
اتخذت أوساط سياسية لبنانية اتجاهات جديدة نحو نزع السلاح عن الفصائل الفلسطينية الموجودة في الداخل، بهدف إزالة أية عوامل للتوتر في لبنان، وتخصيص الأمن للقوات اللبنانية تحديداً.
ففي تحول عكس نوع الافتراق السياسي العام في البلاد عما كانت عليه الأمور منذ اقل من سنة، كشفت مناقشات الجلسة النيابية أمس عن فجوة سياسية عميقة بين المجموعات السياسية التي خرج منها كثيرون يحملون على سوريا وعلى الوجود الفلسطيني باعتبارهما مصدر خطر على الأمن في لبنان، ومطالبة الحكومة بعلاجات بدت في نغمتها اقرب إلى الحملة العدائية التي شُنت على الفلسطينيين عشية الحرب الأهلية قبل أكثر من ثلاثين سنة، الأمر الذي استدعى ردودا قاسية من جانب ) حزب الله ( والحزب التقدمي الاشتراكي الذي بحث رئيسه النائب وليد جنبلاط أمس مع (رئيس الحكومة) فؤاد السنيورة في هذا الأمر تحت عنوان التوجس من الحملة السياسية والتعبئة الطائفية الموجودة في أوساط لبنانية والدعوة إلى معالجة سياسية لهذا الملف.
وقالت صحيفة النهار اللبنانية في عددها الصادر اليوم الخميس: " إن نواب الكتلة العونية انبروا لإيراد وقائع تركزت على فلتان المعابر الحدودية مع سوريا وعمليات تهريب العناصر والأسلحة الفلسطينية وصولاً إلى المطالبة بتنفيذ القرار 1559 فيما يتعلق بنزع السلاح الفلسطيني، وتمييزه عن سلاح المقاومة الإسلامية المتروك للحوار الداخلي".
وقالت مصادر قريبة من جنبلاط : إن هناك ريبة من تحركات سياسية وإعلامية تحرّض في المسألة الفلسطينية، وأبدت المصادر خشيتها من أبعاد هذه الحملات وحذرت من التعامل الأمني مع الموضوع، وأشارت إلى اتصالات جارية مع السلطة الفلسطينية حول الأمر.
كما أبدت المصادر انزعاجها من العمل على تغيير عقيدة الجهاز الأمني باتجاه نزع السلاح الفلسطيني ومواجهة سوريا، معتبرة أن الأمر في غاية الخطورة.
من جهتها كتبت صحيفة السفير اللبنانية تقول حول ذلك: " ليس نزع سلاح الميليشيات، كما يطالب القرار، فعلاً فجائياً يتمثل في مشهد اقتحامي يحصل مرة واحدة وننتهي منه إلى الأبد. إن نزع السلاح هو مسار سياسي وأمني وثقافي وإيديولوجي يترجم نفسه في خطوات صغيرة، وبطيئة، ومتراكمة. وفي الحساب أن هذا المسار بدأ منذ سنوات، وأن وتيرته تسرّعت في المدة الماضية، وأن المحطة الحالية المحكومة بتوازنات معينة هي محطة انطلاق لا محطة وصول، وأن على المعنيين بالأمر تقديم كشف حساب عما يفعلونه في انتظار لحظة المنازة".
وأضافت تقول: "ثمة ركام من التفاصيل التي هي، في الحقيقة، روافد تصب في مجرى هذا المسار وتعطيه زخماً. الاهتمام الأميركي الفجائي بالجيش اللبناني واحد منها، وكذلك استخدام الذرائع كلها، المبررة وغير المبررة، لإعادة بناء الأجهزة الأمنية ولفصل عقيدتها الاستراتيجية عما جرى التوافق عليه في السنوات الأخيرة. وتعميق الهوة اللبنانية السورية بالاستفادة من كل الأخطاء الممكنة جزء من أدوات العمل، ويمكن أن نضيف إلى ذلك الضغط المستمر لإرسال الجيش إلى (الخط الأزرق)، والتلويح بمصير قوات الطوارئ الدولية. ولا يخرج عن هذا السياق الاستثمار الممكن لأي آثار سياسية محتملة عن 1595، ولا
إدخال أسلحة جديدة إلى النقاش خاصة بالتناقض بين تقدم الديموقراطية واستمرار السلاح الأهلي.