الدور التربوي لحملات الحج
2 ذو الحجه 1424

أياما معدودات يتنقل الحاج فيها بين عبادات ومشاهد عظيمة ذات تأثير تربوي كبير على النفس كانت في السابق رحلات فردية أو مجموعات صغيرة تعتمد على الاجتهاد بصورة كبيرة، والآن وبعد تنظيم مسؤولية نقل الحجيج أصبحت حملات الحج تحمل عبئاً كبيراً ودوراً واضحاً في تجلية آثار الحج التربوية على الحاج بالإضافة إلى الأمور الفقهية.
ومن هنا يسر موقعكم ( المسلم ) أن يتطرق لهذه القضية ( الدور التربوي لحملات الحج )، والتي ناقشنا خلالها بعض المسؤولين عن حملات الحج والدعاة، وبعض من قام بأداء هذه الشعيرة عبر حملات الحج، فنسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه صلاح الأمة أجمعين، في بداية تحقيقنا طرحنا هذا المحور المهم للجميع، وهو :
هل يحمل المسؤولون عن حملات الحج هماً تربوياً يمكن أن يتخطوا به حاجز الربح والخسارة ؟
بدأنا بالأستاذ يوسف الغليقة، والذي عرف لنا ابتداءً المقصود بالتربوي، والذي يرى أن على أصحاب الحملات السير نحو تحقيقه فيقول :" إن المقصود بمصطلح " التربوي " هو: مجموعة التصرفات العملية والقولية المأخوذة من نصوص الشريعة، والتي يمارسها إنسان بإرادته مع إنسان آخر بهدف مساعدته في اكتمال جوانب نموه وتفتيح استعداداته ، وتوجيه قدراته ، وتنظيم طاقاته ليتمكن من ممارسة النشاطات وتحقيق الغايات التي يحددها الإسلام" ثم يضيف مبيناً رأيه حول وجود هذا الهم لدى أصحاب حملات الحج، فيقول : "يتباين المسؤولون عن حملات الحج في حمل الهم التربوي، وخاصة من هم على رأس هرم المسؤولية نظراً لكثرة عدد مؤسسات خدمات الحج، واختلاف الأوساط التي عاشوا فيها ، أما عن اللجان الثقافية والتوعوية لمناسك الحج، فهذه غالباً تحمل هذا الهم التربوي في معظم الحملات ، ولا شك أنه في ظل التنظيم الجديد لمؤسسات خدمات حجاج الداخل نجد أن الحملات تعي أن لها دوراً تربوياً تؤديه أثناء الحج، وخاصة أثناء المشاهد في المشاعر المقدسة".
ويرى الأستاذ محمد المنصور أن المسؤولين عن حملات الحج يعون هذا الأمر، بل يعون أن هذا الأمر واجب عليهم تأديته، فيقول: "المسئولون في حملات الحج يحملون هماً تربوياً كبيراً ويعون بأن لحملات الحج الدور التربوي واجباً عليهم تأديته أثناء الحج، وإن أمكن بعده التواصل مع المعنين في ذلك"، ثم يضيف قائلاً :" وقد عايشت هذا كثيراً مع مسؤولي الحملات _ولله الحمد والمنة_" .
في حين أن الأستاذ فهد السيف يرى أن اختلاف الأهداف موجود باختلاف الأشخاص، فيقول : "الذي يظهر أن المسؤولين في الحملات يختلفون باختلاف الأشخاص في همهم التربوي ، فمنهم من لا يحمل أي هم تربوي، أما حَمَلَة الهم التربوي فإن من يمارس خدمة الحجاج بنفسه فهو يمارس في الوقت نفسه دوراً تربوياً ، وكذلك من يقدم البرامج الثقافية يقدم برامج تربوية في الوقت نفسه "، ويؤكد الأستاذ خالد بن عبدالعزيز العمر هذا الرأي، فيقول :" في اعتقادي أن هذا الأمر راجع لصاحب الحملة والمشرف عليها"، ثم يستعرض تاريخ بداية نشاط الحملات في الحج معرجاً على بعض الصور الموجودة في بعض الحملات، فيقول :" فكما نعلم أن الحملات لها تاريخ بدأ بفكرة قبل بضع سنوات تهدف إلى إعطاء الحاج الراحة التامة مع جعله متفرغاً لعبادته في الحج ، ثم تطورت المسألة عند مجموعة من هذه الحملات ، لتصبح هدفاً تربوياً يستغل ، ثم بدأت في السنوات الأخيرة بالتركيز على جانب الرفاهية الزائدة للحاج مغفلة جوانب تربوية، وفرصة قد لا تتكرر لغيرهم في مثل هذا الوقت ، مع أني لا أحكم بالغالبية العظمى، ولكن هذا الذي ظهر في الآونة الأخيرة ، مما جعل بعضها – وخصوصاً الحملات الجديدة – لا تعي المعنى التربوي لهذه الفريضة العظيمة ، وما يترتب عليها من آثار إيجابية قد لا تنسى" .
