اسم الكتاب: (القدوات الكبار بين التحطيم والانبهار).
المؤلف : د. محمد موسى الشريف.
الطبعة الأولى، 1423هـ.
إصدار : دار الأندلس الخضراء – جدة : المملكة العربية السعودية .
بدأ المؤلف كتابه بتمهيد حول القدوات وبيان أهمية القدوة في حياة الناس، فكان مما ذكر " أن الله – تبارك وتعالى – فطر الناس على مراتب ومواهب متنوعة، وأودع في بعضهم من القدرات والمزايا ما جعلهم بها قادة للآخرين وقدوات، فصنع الله _تعالى_ بهم أحداث الزمان، وجعل كلامهم وفعالهم من التأثير بمكان.
ولا ريب أن أعظم القدوات قاطبة هم الرسل العظام والأنبياء الكرام الذين نصبهم الله _تعالى_ قدوات للناس، وهداة لهم، فمهما صنعوا فالناس بهم مقتدون، ولهم متبعون ولآثارهم وأعمالهم مقتفون، وقد بيَّن الله _تعالى_ ذلك للناس أحسن البيان، فقال _جل من قائل_: "أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ" (الأنعام: من الآية90)، وخص الحبيب المصطفى والنبي المجتبى _صلى الله عليه وسلم_ بقوله _سبحانه_: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" (الأحزاب:21)
ولقد مَنَّ الله _تعالى_ على الأمة الإسلامية العظيمة الخيار الوسط بأعظم رسول _صلى الله عليه وسلم_ وقَفّى على أثره بجملة وافرة من القدوات العظام من الصحابة الكرام والتابعين ومَن تبعهم إلى يوم الناس هذا لم يكن للأمم الأخرى عشر معشارهم ولا بعض أعمالهم وآثارهم، أنار الله _تعالى_ بهم الدنيا، وقشع بهم الظلام، وجعلهم قدوة لجميع الأنام.
هذا وإنه لم ينقطع سيل أولئك القدوات في تاريخ الأمة الإسلامية، نعم إنهم كانوا جملة وافرة عظيمة في القرون الثلاثة الأولى المفضلة، وذلك مصداقاً لقول نبينا الأعظم محمد _صلى الله عليه وسلم_: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" لكن ذلك لا يمنع أن يكون سيلهم مستمراً وعطاؤهم متتابعاً منهمراً في القرون التي تلت تلك القرون الفاضلة إلى يوم الناس هذا، ولقد تركوا من الآثار، وعملوا من الأعمال ما خُلد في صفحات الدهر، وبقي على مرّ الزمان مضيئاً مهيباً.
والعجيب أن الأمم الأخرى يمجدون اليوم رجالاً ونساءً لا يستحقون هذا التمجيد الطويل؛ إذ يقيمون لهم التماثيل، ويصورون أحوالهم للأجيال تصويراً مبالغاً فيه، ويرتفعون بهم فوق ما ينبغي لهم؛ فهذا نابليون رمز للفرنسيين وتاريخه تاريخهم، ولو نُظر للرجل بعين الإنصاف لعلم أن حاله لا يستحق كل هذه الهالة التعظيمية؛ فالرجل باختصار قاد بلاده للفوز في معارك وأخفق في أكثرها، وانتهى أمره إلى أن يموت منبوذاً منفيّاً، أما أخلاقه ومنهجه فيكفيه سوء صنيعه في مصر وفلسطين، وقتله آلاف الأسرى فيها، هذا ولم يعرف للرجل علم ولا فن اختص به، فكيف صار حاله كذلك؟!
لكن قومه يفتقدون القدوات الحقيقيين فصنعوا لأنفسهم وهماً وصدَّقوا هذا الوهم حتى صار يُدرَّس للأجيال، وللقوم إعلام قويّ يساعد على تأسيس مثل هذا الوهم وترسيخه في النفوس.
هذا وإنه يستبد بي العجب ويأخذ مني كل مأخذ عندما أقارن مَن عندنا من القدوات الذين يعدُّون بالآلاف وبين ذلك الرجل الذي تعرفه الدنيا كلها وتجهل حال قدواتنا؛ الذين لو كان للدنيا كلها شيء من فضائلهم لملؤوا وسائل الإعلام وسائل الإعلام ضجيجاً، ونشروها بكل ما يمكنهم، أما نحن فالأجيال عندنا تجهل حال قدواتها جهلاً شنيعاً، والتقصير ظاهر من قِبَلنا في إظهار قدواتنا وتعريف أبنائنا وبناتنا بهم ثم تعريف العالم كله بأحوالهم " .
