السؤال
نحن جمع من المسلمين الساكنين في شمال فرنسا، حيث في كثير من الأيام يطول النهار طولاً مفرطاً ويقصر الليل قصراً مفرطاً، بحيث يصل أقصى النهار إلى 10:00 م (وقت دخول المغرب) علماً بأن هذه المدة تستمر قرابة الشهرين في فصل الصيف ، وبهذه الصورة تقع مشقة على الناس من تأخر وقت العشاء، واقتراب وقت الفجر(02:50).<BR>فهل يجوز جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم في المسجد لمن يتيسر له أن يصلي المغرب في المسجد، وذلك طوال تلك المدة؟<BR>وهل يجوز جمع المغرب مع العشاء جمع تقديم في البيت لتأخر وقت دخول العشاء، وخاصة للنساء والصبيان؟<BR>
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله .. أما بعد: فإن الله _عز وجل_ أمر بإقامة الصلاة المفروضة في أوقات محددة بعلامات شرعية ، وضعها _سبحانه وتعالى_ في مثل قوله _سبحانه_ : "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً" النساء:103 ؛ وكما في حديث بريدة _رضي الله عنه_ عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ : أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة ؟ فقال له: "صل معنا هذين" يعني اليومين ، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر ، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية ، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس ، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ،ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر ، فلما كان اليوم الثاني أمره أن يبرد بالظهر فأبرد بها ، فأنعم أن بيرد بها وصلى العصر والشمس مرتفعة ، أخرها فوق الذي كان ، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق ، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل ، وصلى الفجر فأسفر بها ، ثم قال : " أين السائل عن وقت الصلاة ؟ فقال الرجل : أنا يا رسول الله. قال: "وقت صلاتكم بين ما رأيتم" رواه مسلم (613) ؛ فمتى أمكن تمييز هذه العلامات ؛ فإنه تجب إقامة الصلاة في الوقت الذي تدل عليه ، إلا في الحالات التي استثناها الشارع الحكيم ، كحال السفر ، وحال المطر المؤذي ، ونحو ذلك من الحالات الاستثنائية التي هي من باب الرخصة الشرعية . وقد صدر في مثل هذه المسألة قرار من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ، وجاء الاستناد إلى ما جاء فيه في فتوى صادرة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم 2796 جواباً على سؤال مماثل ( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :6/132-138 )، وممن وقع عليها شيخنا عبد العزيز بن باز و الشيخ عبد الرزاق عفيفي _رحمهما الله تعالى_ . وفي الحال التي وصفتم ؛ يمكن التمييز بين الليل والنهار ووقت المغرب والعشاء بوضوح ؛ وعليه فلا يجوز الجمع بين المغرب والعشاء طوال تلك المدة للسبب المذكور ، وما ذكر من مشقة ، هو مما له نظائر في التكليف الشرعي ، بل في حديث بريدة السابق ما يؤكد عدم مراعاة مثل هذا النوع من المشقة ؛ وعليه فلا ترقى إلى الدرجة التي يشرع معها الانتقال إلى الترخص، والله تعالى أعلم ؛ ولكن يبقى حكم الجمع لمن يتمكنون من الصلاة في المسجد في حال توافر أسباب مشروعيته ، كشدة المطر أو التساقط المؤذي للثلوج مثلاً ، متى وجد سببه ولو تكرر . وأما من لا يمكنهم الصلاة في المسجد ، فلا وجه لترخصهم والحال ما ذكر، بل يجب عليهم أداء الصلاة في الزمن الموقوت . وعلى المسلمين في تلك المناطق ونحوها أن يرتبوا أمورهم على وفق ذلك ما استطاعوا . وما سبق من الجواب هو في الحالات العامة، أما الحالات الخاصة التي يقع بها المسلم في حرج شديد ، فيجب على من تحصل له السؤال عنها بخصوصها ، لينظر فيها بحسب الحال والظرف ، والله تعالى أعلم .