وحول هذا الجانب استطلعنا رأي بعض من أدى هذه الشعيرة العظيمة بواسطة حملات الحج، فيقول الأستاذ فهد الدايل :"الغالب - والله أعلم بالنيات - أن أكبر همه هو الربح والخسارة - فيما يظهر لنا من خلال حجنا عن طريق بعض حملات الحج – بعضهم كانت البداية له التسهيل على الناس والحرص على إصلاحهم وبمرور السنين تحول الهم إلى مقدار الربح من هذا العمل ، وترى ذلك واضح وجلي عندما تلاحظ الفرق الشاسع بين ما تم الوعد به من خدمات قبل موسم الحج وما تم تنفيذه أثناء موسم الحج ، ثم ترى خدمات هذه الحملة قبل سنوات والآن تغيرت خدماتها إلى الأقل ومن الخدمات الدور العلمي والتربوي المنوط بها والتي نحن بحاجة لها أكثر من الغذاء" . في حين أن الأستاذ محمد اليوسف يرى أن هذا الهم موجود في الحملات، ولكنه يأتي بعد الهدف الربحي، والغالب أنه يوجد عند أهل العلم والعلماء، فيقول :" في الحقيقة أن غالب أصحاب الحملات همهم الأول هو الربح، ويأتي من بعده الهم التربوي، وقد تجد ذلك الهم يحمله المشرفون في الحملة خصوصاً من العلماء وطلاب العلم، وعندما قلت في كلامي: غالب، فأنا أعني ليس كل أصحاب الحملات" .
وعند عرض هذا المحور على أهل العلم قال الشيخ فهد العيبان – حفظه الله - :" الملاحظ على كثير من مسؤولي حملات الحج أنهم يحملون هماً تربوياً، ولكن قد يختفي هذا الهم في خضم زحمة العمل والمصاعب التي قد تواجههم"
ويرى الشيخ جماز الجماز أن نسبة المسؤولين عن حملات الحج الذين يحملون الهم التربوي هي الثلث، فيقول :" نسبة المسؤولين عن حملات الحج الذين يحملون هماً تربوياً هي الثلث 30% من المسؤولين" .
ونجمع الأقوال بكلام لفضيلة الشيخ ناصر العمر – حفظه الله – حيث يقول حول وجود هذا الهم لدى المسئولين عن حملات الحج، وهل من معارضة مع الرغبة في الأرباح التجارية، فقال:" أقول : يختلفون في ذلك ليس كل القائمين على حملات الحج على درجة واحدة منهم من همه الدنيا، وهذا لاحرج فيه بالنسبة لمن يريد التجارة فحسب لكنه خالف الأولى ؛لأن الأولى أن يجمع بين التجارة وغيرها، وهذا هو هم الأكثر حسب ما أعرف فإن أكثر القائمين على حملات الحج من أهل الخير ويعنون بكثير من البرامج، ولكن أيضا يتفاوتون في هذه البرامج والجانب التربوي هي من أقل البرامج عناية في حملات الحج؛ لأنهم يركزون على جوانب قد تكون موضوعية فيما يتعلق بأحكام الحج والمشاعر وغيرها وجوانب عبادية وهي من التربية على كل حال ويصعب الحكم على الكثير بحكمٍ واحد، وبالجملة فالأمر يحتاج لمزيد من العناية والدراسة".
ثم يعلق – حفظه الله – ناقلا القضية إلى جزء آخر منها، فيقول : "ولذلك يأتي السؤال التالي ، وهو: كيف يمكن لهم تأسيس هذه الأبعاد السامية في الحملات ؟
فأقول : فاقد الشيء لا يعطيه إذا كان صاحب الحملة لا يحمل أصلاً هما تربوياً ودعوياً فإنه يصعب عليه أن يعنى بهذا إلا إذا جاء بأناس معه، وهكذا نستطيع أن نتعامل مع حملات الحج بأن يكون مع صاحب الحملة عدد من المعنيين بأمور الحج والتربية وغيرها؛ لأن الإنسان إما أن يحمل الهم بنفسه، وإما أن يكون معه من يحمل الهم، وكم أتمنى أن تقام دورات تدريبية لأصحاب حملات الحج يبين فيها ماالأمور التي يجب أن يعنوا بها، ويكون منها أيضاً الجانب التربوي والتركيز عليه وتأثيره مع بيان أن الجانب التربوي أشمل مما يفهمه كثير من الناس؛ لأن موضوع العبادة والذكر وكثير من أعمال الحج هي تربوية ، فأن تقام الدورات لأصحاب حملات الحج، وهذا مما يسددهم ويجعل لحملاتهم قيمة أكبر، ويجعل الإقبال عليهم أكثر، فهي تزيدهم ولا تنقصهم ديناً ودنيا، وكم أتمنى من مكاتب الدعوة أن تعنى بإقامة مثل هذه الدورات للإخوة القائمين على حملات الحج ، وأن يشارك من كل حملة بعض الذين سيحجون مع تلك الحملة وأخصهم المعنيين بالأمور التربوية، والله أعلم ) .
ويقول الشيخ الجماز :" يستطيعون تأسيس هذه الأبعاد عبر اللجنة الثقافية في الحملة ، وفق الآتي :
1- تخصيص ثلث البرامج المقدمة بالجانب التربوي .
2- ترشيح أحد التربويين ضمن اللجنة الثقافية .
3- أن يكون أحد الضيوف المستضافين في الحملة ممن يحمل هماً تربوياً ينطبع على كلماته وتوجيهه" .
ويؤيد الشيخ العيبان هذه الآراء مطالباً بتخصيص لجان لتحقيق هذا الدور، والذي سيرفع من سمعة الحملة في الوقت نفسه، فيقول : " من الضروري لهذه الحملات حتى تنجح في الجانب التربوي :
أ- أن تجتهد في أن تجعل لهذا الهم التربوي لجاناً فاعلة تمتلك الجهد والوقت والمال .