أهمية القدوة في حياة الناس:
ذكر المؤلف جملة من جوانب أهمية القدوة نذكرها ونقف مع بعضها
1- حسن الاقتداء.
2- بث العزة في النفوس: إن تبيين عظمة القدوات يبث العزة في نفوس الأجيال، ويوضح للعالم أجمع أنا نرتكز على موروثات رائعة فريدة نادرة لم ولن تتكرر في أمة من أمم الأرض، وذلك يورثنا الاحترام والتقدير، والأمر المهم في هذا هو أن مَن عرف أن له ماضياً عظيماً ورجالاً عظماء فإنه يُرجى له أن يعود إلى المجد والسيادة من جديد.
3- ضرب المثل للأجيال.
4- إحسان العمل: إن المطلع على سير عظماء المسلمين في جوانب شتى من العظمة فستلحقه رغبة جامحة في الاقتداء وإحسان العمل؛ فمَن سمع بحسن صلاة السلف وطويل قنوتهم فيها وجميل خشوعهم فسيعمل على إحسان صلاته التي تكتنفها عيوب جمّة.
5- الدلالة على مكامن العظمة من هذا الدين وإمكان تطبيقه مرة أخرى.
6- الإعجاب المؤدي للاتباع.
7- النيابة عن الدول والمؤسسات الرسمية في الدعوة إلى الله _تعالى_.
حال الناس مع القدوات
وبعد هذا التمهيد قرر المؤلف إن الناس قد انقسموا حيال قدواتهم إلى أقسام، وهي :
1- قسم انبهر بهم انبهاراً أقعده عن الأخذ بفوائد الجوانب الإيجابية في حال أولئك العظام.
2- وقسم نذر نفسه لهدم هذه القدوات وتحطيمها بأسباب بعضها أعجب من بعض.
3- وقسم ثالث توسّط فاستفاد من الإيجابيات الجمّة، ونأى بنفسه عن مواطن الخطأ القليلة وغير المقصودة.
الانبهار بالقدوات
ثم انتقل المؤلف إلى المبحث الأول في كتابه، وهو: الانبهار بالقدوات، فقال: " ليس الانبهار أمراً سيئاً، ولا شيئاً مرذولاً، بل هو أمر يكاد يكون ضرورياً لاتباع أولئك القدوات والتأسي بهم، لكني أقول: إن المحذور هو الانبهار المؤدي إلى القعود عن اللحاق بالقدوات والتسليم المطلق بعدم إمكان عمل شيء مقارب لعملهم ولا جزء منه، وهنا ينقلب الانبهار إلى سلبية كبرى ومرض عُضال " ،
وهذه نماذج لبعض الأخبار التي أوردها المؤلف عن بعض القدوات العظام التي قد تؤدي إلى الانبهار السلبي بهم:
"كان سهيل بعدُ كثير الصلاة والصوم والصدقة، خرج بجماعته إلى الشام مجاهداً، ويقال: إنه صام وتهجد حتى شهب لونه وتغيَّر، وكان كثير البكاء إذا سمع القرآن".
"كان صفوان بن سُليم يصلي في الشتاء في السطح، وفي الصيف في بطن البيت، يتيقظ بالحر والبرد حتى يصبح ثم يقول: هذا الجهد من صفوان وأنت أعلم، وإنه لترمَ رجلاه حتى يعود كالسِّقط من قيام الليل، ويظهر فيه عروق خضر".
وهذا ابن أبي ذئب كان يصلي الليل أجمع ويجتهد في العبادة، ولو قيل له: إن القيامة تقوم غداً ما كان فيه مزيد من الاجتهاد.
الواجب إزاء هذه الأخبار ومثيلاتها
ثم بين المؤلف الواجب إزاء هذه الأخبار ومثيلاتها وأنه ينبغي أن يلاحظ الآتي:
أولاً: إن سردها في كتب السير له أعظم الأثر في حث الناس على طرق أبواب الخير والتنافس فيها، وهذا مقصود مهم من إيرادها ولا شك.
