهي معي هنا بدولة قطر.. وتزوجت الثانية حديثا ولا أستطيع أن أوفر لها سكنا معي في قطر لظروفي المالية، ولأن القانون القطري لا يسمح بأن تكون معك وعلى كفالتك زوجتان.
لذلك أقابل الثانية عند الإجازة السنوية.. وأحيانا إذا تمكنت من الحصول على فرصة زيارة تأتيني في زيارة لمدة شهر أو أسبوعين.
أخاف أن لا أكون عادلا بين الزوجتين! فأفيدوني ماذا أفعل؟ وما هو العدل في مثل حالتي؟

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي في موقع المسلم، وفقك الله وسددك.. وأصلح لك شأنك كله!
مشكلتك تتمثل في:
عدم تمكنك من توفير إقامة زوجتيك معك في بلد الغربة (قطر) بسبب عدم سماح أنظمة الدولة بإقامة زوجتين معك.. وكذلك لظروفك المالية.
وللإجابة عليك شقان شق في التوجيه السلوكي والتربوي وشق في الجانب العلمي الشرعي:
أخي الكريم..
أسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على هذا الحرص الطيب في استشعار العدل بين الزوجتين، والمشاورة في هذه الحال التي تخرج عن إرادتك.
كما أسأله سبحانه أن يزيدك توفيقا؛ حيث تقارب وتسدد بحسب ما يتيسر لك من زيارة للزوجة الثانية، إضافة للإجازة السنوية.
لكن – أخي – إذا نظرنا للأمر بمفهوم العدل الحقيقي الكامل في هذه الحالة بكل اعتباراتها.. لا نجد ما يبرر تخصيص الزوجة الأولى بالإقامة معك، والاكتفاء للأخرى بالإجازة السنوية وما يتيسر من زيارات متفرقة.
بل الواجب عليك – أخي - أن تعدل بينهما في الإقامة على حد سواء؛ بأن يكون لكل منهما ستة أشهر إقامة حيث تقسم السنة بينهما؛ إضافة إلى تقليل فترة الغياب عن كل منهما.
وقد روي عن الخليفة الراشد عمر أنه سأل ابنته حفصة (رضي الله عنهما): كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر. فوقَّتَ للناس في مغازيهم ستة أشهر؛ يسيرون شهرا ويقيمون أربعة ويسيرون شهرا راجعين. كما جاء ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله حيث سئل: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ فقال: يروى ستة أشهر.
وقال بعض أهل العلم إن ذلك من الأمور الاجتهادية التي لم يرد فيها نص صريح فهي تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال.
وأنت تعلم الأثر التربوي السلبي الذي يتركه بعدك عن هذه الزوجة الضعيفة وابنائها، وما يمكن أن يؤثره ذلك في نفسها وسلوكها..
كما أن الفتن في أزمنتنا الحالية ومظاهرها المنتشرة أشد من الأزمنة السابقة!
ومن ثم فمرجع ذلك إلى الزوجين فتتم المفاهمة بينك وبينهما بالمعروف على مدة معينة تعلم الزوجة تحملها للصبر فيها.
وبناء على ما يتم بينكم جميعا تضبط القسمة بين الزوجتين بالعدل في الإقامة والإجازة والزيارات.
وأما من الناحية الفقهية الشرعية، فلا أريد أن أخاطبك كأنك قادر وقد لا تكون قادراً، وربما تكون في حالة عجز أن تقسم الإقامة على الزوجتين، وفي هذه الحالة:
فهناك مشقة في النفقات والتكلفة تفوق احتمالك وتعجز عنها، فلك أن تصالح زوجتيك بأن تتنازل التي معك في السفر عن حقها إذا رجعت بلدك، وتتنازل كذلك عن حقها حال وجود تلك معك في السفر بزيارة أو نحوها، وفي المقابل ترضى الثانية ببقاء الأخرى معك حال سفرك، فإن اصطلحوا على هذا أو أمر آخر يرضيهما فخير.
إذا لم يصطلحوا أو يتراضوا على قسمة ما، فالواجب أن تقسم متى أمكنك ذلك، فإن كانتا معك قسمت بينهما، وإن تعذر وجود الأخرى عليك، أو غابت برضاها لم يكن لها قسم وجعلتها كله للتي معه، فإن كنت ببلدك فكذلك إما أن تكونا معك فيقسم لهما لأن القسم ممكن، أو تكون معك إحداهما برضى الأخرى فلا يلزمك قسم حينها.
وكون الواجب عليك أن تقسم متى تستطيع لا يعني أن التي تجحف بها قدرتك يلزمها الصبر إن لم ترض بل لها المطالبة بحقها أو المطالبة بفسخ النكاح، ولا تلام إن طلبت ذلك إلاّ إن دخلت فيه عن معرفة ورضا.