27 ربيع الثاني 1426

السؤال

ما رأيكم فيمن يدعي أن آية النساء: "وقولهم إنا قتلنا المسيح...." إلى قوله: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم". لم تحدد ما إذا كان هناك شخص آخر انتحل شخصية المسيح _عليه السلام_ في الصلب (متجاهلاً) ما ورد في تفسير الآية من أحاديث.<BR>وبناء على ذلك قام أحد الناس بتكفيره، وقال: إنه أحمدي أو قادياني.. فهل هذا يصح؟<BR>

أجاب عنها:
الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن عيسى _عليه السلام_ قد رفعه الله إليه حياً، قال _سبحانه_: "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً" (النساء:157-159).
وسينزل آخر الزمان حَكَماً عدلاً يحكم بشريعة محمد _صلى الله عليه وسلم_، وهو من علامات الساعة الكبرى.
قال _صلى الله عليه وسلم_ كما في حديث أبي هريرة عند مسلم: " والله لينزلن ابن مريم حكماً عادلاً، فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص فلا يُسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليَدعُوَنَّ (وليُدعَوُنَّ) إلى المال فلا يقبله أحد".
وعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمّكم منكم" الحديث فمن زعم أن عيسى عليه السلام_ قُتِل أو صُلِب فهو كافر مرتد حلال دمه وماله لتكذيبه القرآن وخلافه الإجماع، وهذا ما نص عليه أبو محمد بن حزم.
وقد شذ ابن حزم، فقال بوفاته لا مقتولاً ولا مصلوباً ثم رفعه إلى البارئ _سبحانه_ إلا أن الله سينزله آخر الزمان حكماً وعدلاً.
أما القاديانية فقد زعموا أنه صلب ثم أغمي عليه ثم مات في الهند أو نحوها بعد بضع سنين ولن يرجع وهذا كفر بالإجماع وغرضهم من هذا الزعم تأييد دعوى نبوة الدجال أحمد غلام بحمل النصوص الواردة في نزول المسيح وفي خروج المهدي عليه بتأويلات فاسدة من جملة تأويلات الباطنية.
ولكن لا يلزم أن يكون كل من قال بوفاة المسيح لا قتله أو صلبه كافراً، فربما شذ أحدهم بنحو شذوذ ابن حزم، فقال بعدم صلبه وعدم قتله ولكن موته وأنه مع ذلك سيبعث في آخر الزمان، كما أنه لا يحكم بكفر المعين ما لم تقم عليه الحجة فقد يكون معذوراً بأحد عوارض الأهلية المعروفة، ولا يحكم عليه إلا من هو أهل للحكم من قاض أو عالم معتبر؛ لأن هناك فرقاً بين كون القول أو الفعل كفراً، وتكفير فاعله أو قائله كما هو معروف في بابه، غير أن المشهور في هذا الزمن اندثار مثل تلك الأقوال ولا يظهر نحوها إلا القاديانية ومن تأثر بهم، ولا شك أن القاديانية طائفة ضالة مارقة من الإسلام وقد صدرت عدة فتاوى بذلك من عدد من المجامع والهيئات الشرعية في العالم الإسلامي ومنها المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، والمجمع التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وغيرها.
ولهم من الكفريات الشيء الكثير غير قولهم بصلب المسبح ونبوة أحمد غلام لا مجال لذكرها هنا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.