أنت هنا

30 ذو القعدة 1438
المسلم ــ متابعات

حذر "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، من الخطوات التي تعتزم إيطاليا اتخاذها تجاه قضية طالبي اللجوء والمهاجرين القادمين من ليبيا إلى دول الاتحاد الأوروبي، معتبرا أنها "غير أخلاقية وتمثل محاولة للتنصل من المسؤولية بشكل يتعارض مع القانون الدولي".

 

وأوضح المرصد، الذي يتخذ من جنيف مقراً له، في بيان صحفي اليوم، أن الحكومة الإيطالية أعلنت مؤخرا عزمها إرسال قوات بحرية إلى ليبيا للمساهمة في الحد من تدفق الهجرة وذلك بعد مصادقة مجلس النواب الإيطالي على الاتفاقية التي وُقعت بين روما وحكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة "فايز السراج".

 

ونوّه المرصد إلى أن "هذه الاتفاقية وإن بدت شرعية للوهلة الأولى، حيث تستهدف التصدي لمهربي البشر، إلا أنها ستؤثر بشكل مباشر على طالبي اللجوء الذين ينوون الهروب من الاضطهاد وسوء المعاملة وتأثيرات النزاع المسلح الدائر في ليبيا والوصول إلى الدول الأوروبية لطلب اللجوء والحماية فيها".

 

وأشار إلى أن الإجراءات الإيطالية الجديدة من شأنها التخلي عن المسؤولية إزاء هؤلاء وتصدير المسؤولية إلى طرف واحد في بلد تمزقه الصراعات ويواجه فيه المدنيون انتهاكات مروعة.

 

وقال إحسان عادل، المستشار القانوني لشؤون اللاجئين في المرصد: "إن عمل هذه البعثة لن يفرّق بين طالب لجوء ومهاجر، لأن عملها وطبيعتها أمنية بالدرجة الأولى ولن يكون بمقدورها فحص كل حالة على حدة. ومع حالة كهذه، سيكون طالبو اللجوء هم الضحية الأولى".

 

وأضاف عادل: "المشكلة التي لم تتعلم منها إيطاليا والدول الأوروبية الأخرى أن طالبي اللجوء سيبحثون دائماً عن منفذ في ظل الأوضاع التي تعانيها بلادهم. وهذا يعني أنهم سيلجؤون لحيل جديدة ومهربين جدد وبالتالي علينا أن نتوقع زيادة في عدد الأشخاص الذين يلقون مصرعهم غرقاً وانتهاكاً متزايدا صحقوق طالبي اللجوء والمهاجرين على السواء".

 

على الصعيد ذاته، أشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن عدد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط في النصف الأول من عام 2017 بلغ 101.210 مهاجراً، قضى منهم 2247 غرقاً، وقد وصل إلى إيطاليا وحدها أكثر من 85 ألف مهاجر وطالب لجوء في المدة نفسها، غالبتيهم من دول افريقيا جنوب الصحراء بعدما أبحروا من شواطئ ليبيا.

 

كما أشار المرصد  إلى أن سياسات الاتحاد الأوروبي الجديدة تصب كافة جهودها لوقف قدوم طالبي اللجوء والمهاجرين إلى أوروبا أو التعاون مع خفر السواحل الليبي لمنع عبور القوارب واعتقال المهاجرين عليها، رغم معرفة دول الاتحاد بأنه يتم احتجاز المهاجرين في ليبيا لمدة طويلة داخل مراكز تنعدم فيها ضروريات الحياة وتنتهك فيها القيم الإنسانية، وأن عدداً كبيراً من طالبي اللجوء والمهاجرين هم أشخاص فروا من بلدانهم بسبب الصراعات المسلحة أو الفقر، مع تفهّم التفريق بين الدوافع.

 

واعتبر بيان المرصد أن عمليات منع القوارب التي تحمل طالبي اللجوء والمهاجرين وإجراءات إعادتهم إلى بلدانهم التي فروا منها بسبب الظروف القاهرة، أو التعاون مع السلطات الليبية لاحتجازهم في مراكز لاإنسانية وتشريع تلك الأفعال باتفاقيات ثنائية "يعبر عن تهرب وتنصل أوروبي تجاه القوانين والاتفاقيات الدولية والالتزامات الخاصة بدول الاتحاد المتعلقة بقضية المهاجرين وطالبي الحماية، ويجعل من دول الاتحاد الأوروبي طرفا أساسيا في وقوع المزيد من الغرقى داخل البحر والمزيد من الانتهاكات على الحدود وداخل ليبيا".

 

وذكر المرصد الحقوقي الأوروبي أن أي اتفاقية يجري توقيعها مع سلطات ليبيا لا يمكن اعتبارها مماثلة لاتفاقية الاتحاد الأوروبي مع تركيا ـ برغم التحفظات على تلك الاتفاقية ـ حيث لا تزال تركيا تسمح لمقرري ولجان حقوق الإنسان بزيارة مخيمات اللاجئين على أراضيها ويتوفر فيها الحد الأدنى للحياة الإنسانية، بعكس أجواء الصراع والعنف وشيوع انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا.

 

ولفت المرصد إلى أن قوانين الاتحاد الأوروبي تحظر على دول الاتحاد إرسال أي شخص إلى أي مكان قد يواجه فيه خطرا حقيقيا -كما هو الحال في ليبيا- في إطار مبدأ عدم الإعادة القسرية. كما أن القانون الدولي العرفي منع طرد اللاجئين أو إعادتهم إلى أوضاع تهدد حياتهم وحريتهم.

 

 

وفي ختام بيانه طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الاتحاد الأوروبي بضرورة بذل المزيد من الجهود لاحترام حقوق المهاجرين واللاجئين بصفته الوجهة التي ينطلق إليها طالبو اللجوء والمهاجرون والسعي لإيجاد قنوات آمنة لوصولهم وحمل عبء اللاجئين مع الدول الأخرى، وإلى إعطاء الأولوية الإنسانية والحقوقية الأولوية الأولى.