
تباينت ردود الأفعال حول تصريحات (الرئيس السوري) بشار الأسد يوم أمس السبت، والتي جاءت خلال كلمة لها أمام البرلمان السوري (مجلس الشعب).
ففي حين رحبت بعض الأوساط الشعبية بالخطاب السوري، أبدت العديد من الحكومات تحفظها على ما تضمنه الخطاب من عدم انسحاب كامل للقوات السورية.
وكان الرئيس السوري ألقى يوم أمس؛ كلمة له أمام مجلس الشعب السوري، بيّن خلالها، خطة سوريا وموقفها من سحب القوات السورية من لبنان. مستخدماً الدبلوماسية السورية المعهودة للتملص من الانسحاب الكامل، كما كانت تأمل واشنطن وباريس وتل أبيب والمعارضة اللبنانية.
وأكد الأسد أن قضية الوجود السوري هو شأن داخلي خاص باللبنانيين، وأن اللجنة المشتركة السورية اللبنانية؛ سوف تجتمع لتحديد خطة الانسحاب، وأن الانسحاب سيتم عبر مراحل، يقوم الجيش السوري خلالها بإعادة الانتشار شرقاً نحو الحدود السورية اللبنانية المشتركة، عبر ما وصفه الأسد "بانسحاب منظم وتدريجي".
من جهتهم، قال المسؤولون اللبنانيون يوم أمس السبت: " إن القيادتين السورية واللبنانية ستجتمعان يوم الاثنين المقبل لإقرار خطة سوريا لسحب قواتها من لبنان".
وفي أول رد فعل لها، اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن إعلان سوريا حول الانسجاب "غير كاف".
وقالت دارلا جوردان( المتحدثة باسم الوزارة الأمريكية) مساء أمس السبت: " إن إعلان سوريا سحب قواتها من لبنان تدريجياً لا يكفي".
حيث جاء الإعلان عكس ما كانت تأمله واشنطن، من سحب كامل وفوري للقوات السورية.
وكان بوش حاول قطع الطريق على أي إعلان سوري عن سحب تدريجي، حيث قال (الرئيس الأمريكي) جورج بوش قبل أقل من يوم من خطاب الأسد: " إن واشنطن وباريس تقصدان من الانسحاب السوري من لبنان، انسحاباً كاملاً وليس تدريجياً أو جزئياً".
من جهته، انتقد (نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي) شمعون بيريس الخطاب السوري، واصفاً إياه "بالتهرب" من المطالبة العالمية لها بالانسحاب التام.
وقال بيريس في تعقيب: " إن الخطاب الذي ألقاه (الرئيس السوري) بشار الأسد في دمشق "يشكل تهرباً لا استجابة" لقرار مجلس الأمن الدولي، الذي يدعو لخروج القوات السورية من لبنان.
فيما لم يصدر عن شارون تعليق فوري على تصريحات الأسد.
وعلى الرغم من انتقاده للخطة السورية، إلا أن بيرس قال: " إن الانسحاب السوري الكامل من لبنان قد يؤدي إلى محادثات سلام إسرائيلية مع بيروت".
وهو ما تخشاه دمشق، وتحاول منعه عبر وجود قواته في لبنان، وعدم تمكين بعض الأطراف اللبنانية المعارضة من تسلم الحكم.
وقال بيريس: "إذا سحبت سوريا قواتها من لبنان فمن الممكن حينئذ أن تبدأ (إسرائيل) محادثات مع لبنان، حيث إن (إسرائيل) ليس لديها خلافات مع لبنان سواء فيما يتعلق بالحدود أو المياه" !
أما (الزعيم الدرزي) وليد جنبلاط ، فقد اعتبر الخطاب السوري حول الانسحاب "إيجابياً" واعتبره آخرون "غير مقبول" و"ملتبساً".
فيما قال (الرئيس اللبناني) إميل لحود: " إن خطاب الأسد مجسداً لعمق العلاقة التاريخية والأخوية بين لبنان وسوريا".
وأشار إلى "أنه وضع النقاط على الحروف في مواجهة المزايدات التي تحاول الإساءة إلى سوريا وإلى العلاقة بين البلدين".
وأكد لحود "أن لبنان لن ينسى التضحيات التي قدمتها سوريا وجيشها لمنع التقسيم والتوطين كما أنه لن ينسى دعم سوريا لتوحيد الجيش السوري والمؤسسات الأمنية ومساهمتها المباشرة بالاستقرار الوطني وفي تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإٍسرائيلي".
وأشار إلى أن "ما يجمع بين لبنان وسوريا لا يمكن أن تفرقه المواقف الانفعالية الطارئة التي تتنافى مع منطق الجغرافيا والتاريخ الذي جمع دائماً بين البلدين والشعبين الشقيقين".
شعبياً، انقسم الشارع اللبناني بين مؤيد للقرار السوري الجديد، ومعارض له.
حيث انخرط مئات المتظاهرين اللبنانيين وهم يلوحون بأعلام بلادهم في أجواء الاحتفال والبهجة بوسط بيروت عندما أعلن الرئيس السوري أمس سحب القوات السورية تدريجياً من لبنان.
وبعد خمسة أيام على الاحتفال بسقوط الحكومة اللبنانية التي كانت تدعمها سوريا تدفق متظاهرون لبنانيون غالبيتهم من الشبان على ميدان الشهداء في وسط بيروت للاحتفال بما اعتبروه نجاحاً آخر للمعارضة في وقت متأخر من الليل.
لكن كثيرين قالوا وهم يحتفلون بتلك اللحظة أنهم يريدون رؤية أفعال لا مجرد أقوال.
وبكت النساء بينما صرخ الرجال فرحاً عندما سمع الحشد الذي كان يشاهد خطاب الأسد في البرلمان السوري على الهواء مباشرة على شاشات كبيرة الزعيم السوري يعلن ذلك الإجراء.
وقال (النائب المعارض) بيير الجميل للحشود المبتهجة: إن اللبنانيين يرفضون مسألة أن سوريا تسدي جميلاً لهم بإعلانها، مشيراً إلى أن المطلوب هو الانسحاب الكامل من لبنان والسيادة الكاملة له.
وندد متظاهرون كثيرون بشدة ببيان الأسد لتجاهله إعلان أي جدول زمني للانسحاب واستنكروا غياب أي إشارة إلى مطلبهم بأن تتخلى سوريا عن دورها الأمني القوي في لبنان.
وفي المقابل، خرج المئات من اللبنانيين الموالين لسوريا إلى الشوارع في عدة مدن لبنانية مساء أمس، للتعبير عن تأييدهم للرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه بعد الإعلان عن خطة الانسحاب.
ورددت الجموع التي كانت ترفع الأعلام اللبنانية والسورية عبارات "بالروح والدم نفديك يا بشار" في مدن بيروت وطرابلس والنبطية وشتورا، كما هتفوا باسم (الرئيس اللبناني) إميل لحود.