ثانياً: ينبغي على المرء العاقل ألاّ يسارع بالرد والتكذيب لمثل هذه الأخبار؛ إذ إن كثرة ورودها وتعدد طرقها وتنوع الأفعال الصالحة فيها يدل على صحتها في الجملة.
ثالثاً: إن الذين وردت عنهم هذه الأخبار هم عدد قليل جداً بالنسبة لمجموع الصالحين والعاملين، فكأن الله _تعالى_ نصب أولئك العظماء ليكونوا علامات فارقة متميزة في دنيا الناس، فهم حتى بين السلف العظام قلة قليلة، فهذا سفيان الثوري، وهو مَن هو، يقول عن أحد أقرانه العظماء: عبد الله بن المبارك مقالة مهمة، وتلخص هذا الذي أردت بيانه، إذ يقول _رحمه الله تعالى_:
"إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة مثل ابن المبارك فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام".
آثار الانبهار السلبي بالقدوات
ثم تحدث المؤلف – وفقه الله – عن آثار الانبهار السلبي، ومنها :
أولاً: الإحباط واليأس من الوصول إلى ما وصل إليه أولئك العظام أو شيء مما وصلوا إليه.
ثانياً: قتل الإبداع ، وهذا مرض يصيب بعض المنبهرين من أصحاب المواهب والطاقات والقدرات؛ إذ يظنون أنه ليس بالإمكان أن يأتوا بشيء بعد صنيع فلان وفلان، وأنه لم يترك أولئك لهم شيئاً يصنعونه، وهؤلاء يتصورون القدوات الكبار جبالاً مانعة لهم من التقدم، حاجزة إياهم عن الرؤية، ويسلمون تماماً بأنه ليس بالإمكان أبدع مما كان، وهذا مكمن الخطر.
ثالثاً: الغلو في تعظيمهم، وهذا ظاهر في عدد من أتباع أولئك القدوات، وأتباع أتباعهم إلى يوم الناس هذا، إذ قد صدرت بعض العبارات التي يُفهم منها غلو ظاهر في التعظيم لا يتماشى مع قواعد الشرع المطهّر، فمن أمثلة ذلك:
أ- قال يونس بن عبد الأعلى يصف الإمام الشافعي:
"لو جمعت أمة لوسعهم عقله" ولا ريب أن هذا غلو في الشافعي الإمام.
ب- وهذا غلو آخر فَجّ، حيث قال أحد الفضلاء:
"لَسَوْطٌ ضربه أحمد بن حنبل في الله أكبر من أيام بشر بن الحارث".
وهذا غلو غير مقبول، وقد قال الذهبي _رحمه الله تعالى_ ضابطاً هذه المسألة:
بشر عظيم القدر كأحمد، ولا ندري وزن الأعمال إنما الله يعلم ذلك.
تحطيم القدوات
ثم انتقل المؤلف إلى المبحث الثاني المقابل للمبحث الأول، فكان مما قال: " وهذا عنوان غريب عجيب؛ إذ كيف يمكن لأمة أو لأفراد منها يحسبون ضمن قافلة عقلائها أن يقوموا بهذا العمل العجيب، حيث إن القدوات للأمم أعظم كنوزها وثرواتها، وهم عنوان للأمة بهم تُعرف، وبآثارهم تشتهر، وعلى خطواتهم تسير، وبجهادهم وعملهم تستنير، لكن طائفة منا لم ترضَ بهذا ولم تقنع به فأخذت على عاتقها القيام بمهمة غريبة مريبة عجيبة إلا وهي تحطيم أولئك القدوات، وهدمهم، والعمل على تشويه تاريخهم، والحط من شأنهم، ووصمهم بتهم هم منها براء، ووصفهم بصفات النقص.
والعجيب أنه في الوقت الذي تبحث فيه الأمم عند قدوات ليتبعوها، وعظماء ليظهروهم فلا تكاد أمم كثيرة تجد منهم أحداً، نعمد نحن إلى عظمائنا فنهدمهم وإلى قدواتنا فنحطمهم بأعذار واهية غير مقبولة " .
