6 جمادى الثانية 1437

السؤال

الإخوة الأفاضل.. أنا صيدلي، أعمل بالسعودية، متزوج، وعمري (31) عاما، ورزقني الله بولد عمره (4) أعوام، وبنت عمرها عامان، وزوجتي تعمل في مصر موظفة طبيبة نساء، وتدرس ماجستير في نفس التخصص، وأنزل إليهم في السنة شهرا واحدا إجازة، وهم يأتون إلي شهرا واحدا في العام وقت تجديد الإقامة، وقد تعبنا من البعد بعضنا عن بعض.
زوجتي –الله يجزيها خيرا- متحملة تعب عملها، ومشقة عملها، وتربية الأولاد، والمذاكرة من أجل دراستها، وقد تعبنا من هذا الوضع، وأنا لي وظيفتي في مصر كصيدلي، وأنتم تعرفون الفرق في الراتب بين هنا وهناك، فالوضع هنا يسعني أن أدخر جزءا من مالي للمستقبل، وهناك يكاد يكون المرتب يكفينا.
فهل أنزل نهائيا، وأستقر مع زوجتي إلى أن تكمل دراستها، ونسافر معا؟ أم أنتظر هنا وحدي إلى أن تكمل دراستها وتأتي إلي؛ لكي تعمل هنا؛ لأنها لا تريد الجلوس في البيت، أم أجعلها تتوقف عن دراستها وتأتي لتستقر معي هنا، أم بم تشيرون علي؟ وجزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي في موقع المسلم، وفقك الله وسددك.. وأصلح لك شأنك كله!
مشكلتك تتمثل في:
بعدك عن أهلك؛ حيث تعمل في الغربة بينما زوجتك تدرس الماجستير وترعى الأولاد، واستشعاركم الضرر بهذا البعد.
أخي الكريم..
بارك الله فيك وزادك توفيقا في حرصك على جمع شملك بأهلك، وحسن تأملك في الأمر؛ فقد وضعت بنفسك يدا على الحل! حيث أوضحت ما يلي:
أولا: معاناتكم من هذا الوضع وعدم الالتقاء إلا مرتين في العام، لشهر واحد.
ثانيا: تأكيدك أن اغترابك ليس عن حاجة ملحة واضطرار.. ولكن تحسين وادخار!
ثالثا: رغبة زوجتك في إتمام دراستها العليا وعدم الجلوس في البيت قبل الانتهاء منها؛ مع أن هذا ليس بمبرر وحده لاغترابكم بعضكم عن بعض، ولكن يضاف لبقية الاعتبارات الأهم والأقوى، ومن باب إكرام هذه الزوجة التي تثني عليها وعلى قيامها برعاية الصغار مع دراستها.
أخي الكريم:
بالنظر لما سبق.. أرى ترجيح نزولك لبلادك وزوجتك وأولادك، والبقاء هناك حتى تنتهي زوجتك من دراستها؛ فتكون عونا لها ومعها في رعاية أولادكم؛ فالحال أنكم لستم بحاجة ماسة لهذا الاغتراب الآن، كما أنكم في معاناة بسببه!
وثق أخي أنك مأجور بهذه النية الطيبة وإيثارك مرضاة ربك؛ في جمع شملك ورعاية أهلك، وأبشر من الله بالعوض عما قد يفوتك مؤقتا من المال.
فالبعد عن الزوجة يكتنفه الهم والنكد، والمعاناة التي قد ذكرت بعضها، فضلا عن ضعف المرأة في مواجهة أعباء الحياة، وما يمكن أن تلاقيه بوحدتها من أناس قد لا يخشون ربهم.
والله سبحانه قد كتب مقادير الخلائق وأرزاقهم، وأمرنا بالتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب، وعملك في بلدك هو نوع من الأخذ بالأسباب فاطمئن على رزقك ومستقبلك وأولادك.
ثم إذا استقرت الأمور مستقبلا، وأتمت الزوجة دراستها، يكون سفركم جميعا لمصلحة تأمين مستقبلكم، لا سيما والزوجة الكريمة ستكون لها فرصة طيبة في مجالها المبارك الذي تحتاج إليه بنات جنسها؛ فيكون لعملكم وقتها حظ أوفر من تأمين المستقبل وادخار ما يلزم.
هذا مع ما لا يخفى عليكما حينئذ من الموازنة بين ذلك وبين رعاية الأولاد حق الرعاية؛ فليس ذلك بأهون من تأمين مستقبلهم، بل هو الأهم والأجدر بالعناية.
وفقك الله وأصلح لك أهلك وشأنكم كله وجمع بينكم على خير.