27 جمادى الأول 1438

السؤال

معظم النساء في بلدي يلبسن لباسا ضيقا و التبرج ظاهرة كبيرة فلا تمشي في الشارع حتى تمر بك مئات الكاسيات العاريات فهل ذلك من نواقض الوضوء فعلي تجديده؟

أجاب عنها:
إبراهيم الأزرق

الجواب

الحمد لله وبعد، فما ذكرته بلاء طغى في أكثر بلاد الله، والله أسأل أن يتوب على المسلمين والمسلمات، وأن يصلح أحوالهم جميعا، وقد ثبت في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا  يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

 

وقد اشتمل الحديث على وصف الظلمة الذين يؤذون الناس بغير حق، ووصف المتبرجات، وتبرجهن ظلم وأذى من جنس آخر غير الأول! وفِي الحديث وعيد شديد لهن يدل على أن تبرجهن الموصوف من الكبائر، وكل جملة مذكورة في وصف أولئك النساء في الحديث موجبة للإثم والذم ولو انفردت.

 

والواجب على المسلمة أن تتقي الله وتلتزم بالحجاب كما أمر الله تعالى حيث قال: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) [الأحزاب:٥٩]، والجلباب اسم لما يجلل جميع بدن المرأة، ومن شرطه أن يكون واسعا بدلالة حديث أبي هريرة رضي الله عنه المذكور وغيره.

 

ومع ذلك فالواجب على الرجال غض البصر عن النساء الأجنبيات، كما قال الله عز وجل:(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) [النور:٣٠]، وثبت في الصحيحين أن من حق الطريق: غض البصر، وفي صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري، وقال لعلي رضي الله عنه كما في السنن: "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الثانية"، فالشريعة تأتي في تشريعاتها بالواجب الذي يدرء الفتنة من نحو الأمر بالحجاب ومنع النساء من الخروج لغير مصلحة، وتجيء أيضا بالاحترازات، لعلمها بحاجات الناس وبطبيعة بعض النفوس وأسباب مخالفتها إما عمدا أو خطأ، جهلا أو تفريطا، لعذر أو لغير عذر!

 

فالواجب على الرجال في المجتمعات التي تكثر فيها مخالفة النساء بالخروج متبرجات الواجب عليهم غض البصر، فتبرج المرأة ليس مبيحا لتقصد النظر إليها! ولو أعرض الرجال عن المتبرجات لحد ذلك منهن ولما وجد أكثرهن من يتبرجن له!

 

وختاما إخالك قد علمت أخي الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد في حديث وعيد الكاسيات العاريات من يراهن إلى الوضوء، ولا جاء في الكتاب أو السنة ما يفيد أن رؤية المتبرجات، الكاسيات العاريات، ناقضة للوضوء.

 

لكن من المقرر أن خروج شيء من السبيلين ناقض للوضوء، ومن ذلك المذي ومثله الودي كما في حديث علي رضي الله عنه، في الصحيحين لما سأل عن المذي قال: "يغسل ذكره ويتوضأ"، فمن حرّكت فيه الرؤية شهوة فأمذى أو تيقن خروج شيء فعليه الوضوء مع غسل المحل ونضح موضعه من الثياب بالماء نضحاً يسيرا إن تعدى إليه.. وإلا فلا شيء عليه ومتى شك فالأصل أنه على طهارته ولا شيء عليه، ولا يجب أن يتكلف فيكشف عن ثيابه وينظر.

 

أسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يرزق نساءنا العفاف والحشمة، والتزام الحجاب والأدب، والله الهادي وهو ولي التوفيق.