ب- كذلك من المفترض أن يعلم القائمون على الحملة أن النجاح في الجانب التربوي يؤدي – كما هو ملاحظ – إلى النجاح المادي، حيث إن أكثر الناس اليوم يحرصون على الحملات التي تمتلك حساً دعوياً وتربوياً .
ج- جعل الجانب التربوي ركناً مهماً من أركان تأسيس الحملة، كما أن الطعام والخيمة والمكان والأدوات أساسيات في تأسيس الحملات" .
وحول البرامج التربوية المنفذة في حملات الحج، وهل أشبعت – بواقعها الحالي - حاجات المجتمع يقول الأستاذ فهد الدايل :" عدد قليل من الحملات نسبة إلى عدد الحملات الموجودة قامت بجزء من واجبها تجاه الحرص على بعض البرامج التربوية ، والغالب منها في الأصل لا تأخذ بعين الاعتبار القضايا التربوية، فكيف بالحرص على إشباع حاجات الناس ، ونجد منهم الحرص على القضايا الاجتماعية والمادية أكثر من البرامج التربوية، مما أدى إلى ضعف وصول الحملات للمستوى المرجو منها، وأرى حقيقة من أهم الأسباب :
1- عدم وجود الهم التربوي عند أصحاب الحملات والحجاج أيضاً .
2- لا يعد من العناصر التي يقيم بها الحجاج جودة الحملة عند الرغبة في اختيارها .
3- البداية المتأخرة لإعداد البرامج التربوية .
4- عدم وجود جمعيات أو هيئات تتبنى هذا الأمر، مما يسهل على أصحاب الحملات إدراج هذه البرامج في حملاتهم، بل ويزيدهم حرصاً على ذلك " ، ويؤيد الأستاذ محمد اليوسف هذا الرأي، فيقول :" لا لم تشبع حاجات المجتمع؛ والسبب لأنها – أي: الحملات – لا تخرج عن إطار إرضاء الحاج في مركبه ومشربه ومأكله والبرامج الترفيهية، وإن لم يكن لها عائد تربوي على الحاج نفسه، نعم نحن لا نقول بأن تصبح الحملة مركزاً مكثفاً للدروس والبرامج، ولكن أيضاً لا نريد أن تتحول الحملات إلى مراكز ترفيهية ، وهذا ما تتجه إليه الحملات - نتيجة للمنافسة الموجودة - إن لم يتدارك المسئولون الأمر" .
ويرد الأستاذ محمد المنصور مدافعاً، فيقول :" الكمال عزيز والعمل البشري يعتريه، ولا شك الخطأ والتقصير ولكن هناك كما سبق جهود كثيرة وكبيرة يقدمها مسؤولو الحملات ممثلة في برامجها الثقافية، وإذا كان العمل مستمراً ومتواصلاً والنية صحيحة والصدق موجود إضافة إلى الركيزة الأساسية ألا وهو العلم فإن الأمر إلى الأحسن، وتلبية الاحتياج أكثر وأكبر متمنين الوصول قريباً إلى درجة الكمال البشري، أما عن وجود القصور والأسباب في ذلك فهذا موجود إلى حد نسبي، ويستعرض أهم الأسباب المسببة للوضع القائم مطالباً بتأسيس جهة مسؤولة تقوم بربط حملات الحج في هذا الجانب بعيداً عن الارتجالية المعهودة، فيقول : " وفي نظري أن من أهم الأسباب في ذلك عدم وجود جهة مؤهلة تجمع الجهود الفردية لمسؤولي الحملات، وتقوم بدورها بالتنسيق مع الحملات، ووضع خطة شاملة وراسخة يكون فيها توفير للجهود الحسية والمعنوية، ويكون العمل بها أكثر تفعيلاً وإتقاناً، ومن ثم تكون آثارها أكثر نفعاً، وبها يسد الطريق على الأعمال الارتجالية ، وربما المخالفة للمنهج الصحيح الموافق للكتاب والسنة، فتكون هذه الجهة بمثابة النقابة، وتكون مسؤولة المسؤولية الكاملة عن البرامج الدعوية في موسم الحج " .
ويرى الأستاذ فهد السيف أن البرامج التربوية لا تكفي خلال عام كامل، فكيف ستكفي خلال مدة قصيرة.. لا أعتقد أن البرامج التربوية المقدمة في حملات الحج تفي بحاجات المجتمع ، بل لا أعتقد أن ذلك ممكن ، بل أذهب إلى أبعد من ذلك حيث أعتقد أن البرامج التربوية المقدمة للمجتمع خلال العام كاملاً لا خلال مدة الحج لا تكفي ولا تفي بحاجة المجتمع، ثم استعرض بعض الأسباب، والتي للحملات دور فيها وللحاج أيضاً دور آخر، فيقول : "أما الأسباب فكثيرة يأتي في مقدمتها :
1- ضعف التأهيل التربوي في قطاع العاملين بالحملات .
2- ضعف البرامج التربوية في الأمة بشكل عام ، فكيف نطالب الحملات بأمر قد وقع في الخلل بصورة فجة في الأمة ، حتى في المحاضن التربوية ذاتها .
3- ضعف الترتيب والتنظيم للقضية التربوية خلال مدة الحج ، والاهتمام بأمور أخرى وعدم الالتفات لهذا الجانب المهم ، فلا تعطى إلا فضول الأوقات ، وقد تكون الجهود شخصية فردية غير مرتبة ولا منظمة .
