أعمال القلوب واثرها في حياة المؤمن والمربي (6) امراض القلوب
13 رجب 1438
عبد الله العنزي

الناس في أمراض القلوب أصناف:

1-    صنف معافى من أمراض القلوب، ولكنه حذر كل الحذر أن يصاب بشيء من هذه الأمراض القلبية، وكثيراً ما يدعو بهذا الدعاء العظيم (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) (1).

 

2-    صنف يعلم من نفسه أنه مريض بأحد أدواء القلوب، ولكنه يسعى جاهداً لأن يتخلص من هذا المرض، ويدعو الله جل وعلا صادقاً من قلبه أن يعافيه من أمراضه الباطنة؛ فحريٌّ بمن هذا حاله أن يعافيه الله ويلطف به.

 

3-    صنف مريض بأحد أمراض القلوب، ولكنه لا يحب أن يصارح نفسه بذلك، بل يحاول أن يتجاهل هذا المرض القلبي كلما بدا له من حين لآخر، بل ويُعدُّ ذلك من وسواس الشيطان، وهذا من إهمال النفس ونسيانها، عافانا الله وإياكم.

 

4-    صنف هو أخطر الأصناف وهو من يلبس على نفسه ومن حوله، فيُسمي بعض الأمراض القلبية بغير اسمها الصحيح، فالكبر عنده "عزة نفس"، والرياء والسمعة "وأما بنعمة ربك فحدث"، والحسد حق من حقوقه، فإذا حسد شخصاً بين عيوبه، وإنه أحق بهذا الأمر منه، كما قالت بنو إسرائيل عن طالوت {وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ}، وغير ذلك من المسميات التي يلبس بها الحق بالباطل.

 

وأمراض القلوب قسمان هما:

1-    من أمراض القلوب ما تخرج صاحبها من دائرة الإسلام والإيمان إلى دائرة الكفر والنفاق، وذلك إذا كانت سبباً في ذهاب أصل الإيمان من القلب.

 

2-    ومنها ما يضعف الإيمان في القلب مع بقاء أصله، فإن صاحبه ما يزال في دائرة الإسلام، ولكنه مريض القلب بحسب المرض الذي في قلبه.

 

وأمراض القلوب لها خطر على صاحبها في الدنيا والآخرة.

أما في الدنيا فإن لها جذوراً في القلب تمد الأعمال الظاهرة الخبيثة وتغذيها بالسوء، وتؤزها إلى الشر أزاً فهي أصلها وأساسها، فمن أراد التخلص من المعاصي الظاهرة وأن لا يعود لها أبداً – بإذن الله تعالى – فليتب من الذنوب الظاهرة، وليتب – كذلك – من أمراض القلوب التي تمدها بالسوء، وليقلعها من جذورها في قلبه لئلا يعود لها – بعون الله تعالى – أبداً.

وأما في الآخرة فإن كانت تلك الأمراض القلبية قد أذهبت أصل الإيمان في قلبه، فصاحبه كافر خالد مخلد في النار.

 

وإن كانت أضعفت الإيمان مع بقاء أصله فهو تحت المشيئة، إن شاء الله غفر الله وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه ومرض قلبه ثم يخرج من النار طاهراً نقياً ثم يدخل الجنة.

 

قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة:41].

 

يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى – عن هذه الآية: (دلت الآية على أن من لم يُطهِّر الله قلبه فلا بد أن يناله الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة، بحسب نجاسة قلبه وخبثه، ولهذا حرم الله سبحانه الجنة على من في قلبه نجاسة وخبث ولا يدخلها إلا بعد طيبه وطُهره، فإنها دار الطيبين، ولهذا يقال لهم: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر:73]، أي ادخلوها بسبب طيبكم، والبشارة عند الموت لهؤلاء دون غيرهم، كما قال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل:32]، فالجنة لا يدخلها خبيث، ولا من فيه شيء من خبث...) (2).

بعض أعمال القلوب:
·    الإخلاص ،  المحبة. ،  الخوف ،  الرجاء ،  الصبر ،  اليقين ،  التضرع ،  الافتقار ،  الخشوع.
---------------------
(1) رواه الترمذي رقم (2140)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (7987).
(2) إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان (1/94-95)، طبعة دار عالم الفوائد.