الأسباب الباعثة على هذا التحطيم:
ثم ذكر المؤلف أسباب هذا الفعل وجعلها ظاهرة وخفيه، فأما الأسباب الظاهرة المغلفة بغلاف الشرع، فمنها :
1- تبيان الحق وإظهاره:
وهذه دعوى مجردة يعهد إليها كل مَن يريد تحطيم قدوة أو هدمه؛ إذ يتباكى على حال الناس، وضعف دينهم، ويظهر أن فلاناً وفلاناً ممن يهدم الشرع ويضعف سلطان الدين في النفوس، ويشيع مقالة السوء عمن يريد تحت هذا الادعاء.
2- بيان خطر أولئك على الناشئة:
وتحت هذه الدعوى المجردة من البرهان ومن التعقُّل يهدم من القدوات عدد كبير؛ ولو كان هذا الهادم صادقاً لانبرى لمصدر الخطر الحقيقي ليهدمه على رؤوس أصحابه من علمانيين وماسونيين وأرباب صنائع الفحش والفجور والفسق.
والعجيب أن بعض الناس المحطمين الهادمين يقسم بالله أن فلاناً وفلاناً أخطر على الأمة من اليهود والنصارى، وهذا المسكين قد أُتِيَ من قلة عقله، إذ لو عقل لما تفوّه بمثل ما تفوّه به.
وأما الأسباب الخفية التي قد تكون الأسباب الحقيقية الباعثة على هذا الصنيع، فمنها :
1- الحسد والحقد والغل:
وهو داء دفين، ومرض خفيّ، يسري في نفوس بعض الصالحين لما يرونه من إقبال الناس على غيرهم وانقطاعهم عنهم، وهو من أشد العوامل فتكاً في النفوس وأصعبها، وليس هو بأمر جديد، بل هو قديم قدم البشرية.
2- الاستهانة والتحقير:
إن من الأسباب القوية لتدمير القدوات وتحطيمها هو الاستهانة بهم وبمصنفاتهم ونتائجهم، وعده كلا شيء، وهذا ناتج عن الغرور العلمي، وإغماض العين عن الإيجابيات والفوائد، وشغفها بالسلبيات والنقائص.
ثم ذكر المؤلف صوراً من تحطيم القدوات والإقلال من شأنهم قديماً وحديثاً تبين بوضوح وجود هذه المشكلة و يحسن الرجوع إليها في الكتاب .
الموقف الصحيح من القدوات
ثم بعد الحديث عن هذين المسلكين الخاطئين في التعامل مع القدوات بين المؤلف الموقف الصحيح من القدوات نعرضه مختصراً بما يلي :
1- التعريف والإشادة بهم والاعتناء بتراثهم:
إن من الحقوق التي للقدوات على الأمة أن تُعرف الأجيال بهم، وأن يشاد بذكرهم، ويُعنى بتراثهم حصراً ونشراً؛ إذ هؤلاء هم تواريخ الأمة على الحقيقة، ووجهها الناصع، وسجلها المشرِّف، وأياديها البيضاء على العالمين، وهم أهل الثقافة والحضارة، والعلم والمعرفة، فمتى ما فرطنا في تعريف الناس بهم وإطلاعهم على مآثارهم ونتاجهم فإننا نُعد مفرّطين في حضارتنا وثقافتنا.
2- عدم قبول ذم كل شخص لهم:
إذ ينبغي التوقف والنظر، والحمل على أحسن المحامل، وأفضل المخارج، وذلك لأن مَن ثبتت ثقته بيقين فإنها لا تزول إلا بيقين، وهذه قاعدة معلومة معروفة، أما المسارعة إلى قبول الذم وترداده فإنه ليس من منهج العقلاء ولا الصالحين.
ثم ساق المؤلف كلاماً جميلاً للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي _رحمه الله تعالى_ يقول فيه :
"من الغلط الفاحش الخطر قبول قول الناس بعضهم ببعض، ثم يبني عليه السامع حباً وبغضاً ومدحاً وذماً، فكم حصل بهذا الغلط أمور صار عاقبتها الندامة، وكم أشاع الناس عن الناس أموراً لا حقائق لها بالكلية، أو لها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور، وخصوصاً مَن عُرفوا بعدم المبالاة بالنقل، أو عُرف منهم الهوى، فالواجب على العاقل التثبُّت والتحرُّز وعدم التسرُّع، وبهذا يُعرف دين العبد ورزانته وعقله".
