14 ربيع الأول 1428

السؤال

أنا متزوج ولم أدخل بزوجتي، وحصل بيننا مكالمات عبر الهاتف لمدة تزيد عن السنة دون أن أراها ولكن في المدة الأخيرة كثرت الاختلافات بيننا في وجهات النظر حتى أبسط الأمور نختلف عليها أحاول جاهداً أن أتفادى هذه الاختلافات ولكن لا أجد منها قبولاً إلا بعد جهد جهيد، مع أن الغالب يكون مصدر الخلاف منها.. في الحقيقة أجد نفسي لا أميل إليها منذ مدة، ولكن أقول لنفسي مسكينة ما يكون حالها لو طلقتها... أشيروا عليّ..

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: السائل الكريم: فهمت من سؤالك (من قولك: إنك متزوج ولم تدخل بزوجتك) أنك قد عقدت على زوجتك عقداً شرعياً ولكنك لم تدخل بها بعد، فإن لم تكن قد عقدت عقدا شرعيا عليها وكنت لازلت خاطبا إياها فالأصل أنه لا يجوز لك تلك المحادثات التي تكلمت عنها بداية إذ إن الخطبة لا تحل حراما ولا تبيح محظورا وبالتالي ما يترتب على ذلك يكون تمادياً في الخطأ.. وإن كنت كما فهمت من سؤالك قد عقدت عقدا شرعيا عليها فقد صارت زوجتك إلا أن التخلية بينك وبينها (أعني البناء بها) يرتبط بشروطك مع الولي إلى أن يأذن لك وليها.. وفي بعض البلاد يسمح الولي ببعض اللقاءات لتقريب وجهات النظر والتفاهم بين العاقد وزوجته وفي بعضها تمنع الأعراف من ذلك فيكتفى بينهما بالمكالمات الهاتفية والرسالات ومثاله.. وقد بدا لي من سؤالك أنك قد أخذت أحكاما متعجلة على الفتاة التي ارتبطت بها لمجرد أنكما قد اختلفتما في بعض الشؤون أثناء الحديث الهاتفي، ولا يخفى عليك ما في أحاديث الهاتف من البعد عن الواقعية في كثير من الأحيان، فأحاديث الهاتف تكون أسيرة حالة نفسية محددة وطريقة كلام معينة وأسلوب ردود خاصة وغير ذلك ومن ثم لا تعبر بالضرورة عن مراد المرء بصورة كاملة، بل إن مردودها دوما يكون سلبيا. أضف إلى ذلك ما ذكرته من أنك لم ترها طوال تلك السنة فكان حكمك دوما على ما سبق من أحاديث هاتفية أيضا وهو الأمر الذي أرى أنه لا يمكن الحكم على الفتاة من خلاله بحال ومن أهم الأدلة على ما ذكرته لك أن خلافاتكما قد تكون حول أمور بسيطة كما ذكرت. أتوقف أيضا عند قولك (وفي الغالب يكون مصدر الخلاف منها) فقد أتفق معك أنه ربما يكون أصل الخلاف من المرأة خصوصا مع قلة خبرتها ودرايتها بشؤون الحياة، ولكن ألا ترى معي أن الرجل يكون عليه جزء كبير أيضا من مسؤولية الخلاف؟! وأنه لم يحتوِ ذلك الخلاف؟ ولم يوسع صدره لزوجته؟ ولم ينظر إلى الخير الذي فيها ويغض الطرف عن غيره؟ إن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد قال في حديثه في الصحيح "لا يفرك – يعني لا يفارق - مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا أحب منها آخر"، فهو توجيه نحو غض الطرف عن عيوب الزوجة - وكلنا عيوب أخي الكريم – (ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها...... كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه) ولذلك فإني أنصحك بعدة أمور هامة: أولا: عليك بأخلاق الفارس المؤمن الذي يحرص هو دوما على الصبر الجميل والنبل، حيث إنه دوما يقدر رأي الآخر ويحترمه ولا يحقره، فزوجته تحرص على إرضائه وتتألم لحزنه. ثانيا: أنصحك بالرفق في شأنك كله ففي الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم " ما كان الرفق في شيء إلا زانه "، ولكنني أيضا أنصحك معه بالحزم والصرامة عند القيم والمبادئ وأن تضع خطوطا حمراء لا يمكن تعديها في التعامل وفي الآراء وتلك الخطوط هي التي أذن بها الشرع الإسلامي الحنيف ثالثا: انتبه أن الشيطان يتربص بالمرء وزوجه ويحرص كل الحرص على التفريق بينهما ويظهر الصغيرة في عينهما كبيرة وقد يدفع أحدهما لكره الآخر والبعد عنه فاحذره فإنه – كما في الحديث – يضع عرشه على الماء ويلبس التاج لكل شيطان نجح في التفريق بين المرء وزوجه فاستعذ بالله منه. رابعا: ليكن حكمك على زوجتك من منطلق شرعي إسلامي وزن إيجابياتها وأنت الذي قد ارتضيتها لتكون زوجة المستقبل لك وأما لأبنائك وبانية لأسرتك المسلمة ولا تنس أنك لها حياتها التي تأملها ومستقبلها الذي تحلم به، وإياك أن تحكم على زوجتك بمجرد موقف خلاف أو كلمة غير مقصودة. خامسا: سارع في إتمام شأن زواجك واستعن بالله في ذلك. وفقك الله ورعاك.