
رحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان اليوم الثلاثاء، 19 رمضان 1425هـ عن عمر يناهز الـ86 عاماً، بعد حكم لدولة الإمارات العربية المتحدة، استمر مدة 33 عاماً.
يعد الشيخ زايد، الحاكم الرابع عشر لإمارة أبو ظبي، والحاكم الأول لدولة الإمارات العربية المتحدة الحديثة، والتي تأسست خلال حكمه لإمارة أبو ظبي عام 1971م.
قبيلة بني ياس:
ينتمي الشيخ زايد إلى أسرة آل نهيان التي حكمت مناطق واسعة من جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، والتي تشمل دولة الإمارات العربية.
وتعاقب على حكم الإمارات العربية، آباء وأجداد الشيخ زايد، من قبلية بني ياس، التي خرجت منها أسرة آل نهيان ، والتي تعاقب زعماؤها على حكم الإمارات وتثبيت دعائم الدولة، ما ساعد في استتباب الأمن والاتجاه نحو تطوير البلاد، وتسخير الموارد الطبيعية والمالية فيها لإحداث نهضة عصرية، شهدتها معظم الإمارات العربية السبعة.
وترجع أول إشارة إلى بني ياس إلى عام 1633م في مخطوطة (كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة) للمؤرخ العماني سعيد بن سرحان، فقد أوردت المخطوطة أن بني ياس سارعوا إلى المشاركة في مناصرة أهل الظاهرة في الجهاد لطرد البرتغاليين من قلعة جلفار شمال رأس الخيمة.
وكان حلف بني ياس يمثل القوة البرية في المنطقة بزعامة آل بوفلاح، وقد أطلق عليه اسم حلف بني ياس على التجمع القبلي الذي كون هذا الحلف.
وقد تشكل هذا الحلف من مجموعة من القبائل بقيادة آل بوفلاح الذين خرجت منهم أسرة آل نهيان التي تولت الحكم منذ أكثر من مائتي عام
ولادة ونشأة الشيخ زايد:
ولد الشيخ زايد في واحة البريمي بأبو ظبي عام 1918م، خلال مدة حكم عمه الشيخ حمدان بن زايد.
وكان أصغر أبناء الشيخ سلطان بن زايد الذي تولى الحكم بعد أخيه الشيخ حمدان عام 1922م، واستمر حتى عام 1926م.
وقد سمي باسم جده الأكبر الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان، الذي كانت مدة حكمه أطول مدة في تاريخ إمارة أبو ظبي ،حيث حكمها بين عامي 1855 و1909م.
بعد وفاة والده الشيخ سلطان عام 1927م، تولي شقيقه الأكبر الشيخ شخبوط حكم أبو ظبي.
وخلال هذه المدة، انتقل الشيخ زايد إلى واحة العين، التي تبعد حوالي 160 كم عن أبو ظبي، حيث قضى فيها مدة شبابه و تلقى تعليمه هناك.
وفي بداية ثلاثينات القرن الماضي حضرت أولى شركات التنقيب عن النفط ، وعين الشيخ زايد حينها مرشداً لهذه الفرق في صحراء الإمارات.
ثم عين بعد ذلك حاكماً للعين عام 1946م .
في 6 أغسطس عام 1966م أصبح الشيخ زايد حاكماً لإمارة أبوظبي بعد تنازل شقيقه الشيخ شخبوط له عن الحكم.
توحيد الإمارات العربية:
عندما أعلنت بريطانيا عزمها على إنهاء وجودها العسكري في الخليج في يناير 1968م، كان الشيخ زايد أول من دعا إلى الوحدة.
وأدرك حينها أنه لكي تزدهر إمارة أبو ظبي، فلابد من تعاون القبائل المجاورة، لذا كانت أول خطوة يقوم بها إنهاء النزاعات الحدودية مع إمارة دبي ، حيث انتهي الأمر بتوقيع اتفاقية في 27 فبراير عام 1968م بتشكيل اتحاد من تسع إمارات (أبو ظبي، عجمان، دبي، الفجيرة، رأس الخيمة، الشارقة، وأم القوين، وقطر والبحرين )
إلا أن الاتفاقية لم تر النور، بسبب توجه كل من قطر والبحرين للاستقلال، ورفض إمارة رأس الخيمة الدخول في الاتحاد.
و في الثاني من دسيمبر عام 1971م شهد ظهور حقيقي لاتحاد من ست إمارات، هي: (أبو ظبي، عجمان، دبي، الفجيرة، الشارقة، أم القوين)، وعرف باسم الإمارات العربية المتحدة، وانتخب الشيخ زايد رئيساً للاتحاد، والشيخ راشد آل مكتوم نائباً للرئيس.
وقد انضمت رأس الخيمة بعد مدة وجيزة إلى الاتحاد الذي أعلن رسمياً في 11 فبراير عام 1972م.
ظل الشيخ زايد رئيساً لدولة الإمارات طوال هذه المدة، وازدهرت الدولة في عهده إلى حد كبير، حيث زاد عدد السكان من 250000 عام 1971م إلى حوالي 3.3 مليون نسمة عام 2001م، وازداد معه العمران والتقدم في كافة المجالات.
وتمكنت الإمارات خلال حكمه، التي يعتمد اقتصادها على النفط، من استغلال موارد هذه الثروة لتحديث البلاد وتوسيع عمرانها، وتحويلها إلى مركز لنشاطات عالمية في المجالات التجارية والسياحية والإعلامية وغيرها.
وشهدت الإمارات بفضل سياسته حالة استقرار متخطية تأثير أحداث كبرى في المنطقة أهمها الحرب العراقية الإيرانية، وغزو الكويت من قبل القوات العراقية، والحرب التي قامت إثره.
وفاته:
تدهورت صحة الشيخ زايد في السنوات الأخيرة، وتوالت رحلاته العلاجية، وأجريت له عملية جراحية بالعمود الفقري عام 1996م، وأخرى لزرع كلية عام 2000م .
وفي التاسع عشر من شهر رمضان المبارك سنة 1425هـ، الموافق لـ 2 نوفمبر 2004م، توفي الشيخ زايد عن عمر يناهز ال86 عاماً، بعد رحلة علاج إلى الخارج.