3- الحذر من كلام الأقران بعضهم في بعض في باب الهدم والتشهير:
والأقران،هم: الجماعة المتماثلون أو المتقاربون سناً وقدراً، وكثيراً ما يحصل بينهم حسد أو غَيرة أو تنافس مذموم، فإن تكلم بعضهم في بعض بغير بيِّنة واضحة وبرهان فإن كلامه لا يقبل عند علماء الجرح والتعديل كما هو معلوم.
4- حمل كلامه على أحسن المحامل:
إذ لو أن كلاماً احتمل الخطأ والصواب والزيغ والاستقامة، فما الداعي لأن يحمل على أسوأ المحامل؟ وقال الإمام السبكي _رحمه الله تعالى_:
"فإذا كان الرجل ثقة، مشهوداً له بالإيمان والاستقامة فلا ينبغي أن يُحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تُعوِّد منه ومن أمثاله، بل ينبغي التأويل الصالح، وحسن الظن الواجب به وبأمثاله".
5- تقويم القدوة بجملة ما له من أعمال .
6- وجوب إجلال مَن جاز القنطرة وتجاوز ما أخطأ فيه:
وأعني بجواز القنطرة أن القدوة قد بلغ مبلغاً من الأعمال الصالحة والآثار الرائعة والعمل المتواصل للإسلام ما حصل به التوثيق له والطمأنينة به، فمَن كان كذلك ينبغي أن يُجَل ويُعَظَّم، وتُدفن بعض السيئات التي بدرت منه.
7- عدم اجتماع الناس على إجلال شخص منهم، إنما العبرة بالأكثر:
ينبغي ألا ننسى أبداً أنه لا يمكن أن تقف الأمة من القدوات موقفاً واحداً إلا ما ندر؛ فلا نجد قدوة اجتمع الناس عليه كلمة واحدة، لكن العبرة بحال الأكثر الأغلب فمَن أطبق أكثر الناس على الثناء عليه واعتبار حاله فهذا هو القدوة الذي ينبغي أن تُغمس سيئاته وسلبياته في بحر حسناته.
8- نقد الخطأ دون الحَطِّ والهدم:
وينبغي لمَن تصدّى لتقويم الناس وإقامتهم على الحق ووزن أعمالهم بميزان الشرع المطهر – ويا لعظم ما تصدّى له – أن يعتني كل الاعتناء بإحقاق الحق وبيانه ونصرته دون العناية بالحط على الناس، والتشهير بهم، والتشفي منهم، وإنقاص أقدارهم، ومحاولة صرف وجوه الناس عنهم.
وما أجمل أن يورد الناقد نقده مصاحَباً بالثناء على المنقود، وإظهار حسناته، وحسن بلائه، وجميل صنعه، وعظيم ما قدم للإسلام والمسلمين.
9- عدم قصر القدوات على زمان معين أو أشخاص معينين:
وهذه قضية مهمة؛ إذ يَعْمد بعض الناس إلى ألوان من التخصيص في حق القدوات زماناً ومكاناً وأسماء.
العناية بالقدوات الأحياء
ثم خص المؤلف الحديث عن القدوات الأحياء، فقال " مما ينبغي على الأمة أن تُعنى بهؤلاء وتكرمهم أحياء على الوجه المقترَح الآتي:
1- تعريف الأجيال المعاصرة بهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة.
2- فسح الطريق أمامهم لإلقاء ما يريدون إلقاءه على المجتمع.
3- العناية بنشر ما لهم من نتاج مقروء أو مسموع أو مرئي، وبيان فائدته وعظيم أهميته.
4- تكريمهم وهم أحياءفإنه أدعى إلى لفت الأنظار إليهم والعناية بشأنهم ونتاجهم .
وختم المؤلف كتابه الرائع ، الصغير في حجمه ، الكبير في محتواه بهذا الاقتراح : أن يكون هناك مجمع من العقلاء والصالحين والعلماء والمشايخ يكون من مهمته حماية القدوات من التحطيم والهدم ، ومعاقبة من يصنع ذلك بل منع الكلام فيهم وقطع دابر ذلك تماماً .
جزى الله المؤلف خير الجزاء، ونفعنا الله بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.