السؤال
ابني له ميول علمية عن حياة الحيوانات وكل ما يتعلق بها وهو في المرحلة المتوسطه حالياً..<BR>كيف أستطيع استثمار هذا الميول ليكون مبدعا وينفع دينه وأمته؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين وبعد .. إن الاهتمام بميول الأبناء وثقافاتهم وجواذبهم واهتماماتهم مما يغفل عنه كثير من المربين، فهم يصبون معظم اهتماماتهم على التوجيه اللفظي والنصح المباشر" بافعل ولا تفعل "، والعملية التربوية لها جوانب كثيرة وأساليب متنوعة وعن طريق تكاملها - معا - يتم التوجيه التربوي الإيجابي . وهناك طرق متعددة لمتابعة ميول الأبناء والاستفادة من تلك المتابعة وأهم ما اتفق عليه علماء التربية من هذه الطرق والوسائل هي وسيلة (الملاحظة المباشرة واستبانة الميول)، وتعتمد الملاحظة المباشرة في هذا الخصوص على متابعة السلوك الفردي للأبناء في أوقات فراغهم حيث لا ضغوط عليهم نفسيا أو اجتماعيا، ويقوم بها الوالدان والمربون، وتعتمد الملاحظة المباشرة على مجموعة مما ما يشبه التقريرات عن سلوك الابن واهتمامه في أيام مختلفة ومواقف متباينة، ويتم من خلالها الوقوف على عدة معالم مشتركة ومتفقة يستطيع المربي من خلالها معرفة أهم المثيرات والمثبطات التي تؤثر في الابن.. وفي مثل حالتنا هذه، فنحن نشكر في هذا الوالد الكريم متابعته وملاحظته لولده ولاهتماماته وميوله. غير أننا نود أن ننصحه بعدة نصائح هامة فيما وصف من سؤاله: أولاً: لا شك أن هذا النوع من الاهتمامات به نفع إذا وجه توجيها صحيحا، فالحيوان من خلق الله، والتفكر في صفاته ومتابعة حياته فيه نوع من الاستكشاف الممتع الذي يمكن أن يعرف الإنسان بعظمة خالقه وقدرته،كما أن في بعض فروعه منافع بيئية وتجارب طبية والدراسة المتعلقة بطبيعة حياة الحيوان ومجموعاته ودورة حياته كلها يمكنها أن تقدم معلومات نافعة شيقة لمن يدرسها ولمن حوله . ثانيا: إلا إننا نود أن ننبه هنا إلى أن الإغراق الكثير فيما يتعلق بتربية الحيوان والمعايشة مع الحيوانات قد حذر منه أهل العلم لما قد ينتج منه من أثر سلبي على شخصية المرء، إلا أن تكون تلك المعايشة تخص بعض ما امتدح من تلك الحيوانات كالخيل مثلا فركوبها ومصاحبتها تنشئ أخلاق الفروسية وتعلم صفات المروءة والفتوة، إلا أن العلماء كرهوا الاستغراق في صحبة الحيوان لئلا تتأثر بها أخلاقه . ثالثاً: ينبغي أن يقرن الفتى دراسته بالعلم فلا تكون الدراسة تأملية فحسب، إذ إن الإغراق في التــأمل لحياة الحيوان قد تضيع كثيرا من وقته في غير ما طائل فينبغي أن يكون ذاك الاهتمام يدعوه للعلم ومتابعة الدراسات العلمية والمجلات العلمية والبحوث والإصدارات وغيرها مما يهتم بهذا الاتجاه . رابعاً: أمثال هذا النوع من الاهتمام ينبغي أن يوازَن في شخصية الابن بأنواع أخرى تقيم شخصيته التكاملية، فيوجه نحو الاهتمام بنوع من الإنتاج المعتمد على الابتكار، كالكتابة أو شيء من الاختراع أو غير ذلك، حتى لا تنمو شخصية الابن معتمدة على التأمل فحسب بل تتوازن بين الدراسة للبيئة والإنتاج منها والإبداع فيها والإضافة إليها، وحتى يتعلم الإيجابية في التناول . خامساً: هذه المرحلة العمرية هي مرحلة تغييرية في شخصية الابن فيمكن عن طريق تميزه في فرع من الفروع أن نمسك مفتاحا أو بوصلة لبناء شخصية مؤثرة فيه، عن طريق استغلال اهتماماته في أن يعلم غيره، وينشر معارفه لغيره، وأن يربط بين ثقافته التي تثقف بها وبيئته التي يعيش فيها، وانتمائه الذي ينتمي إليه، وولائه الذي يوالي عليه . وأخيرا على كل مرب يلحظ اهتماما في متربيه من نوع ما أن يربط اهتمامه بما يمكن أن يزيد في إيمانه وأن يقربه إلى ربه وأن يجمّل أخلاقه ويحسّن سلوكه، وعلينا أن ننبذ من كل اهتمام ما يمكن أن يشوه معالم الشخصية البنيوية لأبنائنا أو أن يكون خطرا عليها.