24 شوال 1428
كتب – محسن العبد الكريم

افتتحت أمس –السبت- في مقر الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي, بمكة المكرمة أعمال الدورة التاسعة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي والتي يشارك فيها أكثر من سبعين عالما وفقيها ومفكرا من معظم البلدان الإسلامية، وتخصص الدورة لمناقشة ست قضايا شائكة، من المتوقع ألا يتم حسمها أو اتخاذ قرارات بشأنها في هذه الدورة، خاصة أن بعضها مؤجل من دورات سابقة، وخاصة قضية التحكم في تحديد جنس المولود والصور الحديثة البديلة للودائع البنكية، ومشاركة المسلم الذي يعيش في الغرب في الانتخابات.

وقال الدكتور محمد بن يحيي النجيمي الخبير في مجمع الفقه الإسلامي: إن القضايا تهم المجتمع المسلم، وكذا الأقليات المسلمة، وهناك من القضايا التي يجب البت فيها وتحديد المنظر الشرعي منها في ظل تضارب الفتاوى بشأنها, وأضاف الدكتور النجيمي الذي أعد بحثا شرعيا عن (مسالة تحديد جنس الجنين) وسيتم مناقشته في هذه الدورة: إن قضايا النوازل صارت من الأمور التي تدور حولها إشكالات كثيرة، في ظل فتاوى الفضائيات وبعض المفتين الذين يظهرون عليها وليس لديهم بضاعة من العلم الشرعي أو الفقه.

وأكد الأمين العام للمجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي الدكتور صالح بن زابن البقمي على أهمية هذه الدورة خاصة أنها ستناقش ثلاثة وثلاثين بحثا وتقليب وجهات النظر الفقيهة والعلمية فيها لاتخاذ القرارات الشرعية المناسبة بشأنها وذلك على مدار ستة أيام في جلسات صباحية ومسائية.

وأوضح الأمين العام للمجمع الفقهي أن عدد الموضوعات المدرجة على جدول أعمال دورة المجمع ست موضوعات هي: استعمال الآيات القرآنية وما فيها من ذكر للزينة، وفي وسائل الاتصال الحديثة, ومواقيت الصلاة في أوروبا، ومدى مشروعية قيام المراكز الإسلامية بتطليق زوجات المسلمين اللائي حصلن على الطلاق من محكمة غير إسلامية, بالإضافة إلى موضوعات عن بعض الصور الحديثة البديلة للوديعة لأجل ومشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين واختيار جنس الجنين.

وقال د. البقمي في كلمته في الجلسة الافتتاحية: إن الأمانة العامة للمجمع الفقهي الإسلامي استعدت لعقد مؤتمر الفتوى وضوابطها والذي سيعقد في العام القادم 1429هـ، حيث سيتم ترجمة جميع قرارات المجمع الفقهي إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والأوردية وطباعتها لتوزيعها على الجمعيات والمراكز الإسلامية والعزم على ترجمتها إلى عدد من اللغات الواسعة الانتشار.

وألقى الدكتور عصام بن أحمد البشير الأمين العام للمركز العالمي للوسطية كلمة ركز فيها على دور المجمع والدعم الذي تقدمه المملكة له وعلى جهود رابطة العالم الإسلامي وأمانة المجمع.

وأكد الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي على شمولية الشريعة للأزمنة والأماكن والأحوال وقال: إن هذا يستدعي أن يكون لها حكم في كل أمر يطرأ على حياة الناس يستنبطه علماؤها بما آتاهم الله من الفهم لكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفق ما قعده الأصوليون من قواعد التفسير لنصوصهما والقياس عليها.

وقال: من هنا كان معنى الرأي في الاصطلاح الفقهي مختلفاً عن الرأي في الاصطلاح العام الشائع المبني على التخمين المجرد فالرأي الفقهي هو حكم الشرع فيما توصل إليه المجتهد بالنظر الصحيح وإن كان ظناً راجحاً يحتمل الخطأ لأن ذلك غاية ما يقدر عليه، فيكون صاحبه مأجوراً مرتين إذا أصاب الحق عند الله سبحانه وتعالى ومرة واحدة إذا أخطأه، ورأى الدكتور التركي أن تقليل الخلاف وتضييق دائرته أمر مطلوب وبخاصة في عصرنا هذا حيث أصبح من أهم الواجبات العمل بأقصى ما يمكن من الجهد على تآلف الأمة وجمع كلمتها.

أما مفتي عام المملكة ورئيس مجلس المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ فقد ركز في كلمته على أهمية تنزيل الأحكام الشرعية على القضايا المعاصرة الجزئية على ضوء الأدلة الشرعية والقواعد المرعية حتى تكون حلا لكل مشكل ممكن, وبيَّن أن المجامع الفقهية العظيمة متى ما قامت بواجبها فإنها تحتوي الخلاف بين العلماء وتستطيع أن تضيق شقة الخلاف وأن تحتوي المسائل الخلافية وتقطع خط الرجعة على الذين ينتسبون إلى العلم وليسوا أهلاً له ومن يتسنمون الفتيا وليسوا أهلاً لها وقال: إن كثيرا من القنوات الفضائية نسمع عن ما ينشر فيها وما يذاع فيها وما يستضاف لها من أناس ينتسبون للعلم وهم بعيدون عن العلم وعن الفقه في دين الله ويقولون على الله ما لا يعلمون وهذا من أعظم المصائب وأكبر الكبائر بل هو في مرتبة أعظم من الشرك بالله.

وأضاف قائلا: إن كثيراً ممن يسيء الظن بالشريعة لقلة فقهه وقلة إدراكه وعدم تصوره لقواعد الشريعة يرميها بالجمود، يرميها بالقصور, مؤكدا سماحته أن شريعة الله كاملة صالحة لكل زمان ومكان ولكل مجتمع ولا يمكن لأي قضية من القضايا ألا تجد حلا لها في شريعة الله، إنما القصور البشري وقلة إدراكهم، وقال: إن المصيبة تكون في التحدث بلا علم والقول على الله بلا علم والانفلات في الفتاوى وكلُّ يدَّعي أنه ذو علم وذو الفضل ولا يبالي إذا نبه وقيل له إنك أخطأت في هذه القضية وساء فهمك في هذه القضية تراه مستكبرا لا يمكن أن يخضع للحق وكل هذا من تلبيس الشيطان فعلماء المسلمين إذا بذلوا جهدهم ثم نبهوا على خطأ أخطؤوا فيه فإنهم يرجعون إلى الحق ولا يستنكفون عن قبول الحق. بعد ذلك ألقى الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة كلمة خادم الحرمين الشريفين التي ركز فيها على ثوابت المملكة ونهجها.