4- الحج جهاد وجهد وتعب ونصب ، وقد لا يستطيع الحاج أداء واجباته هو إلا بمشقة، فلا يجد جهداً ووقتاً لأداء الدور التربوي خصوصاً إذا تعرض خلال مدة الحج لمرض أو نحوه .
5- مدة الحج قصيرة قريبة من أسبوع قد لاتفي بالغرض".
ويرى الأستاذ خالد العمر أنه ينبغي التمييز بين الحملات منبهاً على الضعف التربوي موجود في المجتمع في غير أيام الحج، فيقول:" في رأيي هي مختلفة من حملة لأخرى ، وهي بالمجمل العام لم تشبع الحاجة، وذلك لضعف الدور التربوي في غير وقت الحج ، فمن الحملات من حرص أصحابها على إشباع حاجات المجتمع بغض النظر عن تقبل الناس لهذه البرامج من عدمه ، وذلك بوضع برامج متنوعة وهادفة وحرص على استغلال كل دقيقة وجليلة في الحج ، ومنهم من أغفل هذا الجانب وبحث عن الترفيه في غير وقته ) . ويربط الأستاذ يوسف الغليقة الأسباب بأسباب خارجة عن إرادة الحملات في الغالب مع قلة خبرة العاملين في الحملات فيقول : ( من هذه الأسباب :
1- المدة الزمنية في هذا العصر التي يقفها الحاج خلال موسم الحج حيث لا تتجاوز سبعة أيام .
2- الزحام الشديد وكثرة الحجيج مما يجعل هم المسؤولين عن الحملة والحجاج الأول والأخير إنهاء النسك .
3- ضعف تفهم بعض مسؤولي الحملات أن أداء المشاعر والنسك يمكن أن تؤدي جوانب تربوية جيدة ومفيدة .
4- قلة الكوادر المؤهلة تربوياً في حملات الحج
5- مبالغة كثير من أصحاب الحملات بالجوانب الترفيهية والخدمات التغذوية مما اشغلت كثير من مسؤولي الحملات عن الأدوار الأخرى ) .
ويقول الشيخ ناصر العمر : ( هذا صعب ولا نطالب بالمستحيل ، لأن المدة قصيرة والظرف صعب والزمن يلاحق بعضه بعضا ، فكوننا نريد أن نشبع حاجات المجتمع في رحلة لا تتعدى خمسة أيام مع ما فيها من عمل ودأب فيه صعوبة ، ولكن أقول المهم أن تكون الرحلة فيها برامج تربوية عملية واقعية لا إفراط ولا تفريط ، لا نريد أن تتحول أيضا حملة الحج من أولها إلى آخرها إلى دروس ومحاضرات نظرية ،بل ينبغي التركيز على الجانب العملي والانضباط ، وهذا مجاله كثير جدا .
على كل حال أقول لا تزال حملات الحج مع أنها منذ أكثر من عشر أو خمسة عشر عاماً تقدمها في الجانب التربوي يعتبر نسبياً وهو أقل ما يتوقع منها وما يمكن ولكن على الاخوة أن ينظروا بواقعية وأن يعتذروا لإخوانهم حسب الظروف والإمكانات حتى لا نبالغ في الأمور . )
وحول الأسباب المعيقة لتنفيذ البرامج التربوية على الوجه الأكمل يرى الشيخ ناصر العمر أن هناك أسباباً متعلقة بالحملة نفسها وأسباب خارجة عن إرادتهم فيقول حفظه الله : ( حقيقة من أعظم الأسباب الحرص على الجانب المادي الذي يغلب على الحرص على الجانب الدعوي والتربوي والإيماني وغيرها ومن هنا نلاحظ الفرق بين حملات الحج تبعا لما ذكرت من اهتمامات القائمين عليها . كما أن أيضا ظروف الحج نرى أنها سبب من الأسباب التي تعيق صاحب الحملة من أن يقدم كل مالديه أي أن صاحب الحملة قد يذهب من هنا وهو يحمل أفكارا وهموما كثيره ولكنه عندما يريد أن يطبقها على أرض الواقع تواجهه مشكلات كثيرة جدا ولا غرابة في هذا إذا كان أصحاب الجامعات والمدارس وهي مدارس مستقرة من سنوات ولديها من الإمكانات لاتستطيع أن تطبق برامجها فلا شك أن حملات الحج قد يكون لديها من الأسباب ما لا تصل إلى المستوى المطلوب خاصة مع اختلاف المشاركين وتجدّدهم وكلُ غالباً سنة يكون من يشارك في الحملة ممن يشارك لأول مرة مع هؤلاء . مع ظروف الحج الطبيعية فيضعف البرنامج ويكون عائقاً أحيانا عن الوصول للمستوى المطلوب لكنه ليس بالمستحيل وإذا وجدت النية الصادقة والعزيمة القوية بإذن الله واتخذت الأسباب قبل ذلك والتهيئة قبل الحج بفترة طويلة فبذلك ممكن أن نصل إلى مستوى أعلى من المستوى
الموجود الآن أيضاً الأسباب الداخلية سواء صاحب الحملة أو من معه من أفراد قد تعيق البرامج الذي نريدها سواء الدعوية أو التربوية أيضاً هناك أسباب خارجية تتعلق بالحج نفسه وبالأنظمة المعمول بها وبظروف يوجهها الحاج معه وأرى العدل والواقعية في طرح الموضوع والتعامل مع الاخوة فينبغي أن يكون لدينا طموح وهمة عالية لكن لا نكثر من التثريب على إخواننا في حملات الحج إذا علمنا أن صدق النية موجود لديهم والعزيمة ولكن هناك عوائق حالة دون تحقيق برامجهم على الوجه الأكمل ) .
