
بحلول نهاية الموسم الدراسي تفضل المزيد من العائلات الجزائرية إرسال أبنائها إلى مدارس تعليم القرآن التي تسمى "المحاضر" أو "الزوايا"، من أجل حفظ ما أمكن منه، وهي ممارسة في كل صيف تحوّلت إلى تقليد في بعض مناطق البلاد.
وفي الأرياف والصحراء الجزائرية وحتى المدن الكبرى، تنتشر بقوة هذه الظاهرة حيث تُفضل أغلب الأسر تسجيل أبنائها في الكتاتيب أو الزوايا من أجل تعلّم القرآن مع بداية عطلة الصيف السنوية.
وحافظت هذه الزوايا والكتاتيب على الهوية العربية الإسلامية للجزائر في مواجهة محاولات التنصير التي قامت بها فرنسا أثناء احتلالها للبلاد.
ويقول أمين عوالي، مدرس قرآن وإمام مسجد من مدينة "بسكرة" (550 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائرية): "نستقبل في كل صيف في المدرسة القرآنية الملحقة بمسجد علي بن أبي طالب في بسكرة ما لا يقل عن 300 تلميذ أعمارهم تتراوح بين 6 و14 عامًا ..".
وأشار إلى أنه "في شهر سبتمبر/أيلول من كل سنة تنظّم المدرسة القرآنية الملحقة بمسجد علي بن أبي طالب حفلا كبيرًا لاستظهار ما حفظه التلاميذ من كتاب الله".
والمدارس القرآنية ملحقات أو مراكز تابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، تقع داخل المساجد أو بمحيطها، يتم بناؤها على أراضٍ وقفية، ويعمل بها معلمون حفظة للقرآن.
ويبلغ عدد المدارس القرآنية في الجزائر حسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لوزارة الشؤون الدينية؛ 2360 مدرسة، موزّعة على 48 محافظة بالبلاد، تشهد إقبالا واسعًا من التلاميذ.
ويقول أستاذ التاريخ محمد بن دراق، إن "بعض كتاتيب القرآن في الجزائر تحتفظ بنفس التقاليد المتبعة التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 7 قرون، ومنها إجازة الختمة التي يحصل بعدها طالب العلم الذي يختم القرآن أو بعض أجزائه على هدايا من سكان القرية والحي أو المصلين في الزاوية أو المسجد".
وأضاف: "لقد لعبت كتاتيب حفظ القرآن دورًا حاسما في الحفاظ على الهوية الإسلامية للشعب الجزائري ويجب أن نتذكر هنا مرحلة الاستعمار الفرنسي للجزائر، التي دامت 132 سنة وقبلها الاستعمار الإسباني لمدينة وهران وبعض المناطق القريبة منها، وبرغم هذا بقي 97% من الشعب الجزائري على دين الإسلام".