17 ربيع الثاني 1426

السؤال

دور تحفيظ القرن الكريم تحتاج الى مبالغ مالية لتنسيق الدروس المحاضرات والدورات العلمية،وغيرها من المناشط . كيف اكتب تقريراًًناجحاً لدعم تلك المشاريع الخيرية؟

أجاب عنها:
د. محمد العتيق

الجواب

أولا من الجيد أن الهدف واضح في ذهن السائل في إعداد التقرير، وهو تحصيل المال للإنفاق على المشاريع الخيرية مثل تحفيظ القران. لأن التقارير تختلف صورها ومكوناتها طبقاً للغرض منها فهناك (تقارير أداء) لمتابعة العمل، وهناك تقارير إعلامية للنشر العام و غيرها. فإذا كان المقصود من التقرير هو جمع المال فحينها لابد أن يكون مصاغاً ومكتوباً بطريقة تحقق هذا الهدف. ولعلي أول ما أبدأ به هو أن أصحح فأقول: إن المطلوب في الحقيقة ليس تقريراً، بل ملفاً عن المشروع. والفرق بين التقرير والملف أن التقرير مادة واحدة مكتوبة قد تكون طويلة أو قصيرة بينما ملف المشروع هو مجموعة مواد مختلفة (تقارير مكتوبة – صور – أفلام – نشرات...) تعطي صورة أوضح لطبيعة المشروع الخيري وما هو المراد منه وما هو المطلوب أو المنتظر أو المتوقع من الناس لدعمه. ويكون الملف معداً بطريقة إعلامية محترفة تعطي انطباعاً مباشراً عن مدى جدية الجهة القائمة على المشروع وقدرتها على إدارته وتولي شؤونه بنجاح، وهذا هو المفتاح لإقناع المتبرع و تحصيل المال و الدعم منه. فقوة القائم على المشروع الخيري وجديته تتبين من خلال التقارير والملفات التي يعدها و يقدمها للآخرين. ويمكن لنا أن نشبه الأمر بطريقة مندوب المبيعات، فمندوب المبيعات لديه سلعة يريد تسويقها، وهو لأجل ذلك يحرص على أن يعرضها بأجمل طريقة ويعدد وينوع طرق العرض ليثير إعجاب الزبائن ويسعى إلى إقناعهم بشرائها ويحرص على إبراز كل جوانب القوة والجمال و الجاذبية في السلعة ويستعين لأجل ذلك بالنماذج والصور والكلمات. إعداد ملف المشاريع الخيرية يحتاج إلى مهارة ومعرفة لكي يحقق الغرض المقصود منه – كما قلنا - وهو تحصيل المال، و لا يمكن لجواب مختصر مثل هذا أن يغطي جوانب الموضوع كلها، ولكني أشير إلى بعض النقاط: - ملف المشروع كما قلنا يجب أن يحتوي على تقارير مكتوية ونشرات تعريفية مختصرة وبطاقات دعائية وما شابه، و إذا تيسر وجود مواد صوتية أو مرئية فهدا أحسن. - صياغة التقارير والمواد المكتوبة يجب أن تبتعد عن الصياغة الإدارية الجافة، وألا تكون مثقلة بالتفاصيل والمعلومات الإدارية التي لا يحتاج إلى معرفتها المتبرع، بل يكون مكتوباً بلغة قوية مطعمة بالعاطفة ومدعمة بالأرقام و الإحصاءات التي تركز على ثمرات المشروع (مثل عدد الخريجين الحفظة – عدد الحلقات المقامة – عدد الكتب التي طبعت..) - يجب أن يكون الملف مدعماً بتوصيات و تزكيات من الرموز العلمية كالمشايخ أو مديري المؤسسات الخيرية أو المسؤولين الكبار وصور لزياراتهم ولقائهم بمسؤولي المشروع فهذا يعطي ثقة أكبر لدى المتبرع . - يجب أن يكون واضحاً ما هو المطلوب بالضبط عند عرض ملف المشروع. طلب الدعم المفتوح أو التبرع العام غالباً لا يحفز على المشاركة أو التبرع . الأفضل أن يكون هناك طلب بتبني جزء معين من المشروع (طباعة 5 آلاف كتاب – كفالة 30 معلماً ...) ويحدد المبلغ المراد، ويخضع هدا للشخص المتبرع وقدرته المالية. يجب أن تعرف معدلات الإنفاق لهدا الشخص حتى تعرض عليه مبلغاً مناسباً للتبرع. مقولة إنك تحتاج في مشروعك من ريال إلى مليون ريال تعطي انطباع بأنك لا تعرف بالضبط ما تريد وليس لديك خططاً واضحة للعمل. قد يكون ما تتوقعه من المتبرع ليس هو المال بل الجاه والواسطة والتزكية. حدد بالضبط ما تريد. - يجب أن يبرز الملف تميز هدا المشروع عن ما سواه. قد يأتي للمتبرع منافسون من جمعيات خيرية مشابهة يعرضون نفس الطلبات، فما هو الذي يميز مشروعك عن غيره؟ (المنطقة المخدومة – قوة الحفاظ – الشهادات التي تقدمها – الأقدمية و والعراقة – قوة الانتشار والتوسع...) - إن ملف المشروعات الخيرية هو وسيلة يعتمد نتاجها وفعاليتها على اليد التي تحمله وتعرضه. إن الأمر الأكثر أهمية هو الشخص الذي سيحمل ملف المشروع ويقدمه للمتبرعين، وهذا جانب آخر من جوانب العمل الخيري يحتاج إلى تفصيل. إن جامع التبرعات الناجح يعرف كي يعرض ما لديه ويتوصل إلى إقناع المتبرعين والحصول منهم على التمويل اللازم من خلال مهارات وطرق يتم اكتسابها بالتدريب والتأهيل، فمثلاً جامع التبرعات الناجح يعرف توجهات المتبرعين وميولهم و ما هي مجالات الإنفاق والتبرع التي يهتمون بها أكثر، ومن خلال علاقاته المميزة يمكنه اختيار التوقيت والمكان المناسبين لعرض ملف المشروع، وبطريقته الدبلوماسية يعرف كيف يبدد مخاوف المتبرع وشكوكه ويعزز ثقته بالمشروع وبالقائمين عليه، وبطريقته المهذبة أيضاً يستطع أن يحصل على ما يريد دون أن يبدو مزعجاً أو ثقيلاً على الآخرين.