ويرى الشيخ فهد العيبان أن التكرار في البرامج وعدم اشراك الحجاج وضعف المتابعة وعدم القدرة على توزيع الطرح بالشكل الإيجابي من أبرز المظاهر الموجودة فيقول : ( البرامج الدعوية المنفذة اليوم لا تفي بالحاجات وينقصها الكثير من ذلك :
1- التجديد في الطرح وعدم التكرار لأن الغالب هو ( محاضرة ، توزيع شريط وكتيب ) .
2- محاولة اشراك الحجاج في البرنامج التربوي .
3- متابعة المشاركين والتواصل مع من يحتاج إلى تواصل ولو لبعض الوقت .
4- عدم التركيز على الجانب الوعظي فقط أو الجانب العلمي لمناسك الحج فقط بل لابد من توزيع الطرح وتنويعه وتلمس حاجات المشاركين . )
ويوافق ما رآه الشيخ ناصر العمر في أن من الأسباب الموجودة أسباباً داخلية وأسباباً خارجية فيقول : ( من الأسباب :
1- الضغوطات من قبل وزارة الحج ( إدارياً ، ومادياً ونظامياً ... )
2- مسؤولي الحملات غير الأكفاء .
3- عدم اختيار الأكفاء من المشرفين .
4- عدم تعاون بعض الحجاج مع الحملة .
5- الخلاف والنزاع الذي قد يحصل بين مسؤولي الحملة والمشاركين . )
ويتفق الشيخ جماز الجماز مع ما ذكر مضيفاً نقاطاً مهمة فيقول : ( الأسباب التي أدت إلى ضعف حملات الحج منها :
1- عدم وجود لجنة ثقافية أو علمية أو تربوية تعنى بهذا الجانب .
2- الاكتفاء في بعض الحملات على الجانب العلمي وحصره في الإفتاء فقط .
3- عدم وجود الهم الدعوي لدى المسؤول أو المالك للحملة .
4- انصراف كثير من النشيطين عن تنفيذ البرامج الثقافية والتربوية بسبب عدم تقديرهم وتكريمهم ومكافأتهم من قبل إدارة الحملة .
5- غياب دور الاحتساب أثناء العمل فهو وإن عمل فيعمل حسب العقد والاتفاق وقدر المكافأة ، وحينها تنعدم البركة .
6- سوء التنظيم الإداري في وضع الجدول الثقافي ، وعدم الاكتراث بحاجات الناس في حرصهم على المتعلم والمتربي ، والاهتمام بتلبية حاجاتهم بدنياً من الطعام والشراب والمركب . )

وحول البرامج الثقافية المقامة في الحملات هل يراعا فيها الجوانب التربوية بجانب الجانب الشرعي قال الأستاذ خالد العمر : ( أظن أن البعد التربوي مطلب أساسي ، يحرص عليه من يهتم بوضع البرامج المنظمة مع الحرص على الجانب الشرعي وربطه بالجانب التربوي وذلك حتى تكون قابلية الناس له أكبر واستيعابهم لهذا الجانب أوسع ) .
في حين أن الأستاذ محمد المنصور يرى ضعف الاهتمام بهذا الجانب فيقول : ( اعداد البرامج في الحملات غالباً يراعى فيه الجانب الشرعي فقط وان كان في بعض الأوقات والأماكن له بعد تربوي ولكن في نظري أنه قليل ولعل أيضا – كما ذكرت في نقطة سابقة – من أكبر فوائد توحيد الجهود تفعيل الدور التربوي في برامج الحملات الثقافية . )
ويرى فهد السيف أن هذا من الأشياء المهمة التي يجب ألا تغفل عنها حملات الحج فيقول : ( من المهم جداً الجمع بين الجانبين الشرعي والتربوي للقيام بهذه المهمة العظيمة ، بل ينبغي استغلال الجوانب الأخرى غير هذه كالجوانب الاجتماعية ونحوها ) .
وينبه الأستاذ يوسف الغليقة بأن المطلوب من الحملات أولاً الاهتمام بالجانب الشرعي وأن وزارة الحج دائما تحث أصحاب الحملات على هذا التوجه أما الاهتمام بالجوانب التربوية فعائد لحرص أصحاب الحملات عليه فيقول : ( عند إعداد البرامج في حملة الحج يكون التركيز أساساً على الجانب الشرعي ورسم آلية واضحة لكيفية الحج وهذا همٌ لكثير من مسؤولي الحملات بل مطلوب منهم شرعاًَ وعقلاً وتؤكد وزارة الحج على هذا الجانب التوعوي لبيان مناسك الحج للحجاج ، ثم تختلف الحملات حسب تفهمها لأهمية الجانب التربوي في معالجة القضايا على أساس من الفهم الصحيح والفكر الناضج والرغبة الصادقة في خدمة الآخرين وتقديم الخير لهم ) .

