
بخروج دفعة جديدة من معتقلي "السلفية الجهادية" بعد العفو الملكي بمناسبة عيد الفطر الأخير، أخذت تطفح على السطح مجموعة من الأسئلة الكبيرة حول ما جرى في تفجيرات 16 مايو 2003 بالدار البيضاء.
وتصاعدت حدة الأسئلة بعد الشهادة المثيرة التي نشرها محمد العماري الانتحاري الرئيسي الذي تراجع عن تفجير نفسه في ذلك اليوم في يومية "النهار المغربية" المستقلة، تحت عنوان "هذه شهادتي لله وللناس وللتاريخ".
عبد اللطيف أمرين، أحد المعتقلين المتهمين بالمشاركة في التفجيرات، استفاد من العفو الملكي الأخير، بعد أن حكم عليه بالسجن ثلاثون عاما، روى للأسبوعية المغربية "الجريدة الأخرى" تفاصيل اعتقاله ومحاكمته وخروجه من السجن.
وأكد هو الآخر أن الأغلبية الساحقة من المعتقلين (99 بالمئة وفق قوله) براء من التهم المنسوبة إليهم، ويستحقون الخروج من السجن.
وكشف عبد اللطيف أمرين عن بعض الحقائق المتعلقة بمنفذي تفجيرات الدار البيضاء، مشيرا إلى أن المتهم الرئيسي محمد العماري رجل أمي لا يعرف القراءة والكتابة فكيف يستطيع أن يصنع متفجرات بيده.
وذكر عبد اللطيف أمرين الذي يعاني من إعاقة في أطرافه السفلى ولا يستطيع السير إلا متكئا على عكازين، أن المحققين ضغطوا عليه ليعترف بوجود خلية من 14 فردا توجد على أهبة القيام بعمل (إرهابي) وهو ما لم يكن صحيحا، وأنه التقى بالمنفذين الثلاثة الذين تراجعوا عن تفجير أنفسهم وهم حسن الطاوسي، "وهو شاب رفض منذ البداية الذهاب معهم للتفجيرات، وفقد عقله حاليا من شدة الصدمة ومن شدة التعذيب، والثالث هو رشيد جليل وقد هرب من موقع التفجيرات قرب المقبرة اليهودية في الدار البيضاء".
وكشف أمرين أن رشيد جليل "قال له عندما التقاه في السجن إن بولقيضان (وهو رأس المجموعة الذي فجر نفسه ويملك كل الأسرار) قال لهم إن الأهداف التي سيتم تفجيرها يوجد بها أمريكيون وهو ما لم يكن صحيحا". وأضاف المعفو عنه أن المخابرات المغربية فعلت كل شيء للحيلولة دون أن يلتقي هؤلاء الثلاثة المتراجعين عن تفجير أنفسهم فيما بينهم.
وقال عبد اللطيف أمرين إنه كان متأكدا من براءته وأن الحقيقة سوف تظهر، وأن عائلات المعتقلين كانت تبعث برسائل إلى الديوان الملكي وتطلب التدخل لكشف حقيقة ما جرى. وبعد رسائل كثيرة تلقت عائلة عبد اللطيف جوابا من الديوان الملكي كانت إشارة حسنة إلى قرب العفو، وذلك ما حدث في عيد الفطر السعيد.
وعلق عبد الرحيم مهتاد رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين على العفو الملكي بأنه جاء ليصحح الاختلالات وأنه يجب الإفراج عن باقي المعتقلين.
"الجريدة الأخرى" التي جعلت هذا الحدث عنوان غلافها في عددها الأخير (من 14 إلى 20 نوفمبر 2005) علقت على الحقائق الجديدة بالقول: "إن إعادة قراءة مثل هذه الشهادات تدعو أيضا إلى إعادة التساؤل حول خلفيات وملابسات أحداث ما زالت تلقي بتداعياتها على حاضر المغرب ومستقبله". وخلصت الجريدة إلى ضرورة إنشاء لجنة تقصي للحقيقة تكشف عن الوقائع الحقيقية ومن كان وراءها ومن استفاد منها ومن يتستر على نتائج التحقيق المعتمد من لدن السلطات الأمنية المغربية.
يذكر أن عبد اللطيف أمرين قضى في السجن سنتين من أصل ثلاثين عاما، وخرج منه مستفيدا من عفو ملكي شمل 164 سجينا من سجناء "السلفية الجهادية" في عيد الفطر الأخير.
ويشار إلى أن عدد المعتقلين الإسلاميين المتهمين بتفجيرات الدار البيضاء الذين استفادوا من العفو الملكي إلى غاية اليوم هو 285 مستفيد، وأن عدد المعتقلين الموزعين على سجون مغربية مختلفة يقارب 3000 معتقل حسب رئيس جمعية النصير.