السؤال
السلام عليكم <BR>كيف أستطيع أن أنفس عن غضبي وعن الضيق والكرب الذي بي؟<BR>وشكراً<BR>
الجواب
أختنا الكريمة فرج الله كربها وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته هناك حلول كثيرة لعلاج الهم والحزن والكرب والغضب، منها: 1- التجئي إلى الله بالدعاء والانطراح بين يديه _تعالى_، وكثرة الاستغفار، قال _تعالى_: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" (غافر: من الآية60). 2- أكثري من ذكر الله وقراءة القرآن "أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد: من الآية28)، فالقرآن شفاء للمؤمنين، قال الله _تعالى_ : "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً" (الإسراء:82) وأعد الله الأجر العظيم للمكثرين لقراءة القرآن، فقال : " وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"(الأحزاب: من الآية35)، وكم يفرح الشيطان عندما يغفل المسلم عن ذكر الله "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" (المائدة:91)، والذي يعرض عنه يكون الهم والحزن صاحبه، قال _تعالى_: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" (طـه:124)، والمؤمن يتغير حاله عند سماعه للقرآن : "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" (لأنفال:2)، وتوعد الله القاسية قلوبهم بقوله : "أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" (الزمر:22)، وعليك بأذكار الصباح والمساء فبسببهما يحصل الحفظ من الله لك. 3- احذري من المعاصي فهي سبب كبير في الهم والقلق، ومن المعاصي النظر للقنوات والصور والمجلات المحرمة، وكذلك سماع مزمار الشيطان ( الأغاني ) وكل ما يكون للشيطان مدخل عليك، فالشيطان يتبع الذي لا يذكر الله فيسبب له الهم والحزن "وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ(37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ(38) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ" (الزخرف: 36 -39) 4- كوني عالية الهمة ولا تلتفتي لصغائر الأمور، كالمشكلات الصغيرة في البيت أو المجتمع، بل حاولي إصلاحها إن أمكن، ولا تجعلي الأعمال والواجبات تتراكم عليكِ. 5- عند غضبك غيري الحال التي أنت عليها، فإذا كنتِ قائمة اجلسي، وهكذا. 6- توضئي فالوضوء ماء يطفئ نار الشيطان. 7- أكثري من الصلاة "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" (البقرة:45) . 8- وكذلك عليك بالصبر "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (البقرة:153). 9- ابتعدي عن العزلة والانفراد ففيهما يوسوس الشيطان أكثر. 10- لا تكثري من التفكير الغير واقعي، كبعض الطموحات والأحلام التي يصعب منالها، وخاصة عند النوم، ولا تذهبي للفراش وليس فيكِ نوم؛ لأنها تكثر الأفكار والخواطر التي من خلالها ينشأ الهم والحزن. 11- ابحثي عن صحبة صالحة واستمعي لدروس العلماء. 12- لا بد لك من صديقة صادقة أمينة صاحبة سر موثوقة تساعدك وترشدك فتنفسي عما أصابك من خلال الجلوس معها وزيارتها. 13- ضعي برنامجاً عملياً واقعياً في حياتك اليومية من غير فتور أو حماس مندفع مع التدرج في تطبيقه، وابحثي عما يشغلك كأعمال البيت، أو دور التحفيظ. 14- وردت أدعية بها يكشف الله همك وضيقك منها: أ – في الصحيحين قال: كان الرسول _صلى الله عليه وسلم_ يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم". ب – وللترمذي عن أبي هريرة قال: كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إذا همّه أمرٌ، رفع طرفه إلى السماء، وقال: "سبحان الله العظيم" وإذا اجتهد في الدعاء قال: يا حي يا قيوم. ج – ولأحمد عن ابن مسعود مرفوعاً قال: "ما أصاب عبداً هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي. إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحاً". د – وللترمذي عن سعد مرفوعاً: "دعوة ذي النون لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له" وفي رواية: "إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه كلمة أخي يونس". هـ - ولأبي داود أنه _صلى الله عليه وسلم_ قال لأبي أمامة: "ألا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله _عز وجل_ همك، وقضى دينك؟ قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الجُبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله _عز وجل_ همي، وقضى عني ديني. و – ولأبي داود عن ابن عباس مرفوعاً: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب". ز – وفي (المسند) أنه _صلى الله عليه وسلم_ كان إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة، ويُذكر عن ابن عباس مرفوعاً: "من كثرت همومه وغمومه، فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله". 15- زيارة طبيبة نفسية مسلمة موثوق بعلمها وأمانتها، فربما احتجتِ لإرشادها وعلاجها. وننصح بقراءة كتاب (علاج الهموم) للشيخ محمد بن صالح المنجد. نسأل الله _تعالى_ أن يعافينا من الهموم، وأن يفرِّج عنا الكروب، ويزيل عنا الغموم، إنه هو السميع المجيب وهو الحيّ القيوم.