وحول البرامج التربوية التي يمكن لحملات الحج القيام بها خلال فترة الحج والتي لها آثار تربوية على الحاج قال الشيخ ناصر العمر : (أرى التركيز فقط على ما يتعلق بالحج ، أن تكون برامج الحج مركزة بالشكل الأساس على ما يتعلق بالحج ، مثلا العبادة جانب تربوي وهو من أمور الحج التربية التي جاءت في الآيات والأحاديث يقول الله جل وعلا (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) الآية (البقرة:197)
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) التركيز على ما ورد في النصوص من الكتاب والسنة هذه جوانب تربوية ، التعاون بين الحجاج هذا جانب تربوي ، الإيثار لا الأثرة ، لأنه يوجد في جانب الحج أحياناً أثرة كل واحد يريد أن يستأثر هو بنفسه بأكبر شيء دون إخوانه ، لا أن يكون هناك إيثار ... مساعدة الضعيف ... التعاون فيما بينهم نظراً لأن الحج قصيرة مدته وسرعة أدائه وظروفه الصعبة يحتاج إلى تعاون قوي جداً يعاون القوي الضعيف والكبير الصغير والذكر الأنثى نكون كأمة واحدة ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) .
أيضا ما يتعلق بالجوانب العقدية وهي جوانب تربوية مهمة جداً ، فيما يتعلق بالمشاعر ، فالتركيز على الجانب العقدي فيما يتعلق بالطواف بالبيت ورمي الجمرات وغيرها . والبعد عن البدع والشركيات هذا جانب مهم للغاية وهو جانب تربوي .
من الجوانب المهمة أنك تستطيع أن تنجز الأشياء الضخمة الكبيرة في وقت قياسي وصغير جدا وقليل جدا كما يحدث في الحج ، حتى يستطيع الإنسان أن ينجز في أيامه الأخرى في حياته ، هذا جانب تربوي كبير جدا . الشاهد أن هناك برامج كثيرة يمكن أن يخطط لها وأن تعد من خلال هذا الجانب ، والله أعلم . )
ويقول الاستاذ محمد المنصور :( من البرامج التربوية التي يمكن لحملات الحج القيام بها:
1- تربية النفس على التوحيد وتحقيقه .
2- غرس مبدأ الأخوة وعقد أواصر المحبة بين المسلمين وتحقيق التسوية بينهم وهذا بلا شك من أكبر أسباب الاجتماع وعدم الفرقة .
3- تربية النفوس على الجد والاجتهاد والحزم وعدم الانسياق وراء الملاذ الدنيوية .
4- ايضاح منهج سلفنا الصالح في كل شؤون الدين والدنيا وأن يكون المسلم على بصيرة من أمره غيره مكترث ولا يتأثر بما يحيط به من الفتن والدعاوى الباطلة بشتى طرقها ومصادرها .
ويقول الاستاذ فهد الدايل : ( من البرامج :
1- ربط الأمة بعضها ببعض وذلك من خلال مناقشة القضايا التربوية التي تهم الأمة والشباب وذلك عن طريق لقاءت مفتوحة .
2- تربية الناس على حقيقة العبادة بأن يكون الهدف من العبادة التعبد لله وليس مجرد عادة إعتاد الناس على القيام بها في مثل هذه المواسم .
3- الحرص على القيام ببرامج تربوية لغير أهل هذه البلاد وخاصة القادمين من خارج هذه البلاد وتصحيح معتقداتهم
4- البدء بحفظ كتاب الله وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وأن تكون الانطلاقة من هذه الأيام المباركة وهو دور تربوي كبير ) .
ويرى الشيخ فهد العيبان أن من البرامج المهمة تفعيل دور الحوارات النافعة والندوات الهادفة والتعليم الفردي فيقول : ( من البرامج التربوية :
1- وضع البرامج الحوارية .
2- وضع ندوات لحل المشاكل الأسرية وطرق تربية الأبناء .
3- تفعيل التعليم الفردي كقراءة القرآن وتعليم الصلاة ونحو ذلك ) .
وينظر الشيخ جماز الجماز لبعض البرامج بأن لها أدواراً تربوية يحسن بالحملات القيام بها فيقول : ( البرامج التربوية التي ينبغي أن تنفذ في الحملة ولها آثار حميدة منها :
1- برنامج تزكية النفس ويمكن القيام بها عن طريق (كلمة بعد الصلاة ومحاضرة).
2- برنامج الدروس والعبر المستفادة من فريضة الحج ( مسابقة وكلمة )
3- برنامج الكلمات بعد الصلوات يربى الإنسان على المشاركة فيها عن طريق موضوعات مفتوحة .
4- برنامج مشاكل وحلول يستضاف خلالها شخصية متميزة وشيخ الحملة .
5- برنامج الصدقة يوضع خلالها صندوق لجمع التبرعات لتربيتهم على البذل في الشهر الكريم وترغيبهم في سقي الحاج وبذل الصدقة للمحتاج .
6- برنامج حفظ الكتاب والسنة ويختار سور من القرآن وبعض الأحاديث من خمسة إلى عشرة ويتم الإعلان عن مسابقة في الحفظ ، وبذلك يتم تربيتم على جانب مهم وهو حفظ القرآن والسنة .
7- برنامج المسلمون في العالم ، سواء عن طريق حوار أو كلمة عن الأقليات المسلمة وبيان حالهم ، وما يعانون من أذى واضطهاد وواجبنا نحوهم ) .
وبالإضافة إلى ما سبق يضيف الأستاذ فهد السيف بعض البرامج التي تضفي جوا من المحبة والشعور بالأخوة الإسلامية فيقول : ( من ضمن البرامج التربوية المقترحة والتي لها أثرها سواء على من ينفذها أو من يستقبلها :
1- القيام بخدمة الحجاج خدمة شخصية خصوصاً مع الإرهاق الذي يلحق بالحجاج مما يشيع في قلوبهم محبة عظيمة لمن يخدمهم ، ومن واقع التجربة فإن هذا الأسلوب ذو أثر فعال ، لا سيما إذا تضافرت جهود المصلحين للقيام بهذا العمل كما قال الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما اسعبد الإنسان إحسان
2- الجلسات الودية والأحاديث المتبادلة والدخول الاجتماعي مع صفوف الحجاج ودعوتهم من خلال ذلك .
3- إقامة علاقة خاصة خارج الحج .
4- دعوة الحجاج بعد الحج بقليل إلى وليمة جماعية . )

ويقول الأستاذ خالد العمر : ( على سبيل المثال لا الحصر :القيام بالبرامج المختصة بهذه الأيام كبرامج التربية بربط الحج بواقع تنوع الناس في معيشتهم ، التربية على الصبر ، تنظيم الحج لفتة تربوية طيبة في تنظيم أعمال المسلم ، تذكير الناس بموقف الناس في الحشر ... وهذا فيه ربط بين الجانب الشرعي والتربوي ، التربية على مبدأ الأخوة الإسلامية وهذا مكسب تربوي مهم في الحج ، الدعوة إلى التفكر .. في الطائرة .. بين المشاعر .. الطواف .. السعي .. وهكذا ، ربط الناس في عباداتهم مثل رمي الجمرات فيه معان تربوية عديدة .. الطاعة .. الولاء والبراء .. وهكذا ) .
في حين يذكر الأستاذ يوسف الغليقة برامج أخرى يرى أن لها أبعاداً تربوية فيقول : (
هناك عدة برامج تربوية يمكن لحملات الحج أن تقوم بها ومنها :
1- ما تتسم به رحلة الحج من جوانب تربوية في تحقيق التكيف النفسي السليم لما يلاقيه الحجاج من عنت ومشقة فلا بد للحملات من رسم برنامج لشغل أوقات الفراغ باشعار الإنسان بقدرته على التعبير عن نفسه وقدرته على الانجاز والنجاح وعن طريق ما تتيحه له من احتكاك اجتماعي مع الآخرين.
2- تنمية الجوانب الاجتماعية في الفرد بما يدار من حوارات ونقاشات خلال رحلة الحج .
3- الاستفادة من توجيهات الوزارة حول نظافة المخيم وترتيب أوقات رمي الجمار وأن هذا سلوك اسلامي تربوي يجب أن نتعلمه .
4- عمل برنامج للّوحات الإرشادية والتي توجه الحجاج إلى التعامل مع الآخرين بالتي هي أحسن وكف الأذى ورد السلام والتسامح مع الآخرين وتنمية العلاقات الانسانية الحميدة )
وعن أبرز المعوقات التي قد تعوق هذه البرامج وكيفية تجاوزها قال الاستاذ خالد العمر : ( من أبرز المعوقات : الانشغال بالعبادة ، الارتجالية ، المركزية في الأعمال ، عدم التنظيم المسبق ، قصر فترة الحج ، عدم الاجتماع مع الحجاج وإن وجد فضعيف ، وفي رأيي أن تجاوزها يكون بالاستفادة من أكبر قدر ممكن من الوقت المتاح فيه الاجتماع مع الحجاج سواء في المخيم أو في الباص أو حتى في الطائرة أو غير ذلك والابتعاد عن النقاط السلبية التي ذكرتها )
ويقول الاستاذ فهد السيف : ( من المعوقات التي أستحضرها الآن وبعضها ذكرتها في الأسباب التي أضعفت دور حملات الحج منها :
1- صعوبة الاعداد لهذه البرامج ، لا سيما وأن القائمين على العمل التربوي ينقطعون أثناء فترة الحج عن الكتب وآلات التصوير وغيرها مما أصبح ضرورة لنجاح البرامج .
2- بعض الحجاج يقفون حجر عثرة في وجه البرامج الثقافية حيث يبدي استياءه وعدم رغبته في المشاركة للإنزعاج الذي يلحق به ، وقد يكون بعضهم من الصالحين الذين يرغبون التفرغ للقراءة والبعد عن الأنشطة الجماعية .
3- صعوبة التنسيق مع الدعاة والمشايخ لاستضافتهم في الحملات خصوصاً ذات الأعداد القليلة ، وذلك أن المشايخ لا يقبلون التنسيق قبل الحج لعدم معرفة ظروف الحج وأثناء الحج يكون برنامجهم مضغوطاً .
4- ظروف الحج المتفرقة ، والمفاجآت غير المتوقعة من أكبر الأسباب .
5- الجهد الذي يلحق بالقائمين بالبرامج أيضا من الأسباب المهمة .
6- أيضا البرامج التربوية والثقافية تأخذ من الوقت الكثير مما يعني أن هذا البرامج ستكون سبباً في ضعف برنامج العبادة لدى القائم بالبرنامج مما يكون عائقاً عن القيام بمثل هذه البرامج ) .
ويضيف الأستاذ يوسف الغليقة فيقول : ( من المعوقات التي نرى أنها سبب في عدم تنفيذ هذه البرامج :
1- كون برنامج الحاج مليء بالأعمال التي تستلزم من الحاج القيام بها .
2- كثرة الزحام واستهلاك جزء كبير من الوقت في المواصلات .
