15 شوال 1433

السؤال

سؤالي:<BR>1- قاعد الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة ، ما علاقتها بمقاصد الشريعة ؟<BR>2- هل هناك قواعد متفرعة عن هذه القاعدة ؟ <BR>وجزاك الله خيرا .

أجاب عنها:
د. سعد العتيبي

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه .. أما بعد ..
فأولاً: هذه القاعدة من القواعد الفقهية التي نصّ عليها عدد من أهل العلم، منهم الزركشي والسيوطي وابن نجيم ؛ فقالوا: ( الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة )؛ وذلك ، لقوة العلاقة بين الولي الخاص وما تحت ولايته بقوة المقتضي لخصوصية الولاية؛ ومن ثم فتزويج الأب لابنته بحكم ولايته عليها، أقوى من ذي الولاية العامة في تزويجها؛ فلا عبرة بمرتبة الولاية العامة حينئذ، وإنما العبرة بالولاية التي جاءت خاصة من جهة الشرع، بالدليل، كولاية الأب على ابنته ، أو بالتنصيب كولاية الناظر على الوقف أو الوصي على اليتيم.
وفي هذا مراعاة لمصلحة المُولّى عليه من نفس أو مال ؛ فالأب في المثال المذكور أكثر حرصا وحنواً على ابنته من ذي الولاية العامة في العادة.
ولكنْ إذا قصّر صاحب الولاية الخاصة في ولايته ، في عضل أو إفساد مال أو ضياع مصلحة أو استغلال وقف في غير ما وقف عليه ، ونحو ذلك؛ فإنَّ لصاحب الولاية العامّة أن يتدخل في الحفاظ على المصالح؛ لأنه له ولايته العامة تشمل الإشراف على تحقيق مقاصد سائر الولايات.
وعلاقتها بمقاصد الشريعة ظاهرة ، فهي من قواعد السياسة الشرعية في تدبير الأمور بالولاية ، والحفاظ على المصالح الموجودة و المنتظرة من هذه الولاية ، سواء كانت من باب الضروريات أو الحاجيات أو ما دونها.
وفي هذا يقول العلامة عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام في كتابه : قواعد الأحكام في مصالح الأنام: " الولايات وسيلة إلى جلب المصالح للمولّى عليه ، ودرء المفاسد عنه " (2/86)، وذكر كلاماً حسنا في ذلك ، يحسن الرجوع إليه.
وهذا مما هو مقرر في علم الإدارة الحديث ، ضمن ما يعرف بقاعدة توزيع الصلاحيات والمسؤوليات والتدرج في ذلك ؛ فليس للموظف الأعلى أن يتولى أعمال مرؤوسيه دون قصور منهم ، فلا يوقِّع المدير الأعلى على أمر من اختصاص مدير تحت إدارته ، ما لم يتمنّع أو يتغيّب فيباشر أعماله ، حتى لا تتعطل الأعمال أو تستغل الولاية في غير ما وجدت له ، ويُنظّم ذلك عادة في التنظيمات الإدارية . وقد أشار إلى ذلك أ.د.محمد عثمان شبير _حفظه الله_ في كتابه (القواعد الكلية والضوابط الفقهية) .
وثانياً : نعم ، هناك قواعد تتفرع عن هذه القاعدة ، منها : ليس للحاكم حق التصرف في الوقف ، حتى لو كان الناظر الخاص معيَّناً من قِبَل الحاكم .
ومنها : " ليس للحاكم أن يولي ، ولا يتصرف في الوقف بدون أمر الناظر الشرعي الخاص ، إلا أن يكون الناظر الشرعي قد تعدى فيما يفعله ، وللحاكم أن يعترض عليه إذا خرج عما يجب عليه " .
ومنها : الولي الخاص له استيفاء القصاص , والعفو على الدية مجانا , وليس للإمام العفو مجاناً .
ومنها : ليس للإمام أن يخرج شيئا من يد أحدٍ إلا بحق ثابت معروف .
وهذه أمثلة ، فيتفرع عنها كل ما يبنى عليها من حكم كلي مجرد ، فإنه تقعيد ، وإن كان في صورة تفريع فقهي في الظاهر ؛ على ما حققه شيخنا د. يعقوب الباحسين _حفظه الله_ .
هذا ، والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .