معاناة المرأة بعد سن الأربعين ..
9 جمادى الثانية 1437
أميمة الجابر

لا تبالي المرأة من كثرة العمل عندما تعمل لتسعد من تحب , ومهما اثقلها التعب طوال اليوم تظل تقدم جهدها بلا ملل , فهي تعطي بلا مقابل , عطاء متواصلا , وحنانا لا ينقطع وهبها الله تعالى إياه ..

 

 

لكن هناك شيء لا يدركه من حولها سواء أكان الزوج أو الأبناء , شىء يحدث مع تقدم العمر هو ما نريد أن نتحدث عنه في هذه المقالة ..

 

 

 

يقول الأطباء أن المرأة في نهاية سن الأربعين وقرابة سن الخمسين يقل عندها هرمون الإستروجين هذا الهرمون الذي يلعب دورا أساسيا في الحفاظ على حيوية ونشاط المرأة , يحميها من أمراض القلب , وهشاشة العظام وبعض التغيرات الأخرى , المقلقة والمثيرة للضيق .

 

 

فهي في بداية زواجها تكون في غاية النشاط والحركة , ولكن الأمر يختلف تدريجيا , حيث أنها قد تنهزم صحيا وهو أمر وارد , فخطواتها السريعة بدأت تبطىء , وظهرها المستقيم بدأ في الاسترخاء , حتى بصرها الحاد صار مشوشا , وخصلات الشيب لمعت في رأسها .

 

 

ورغم كل تلك التراجعات الصحية لا تحاول المرأة أن تظهر أمام زوجها وأولادها أن كفاءتها في العطاء والعمل قد قلت !

 

 

إنها لا تستسلم , بل تظل تعطي وتقدم خدماتها وهي تعاني ما تعاني , الكل لا يلتفت إليها , ولا ينتبه لها , بل وأحيانا يُحملوها ما لا تطيق من أعباء !

 

 

 فتقل نضارتها , وتبدأ تراودها الظنون والهواجس , كيف سيكون شكلي بعد سن الخمسين ؟ , كيف أحافظ على نضارتي التي بدأت في الرحيل ؟ , ماذا أفعل لأظل موضع اهتمام زوجي ؟  وغيرها من الاسئلة ..

 

 

بعض الأزواج طلباتهم في أول الزواج لا تقل عن بعده بسنين طويلة يل قد تزيد ! 

 

 

 فلم يشعر ذلك الزوج ان زوجته قد تقدم بها العمر مثلما تقدم به  , ومثلما هو يتألم ويأخذ القسط من الراحة , فهي ايضا تتألم , وتحتاج لتلك الراحة , هذه الراحة التي تستطيع أن تمد بها نشاطها لتكمل مسيرتها .

 

 

إنها تحتاج ساعتئذ إلى كلمة دعم نفسي , ونظرة تقدير , ويد معونة كي تسترد حيويتها .

 

 

لكن للأسف فإنها عندما يظهر عليها بعض أعراض الوهن والشيب , يقوم بعض الأزواج بالتقريع والتوبيخ لها , واستقلال جهدها , والتلويح بالكلمات السلبية , كلمات قد تكون صغيرة ولكنها محبطة .

 

 

يوضح علماء النفس أن المرأة في هذا العمر – عمر ما بعد الأربعين وما يليه - , يغلب عليها الشعور بالغضب وسرعة التأثر والحدة , وأحيانا تصاب بالاكتئاب والحزن والإحباط , ولا شك أن كل هذه الأمور تؤثر على دورها داخل أسرتها , اضافة الى موقف الزوج وكلماته اللاذعة التي تزيدها ضيقا على ضيق .

 

 

كيف ينسى هذا الزوج دورها وتعبها طوال السنين ولماذا لا يتذكر قوله تعالى :" ولا تنسوا الفضل بينكم " , وقول النبي صلى الله عليه وسلم " استوصوا بالنساء خيرا " ؟!

 

 

إنها في هذا الوقت تحتاج إلى رعاية ومودة وتقدير بشكل مضاعف , وللأسف فإن الكثيرات يفتقدن ذلك حتى في ساعات الإرهاق والمرض والتعب  !

 

 

هذا ولاشك يؤدي لجفاف العلاقة بين الزوجين في هذه الفترة , فتقل بينهما الحوارات والكلمات الطيبة , وتتباعد المسافات , فيظهر الفتور والملل بينهما , ويشعر كل طرف تجاه الآخر بالإحباط .

 

 

ويبدأ كل منهما ينظر للآخر بنظرة الريبة وعدم الرضا , فيتحول البيت الى مصدر للمشاكل والتوتر , وقد يؤدي هذا إلى ما يسمى ( بالطلاق النفسي ) وهذا ما وضحه بعض علماء التربية في غيرما بحث تطبيقي .

 

 

وحتى لا أظلم الأزواج كلهم , فهناك منهم من لا زالوا يتصفون بالوفاء رغم مرور السنين , وهناك زيادة في الارتباط بينهم بعد الكبر , وغالبا يكون ذلك لحسن اختيار صاحب الدين الذي لا يظلم زوجته ولا يهينها عند كبرها , وايضا اختيار لصاحبة الدين والخلق التي لا تمل من زوجها ولا تنزعج منه بعد كبره , فدائما يكون شعارهما التسامح فيما بينهما في هذه الفترة مع عدم خلق المشاكل وتتبع العثرات , بل يمد كل منهما مع الآخر جسور السعادة داخل البيت ( هذا المقال وأمثاله يهدف لزيادة اعداد هؤلاء الأزواج الأوفياء )

 

 

أما لو تحدثنا عن الأبناء فقد تعاني بعض الأمهات عند كبرهن من ابنائهن خاصة أن بعضهم قد يتجرؤون على امهاتهم في السلوك , ويقل تقديرهم لهن , ربما لضعفهن بعض الشيء ..

 

 

البعض الآخر من الأبناء شعروا انهم كبروا وبدؤوا الاستغناء عن الأم , فلا يعودون اليها إلا إن كانوا محتاجين مصلحة ما منها , او طلب خدمة , فتبدأ الروابط في الانهيار , وتشعر الأم بآلام الوحدة رغم وجودهم من حولها  ..

 

 

ماذا لو عبر كل منهم بشيء ولو قليل من الاهتمام ؟ اولا يتذكرون قول الله تعالي " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما , واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " .