تفسير:
من خيوط التربية خيط (عدوى الأخلاق): ضع في خطتك التربوية أن الأخلاق طائفة من الميكروبات، تستنشقها من المجاورين كما تستنشق الهواء وذرات الغبار، بل إنها تنتقل إليك وإلى غيرك عبر الأذن والعين واللمس..!
وعليه فإذا كنت في منظومة تربوية فركز على إشاعة الأخلاق الحسنة، وعلى حرب أخلاق السوء، بل والتطعيم ضدها! إذا رأيت أجرب الأخلاق يسير بين الأصحاء فبادر بحجره، أخلاق السوء كالطاعون إذا تسرب في المجتمع قضى بأمر الله على بعضٍ، وأنهك بعضاً، ونجا برحمة الله بعضٌ...
هل هناك حاجة إلى القول: إن الأخلاق رأس التربية؟ لأنها أولاً: عبادة بل ربما امتلأَت بها النصوص الشرعية أكثر من بعض العبادات الطاهرة، وثانياً: لأنها جامعة لمعاني التربية، وثالثاً: لأنها تعالج كثيراً من المشاكل..
مثال:
هناك أخلاق شديدة العدوى، منها: الجدال والنقد الساخر والتعصب الإقليمي والعرقي والحزبي، فإذا كنت في مجتمع تربوي فاقطع جذور هذا الداء، احذر انتشاره، امنع ذراته أن تتطاير في هواء المتربين!
واحذر بعض المرضى، وفر من المجذوم فرارك من الأسد، فكم يوجد في مثل هذه المجتمعات من شخص يحكه لسانه! فإما أن يُصلَح أو يُبعَد؛ لأن العدوى في مثل هذا تسري سريان النار في الهشيم، وكم من مجتمع كاد أن يدخل في دوامة من الأحقاد والتحزب، لكن وفق الله أهله فأبعدوا جماعة منهم وحاربوا جماعة وأصلح الله جماعة.. نحسبهم لو استمروا على ما هم عليه لفسد الباقون.
والترف والتأنث عدوى بغيضة، وهي من أمقت الأخلاق، حين تتراخى الصفات، وتصيبها الميوعة، ويصبح الذكور إناثاً لكن بغير نون نسوة ولا تاء تأنيث، ولا تكاد ترى مريضاً بهذا حتى تتكاثر البكتريا والجراثيم عن يمين وشمال! ومن واجب المربي أن يحجر ويداوي أو حتى يقطع!
وبالنظرة الإيجابية فالأخلاق الحسنة عدوى، بل إن الفطرة تتقبلها فيكون الأثر مضاعفاً والله يبارك..
الشجاعة مثلاً، الكرم، التضحية، الرحمة، عفاف اللسان، الزهد... أخلاق فاضلة تنتقل إلى الآخرين بالمصاحبة، بل بالنظر والسمع، وهذا معروف مشاهد، فإذا هيأت جوَّها فأبشر بالعدوى.
وملاحظة الدول والقبائل والأسر والمجتمعات تفتح لك باباً في التفكر حين ترى تشابه الطباع لكل منظومة إنسانية..
وصفة طبية:
وحتى يكون الأثر أعمق:
1- حاول أن تؤسس الأخلاق الحسنة بتوضيح معناها وضرب أمثلتها أولاً، وبتأصيلها شرعاً وعقلاً ثانياً، وبالقدوة ثالثاً، وبالثناء والتشجيع.
2- الْفِتْ نظرهم إلى أمثلة الخُلُق السيئ؛ فقد ينتشر بينهم الجدال وإن كانوا لا يعرفون معناه الاصطلاحي أو حكمه الشرعي أو آثاره السلبية، فإذا فتحت أعينهم ساعدوك في علاج أنفسهم بأنفسهم، ومثل ذلك الترف والسرف والكذب والتمسخر.
3- في كل مرحلة زمنية ركز جهودك في تنمية خلق معين أو حرب آخر، وتتابع الكلام، وإيراد القصص؛ لأن تتابع الطرق يضعف المناعة ويقتل كريات الدم السوداء فتنتشر العدوى!
4- ابحث عن المنابع تتبع الخلق السيئ وجفف منابعه؛ لأن غالب هذه الأمراض لها مصدرها الذي وجد بيئة مناسبة فباض فيها وفرخ! وبالعكس فابحث عن منابع الخير فاحفرها وأظهرها، واسق واستق.
5- التربية المزدوجة، بأن تجعل بعض المتربين أطباء يعالجون القسم الآخر..
شاطئ:
مصنـعُ الأبطـال ديـنٌ قيـمُ | فاسـأل التاريخ يخبر عنهـمُ | |
هم غياثُ الأرض هم نورٌ همُ |
شمـسُ حقٍ حين تغشى الظلمُ |