20 صفر 1439

السؤال

أنا متزوجة من شخص منذ فترة وكانت حياتنا عادية، لكنني أحببت شخصاً آخر، ولا أستطيع أن أتطلق، عمري قرابة العشرين، فإخواني إذا اشتكيت لهم يرفضون الطلاق وقالوا لن نهتم بك إذا تم الطلاق، فأنا أكره زوجي، وأريد الطلاق منه، مع العلم أنني لا أستطيع أن أتزوج الآخر، وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أبتعد عنه، ماذا أفعل؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الأخت السائلة:

كان من الممكن أن أتفهم سؤالك لو كنت في بداية القبول والعقد وغيره، أو حتى في بداية أيام الزواج، فشعرت بكراهية ونفور من زوجك، فطلبت الفراق منه لأسباب مقبولة شرعاً وعرفاً، أما وأنك قد تزوجت منذ فترة طويلة واستقر زواجك، لكنك نظرت لرجل آخر، وقامت بينكما علاقة ارتباط فعندئذ قد وقعت في الإثم بكل معنى.

والحقيقة أني قد فجعت من سؤالك، واقشعرت نفسي، لمّا رأيت أن امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تخون زوجها في نفسها، تسكن في بيته، وتأكل طعامه، وتعيش في كنفه، ثم تسمح لنفسها أن يميل قلبها لرجل آخر..

فكيف سمحت لنفسك بهذا؟ وما هي الخطوات التي سولها لك الشيطان لتقعي في هذا الشراك البائس؟ وماذا فعل لك زوجك حتى تستحلي ذلك بعدما وافقت للزواج منه راضية مختارة؟!

إن هذا يا أيتها الأخت ليصدق عليه معنى خيانة الأمانة التي أمنك عليها زوجك..

ثم هذا الشخص الذي سمح لنفسه أن يقتحم بيتاً، ويبث سمومه فيه، فيفسد امرأة على زوجها، ألا يتقي الله في بيوت المؤمنين؟!.. يقول صلى الله عليه وسلم: "ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها أو عبدًا على سيده" رواه أبو داود ومعنى خبب: أي أفسد.

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، فكيف بمن يريد تطليق امرأة من زوجها؟! فلا شك أن هذا الفعل من أعظم المحرمات، بل ومن أعظم أفعال الشياطين.

ففي صحيح مسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرَّقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت، فيلتزمه.

لقد نصحَنَا نبيُّنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالزواج المبكر وقال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج" فكان في نصحه إحصان للشباب من فتن هذا الزمان مع الاستقرار النفسي والسكون والالتفات للجدية في العمل وغيره من فضائل.

فكثير من الأسر كانوا يفضلون الإسراع بزواج الفتيات في سن مبكر، على الرغم أن الفتاة في الزمن الماضي كانت معزولة إلي درجة كبيرة، فإذا خرجت يكون لحاجة ولا تخرج إلا مع محرم، أما الآن فهي تخرج وتختلط بالجامعات والمواصلات والعمل، ولا حارس عليها إلا دينها وما تربت عليه منذ الصغر من خلق ومبادئ.

الابنة السائلة:

راح من بالك هذه الفضائل من نعمة الزواج المبكر، وفرحت فقط بمسمى الزواج فقبلت به، وسعدت بالهدايا التي قدمها إليك وتخيلت أن الحياة ستظل وردية على طول الزمان، ولم يخطر ببالك أيضا أنه كما يوجد سعادة في الدنيا لا بد من وجود تعب وعناء ومشقة وخلافات وغيره..

فربما وجدت من زوجك بعض الأمور التي تحزنك منه لكن ليس معنى ذلك أن ينقلب تقبلك له إلى كره، فربما كرهت منه سلوكا، أو صفة، لكن ليس معنى ذلك أن تكرهيه.

فإذا كنت قد رأيت من عيوبه، فأنت كذلك ولا شك فيك عيوب أكثر، لكن الإنسان دائما لا يرى عيوبه، وقد حذرك إخوانك من طلب الطلاق بتهديدهم لك أنهم لن يهتموا بك، وبالطبع لرؤيتهم أن ضرره أكثر وهم أدرى منك بالحياة وأخبر؟

فلماذا لا تنظرين لزوجك نظرة أخرى، وتحاولين أن تتذكري أعماله الطيبة معك، وإذا كنت غاضبة من شيء فيه، فصارحيه، وحاولي التفاهم لكي يغير نفسه بأسلوب طيب، وأعط له فرصة ثانية وثالثة، فالطلاق ليس بتلك البساطة التي تتحدثين بها..

اتقي الله يا ابنتي، وتوبي إلى الله سبحانه، وابعدي واقطعي واتركي شيطان الإنس هذا الذي تتحدثين عنه، واستعيني بالله في التقرب لزوجك، لعل الله أن يذهب الشيطان من بينكما ويقضي قضاء خير لكما.

وإياك أن تتخذي أي قرار وأنت غاضبة واستعيذي من الشيطان - لعنه الله - فهو يريد فساد حياتك والتفرقة بينك وبين زوجك وحاولي التقرب إلى الله بالاستغفار والدعاء المتواصل..