3 شوال 1436

السؤال

إذا أرادت المرأة أن تصوم الستة من شوال وعليها عدة أيام قضاء من رمضان، فهل تصوم أولا القضاء أم لا بأس بأن تصوم الستة من شوال ثم تقضي ؟

أجاب عنها:
د. خالد المصلح

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فاختلف العلماء في جواز صيام التطوع قبل الفراغ من قضاء رمضان على قولين في الجملة:
الأول: جواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، وهو قول الجمهور إما مطلقاً أو مع الكراهة، فقال الحنفية بجواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان؛ لكون القضاء لا يجب على الفور بل وجوبه موسع وهو رواية عن أحمد.
أما المالكية والشافعية فقالوا بالجواز مع الكراهة؛ لما يترتب على الاشتغال بالتطوع عن القضاء من تأخير الواجب.
الثاني: تحريم التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، وهو المذهب عند الحنابلة، والصحيح من هذين القولين هو القول بالجواز؛ لأن وقت القضاء موسع، والقول بعدم الجواز وعدم الصحة يحتاج إلى دليل، وليس هناك ما يعتمد عليه في ذلك.
أما ما يتعلق بصوم ست من شوال قبل الفراغ من قضاء ما عليه من رمضان ففيه لأهل العلم قولان: الأول: أن فضيلة صيام الست من شوال لا تحصل إلا لمن قضى ما عليه من أيام رمضان التي أفطرها لعذر، واستدلوا لذلك بأن النبي_صلى الله عليه وسلم_ قال: " من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر "، أخرجه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري _رضي الله عنه_، وإنما يتحقق وصف صيام رمضان لمن أكمل العدة.
قال الهيتمي في (تحفة المحتاج 3/457): "لأنها مع صيام رمضان أي: جميعه، وإلا لم يحصل الفضل الآتي وإن أفطر لعذر".
وقال ابن مفلح في كتابه (الفروع 3/108): " يتوجه تحصيل فضيلتها لمن صامها وقضى رمضان وقد أفطره لعذر، ولعله مراد الأصحاب، وما ظاهره خلافه خرج على الغالب المعتاد، والله أعلم"، وبهذا قال جماعة من العلماء المعاصرين كشيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد العثيمين _رحمهما الله_. الثاني: أن فضيلة صيام الست من شوال تحصل لمن صامها قبل قضاء ما عليه من أيام رمضان التي أفطرها لعذر؛ لأن من أفطر أياماً من رمضان لعذر يصدق عليه أنه صام رمضان فإذا صام الست من شوال قبل القضاء حصل ما رتبه النبي_صلى الله عليه وسلم_ من الأجر على اتباع صيام رمضان ستاً من شوال. وقد نقل البجيرمي في حاشيته على الخطيب بعد ذكر القول بأن الثواب لا يحصل لمن قدَّم الست على القضاء، محتجاً بقول النبي _صلى الله عليه وسلم_" ثم أتبعه ستاً من شوال"(2/352) عن بعض أهل العلم الجواب التالي: "قد يقال التبعية تشمل التقديرية؛ لأنه إذا صام رمضان بعدها وقع عما قبلها تقديراً أو التبعية تشمل المتأخرة كما في نفل الفرائض التابع لها" ا. هـ ، فيسن صومها وإن أفطر رمضان".
وقال في (المبدع 3/52): " لكن ذكر في الفروع أن فضيلتها تحصل لمن صامها وقضى رمضان وقد أفطر لعذر ولعله مراد الأصحاب، وفيه شيء".
والذي يظهر لي أن ما قاله أصحاب القول الثاني أقرب إلى الصواب؛ لا سيما وأن المعنى الذي تدرك به الفضيلة ليس موقوفاً على الفراغ من القضاء قبل الست ، فإن مقابلة صيام شهر رمضان لصيام عشرة أشهر حاصل بإكمال الفرض أداء وقضاء، وقد وسَّع الله في القضاء فقال:" فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ "( البقرة: 185).
أما صيام الست من شوال فهي فضيلة تختص هذا الشهر تفوت بفواته، ومع هذا فإن البداءة بإبراء الذمة بصيام الفرض أولى من الاشتغال بالتطوع ، لكن من صام الست ثم صام القضاء بعد ذلك فإنه تحصل له الفضيلة إذ لا دليل على انتفائها. والله أعلم.