الاقصى .. حلقة جديدة من الالم
19 ربيع الأول 1439
د. خالد رُوشه

حلقة جديدة من الإيلام تجاه مقدساتنا ، لكنها هذه المرة موغلة في الألم ..

تلكم السلسلة التي بدات منذ سنين ، خطواتها تتبلور نحو تنحية الوجود والتقدير والاحترام لكل مقدس في الإسلام

 

ولست ههنا أكتب لمن هم لا يسشعرون بمعنى المقدس ولا بقيمته ، ولا لهؤلاء الذين يلونون مبادئهم كل يوم بلونٍ جديد يتآلف مع النفعية والمصلحة ، مهما كان الثمن من قيمهم ومبادئهم .

 

ولست كذلك أكتب لدعاة التحرر من عبودية الله سبحانه ومن الالتزام بهدي رسوله صلى الله عليه وسلم ..

 

أولئك الذين ما فتئوا يخدعون أنفسهم بمعاني الرقي والتقدم والحرية والتجرد ، ولم يهدؤوا يومًا في هجمتهم على الإسلام ووسمه بالإقصائية والتفرد.

 

إنما أكتب حسرة على صنفين من المسلمين:

أصحاب الرأي الذين أدمنوا أن تكون مواقفهم كلها عبارة عن ردود أفعال ضعيفة ، وارتضوا أن تكون خطواتهم عشوائية سطحية غير مرتبة ولا منسقة ولا سابقة، ناهيك عمن آثروا السكوت والخنوع، وأصابهم داء البكم والصمم!

 

وكذا الذين انشغلوا بمعاشهم وشئونهم الخاصة عن نصرة أقصاهم وهو ينتهك، ونصرة مقدساتهم وهي يعبث بها !

 

لماذا يجترئ العالم علينا نحن وعلى أقصانا ومقدساتنا ورموزنا المكرمة؟ لماذا دومًا نكون نحن الضعفاء في المشهد، ونكون دومًا أصحاب رد الفعل؟!

 

أي حرقة تنتابنا، أي ذلة تخيم علينا؟! أي انكسار ذاك الذي جنيناه ونحن نسمع ونشاهد.. نلملم أطراف الخيبة ونمسح دموعنا كفعل النساء؟!

 

ها نحن نخبئ رءوسنا من أبنائنا؛ مخافة أن يسألوننا: ماذا فعلتم نصرةً لأعلى قيمة وأرفع مبدأ؟.. وددنا لو سترنا وجوهنا وغيّرنا ملامحنا وتبرأنا من أسمائنا وعناويننا.

 

فيا أيها العالم، اشهد أننا بغير مبادئنا وقيمنا وشعائرنا ومقدساتنا فقراء كالجمادات، ضعفاء كأطفال رُضّع، ذاهلون كالعاجز عند غرغرة الموت.

 

إن التآلف مع المذلات فعل الرقيق الأذلاء، وقد خلقنا الله أحرارًا ثم زادنا الإسلام حرية على حرية، وخرجنا لنخرج العباد من عبادة المادة والمخلوقات إلى عبودية طاهرة نقية تملؤها الحرية، وترفرف عليها العزة والفخار.

 

لقد سرنا في طريق بدأه الأنبياء، فأي عزة هي عزتنا بديننا؟ وأي فخار هو فخارنا بنبينا صلى الله عليه وسلم؟ واي احترام نكنه لمساجدنا الثلاثة التي تشد اليها الرحال بينما نرفع شعارالحق فيها مؤذِّنين كل يوم على أعلى القمم..

 

فيا أيها العالم الأسير، لقد بَنَى لنا محمد صلى الله عليه وسلم صرح الحرية الحقيقية في صدورنا، وعلّمنا بناء المجد التليد على الثرى من حولنا.. فمهما بنيتم صروح العمارة لن تبلغوا شأو رفعة كوخ صلى فيه ذاك الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكيف بالمسرى الذي صلى فيه بشتى الانبياء الكرام ؟

 

كلما حاولت الكتابة تدافعت المشاعر والكلمات حتى تفيض، ويغص الحلق، وتغرورق العينان فلا أجد متنفسًا اذ شعور الضعف ينبت الالم  

 

لو أنصفت يا قلم لانكسرت، ولو أحسست يا ورق لاحترقت؛ لأن الكلمة الصالحة إن لم تقترن بالفعل الصالح فقد ولدت سفاحًا ! ، والطيب من الكلم اصله ثابت وفرعه في السماء ..

ونصرة العاجزين هي النواح، فمن منا يجرؤ على الادعاء بأن الدموع تجزي عن الصواب ؟ وأي خداع للنفس أن نلتمس البراءة بالبكاء..!