3- الظروف التي قد تطرأ على إدارة الحملة دون تخطيط مسبق لها ، مما تهز مصداقية الحاج مع مسؤولي الحملة . )
وعن القدرة على تجاوزها يقول : ( يمكن لحملات الحج تجاوزها بالتخطيط المسبق ورسم آليات واضحة وعدم تحميل إدارة الحملة مالا تطيقه بل يكون هناك تقديم خدمة متناسقة مع العدد وطاقة المخيم . )
في حين أن الاستاذ محمد المنصور يقول : ( لا أرى أن هناك معوقات تحول بين هذه البرامج وتنفيذها ما دام أن العلم موجود وكذا العمل به وكذا التمسك بالوحيين العظيمين الكتاب والسنة وفهمهما الفهم الصحيح كما فهمه سلفنا الصالح وبالسير على نهجهم واقتفاء أثرهم رضي الله عنهم وأرضاهم قال تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ) الآية .
ويطرح الاستاذ محمد اليوسف مجموعة استفهامات فيقول : ( دعني أخي الكريم أطرح بعض الاستفهامات والتي في الاجابة على بعضها دور في ايضاح بعض الحلول :
- أين التنظيم المسبق لأصحاب حملات الحج بالنسبة للبرامج حيث يكون استعدادهم قبل فترة الحج بفترة قصيرة بالنسبة لحجم العمل الذي سيقومون به ؟
- هل كل العاملين في جانب الاشرافي على قدر واحد من اخلاص النية أم هناك تفاوت في الدرجات ؟ وهذا بلا شك سوف يلقي بظلاله على العمل وجودته .
- الاستفادة من الأوقات المهدرة مثل التنقل بين المشاعر أظن لو استثمرت لجانب التربية سيكون لها أثر كبير . أين دور المشرفين أو أصحاب الحملات عنها ؟
- لماذا بعض أصحاب الحملات لايدعمون البرامج الثقافية بالقدر الكافي حيث نسمع من بعض المشرفين أن المادة لديهم لا تساعد في زيادة البرامج ؟
- لماذا غالباً تتجدد الوجوه في اللجان الإشرافية في الحملات في كل سنة ، مما يجعل الخبرات السابقة تهدر بكل سهولة ؟
- ثم المشرفين على البرامج في ظني أنهم لم يكونوا يستطيعون الحضور كل عام للحج لولا أنهم مشرفون ، وما أتوا عبر هذه الحملات إلا من أجل الإشراف ،ومع ذلك يتذرع كثير بأنهم يريدون القيام بأعمال الطاعات مع أن هذا العمل الذي يعملونه – أي الإشراف على البرامج التربوية والدعوية - إذا احتسبوه عند الله بلا شك أنه من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله وهداية الإنسان خير من حمر النعم !! ) .

وحول وجود مقاييس لقياس الآثار التربوية لدى الحاج عند أصحاب الحملات تدرجت أراء المشاركين فيقول الأستاذ يوسف الغليقة : ( لا أعتقد أن هناك مقاييس لمتابعة آثار حملات الحج على المشاركين فيها فيما بعد ، وإنما لا شك أن الكلمة الطيبة والعلاقات الاجتماعية قد تحدث أثراً ولو بعد حين ) . ويقر الأستاذ فهد السيف بوجودها ولكنها ضعيفة بلا آثر فيقول : ( أن مقاييس آثار الحملات ضعيفة للأسف ولا يطفو على السطح منها سوى الاستبيانات التي تقوم بها الحملات لقياس نجاح الحملة ، وكذلك ما يظهر من آثار جلية على الحجاج في سلوك طريق الاستقامة أو بعض الكلمات التي يتفوهون بها وتُبين مدى التأثر منهم ، راجين أن نستفيد من موقعكم في هذه النقطة ) .
في حين أن الاستاذ محمد المنصور يرى أن هذه المقاييس موجودة ويطالب بوجود جهة إشرافية ترتب طرق قياس هذه الآثار فيقول : ( نعم هناك مقاييس لمتابعة آثار حملات الحج على المشاركين ولعل هذا يحصل إذا تم تعيين الجهة المختصة الجامعة للجهود الدعوية لحملات الحج وأن هذا من أبرز جهودها ) .
ويحث الأستاذ خالد العمر على متابعة الحجاج بعد الحج لمعرفة آثار الحج والبرامج التربوية عليهم فيقول : ( الاستمرار مع الحجاج بعد الحج بلقاء دوري ولو كان خاصاً ، له أثر فاعل جداً في متابعة هذه الآثار ، وهذا حاصل بالتجربة ) .
وكما هي الطبيعة البشرية فتختلف نفسيات الناس وميولهم وطبائعهم فهل لدى حملات الحج اعتبار لهذه النقطة ؟ يبين الاستاذ فهد السيف على أن الاختلافات الفردية موجودة وتفرض نفسها ولكن المهم هنا من الشخص الذي يستطيع أن يتقن هذا الفن ؟ فيقول : ( الاختلافات الفردية تفرض نفسها على العاملين في التربية حيث يعامل المسنّ بمعاملة تختلف عن الشاب ، ولكل شخص أسلوب يناسبه في التعامل ، لكن يبقى بعد ذلك من يتقن فن التعامل مع الأطياف المختلفة ) .
ويقول الاستاذ يوسف الغليقة : ( بالنسبة للاعتبارات الفردية غالباً تؤدي الحملة دورها عندما يكون هناك تناغم وتجانس بين المشاركين في الحملة وبالتالي يسهل رسم آلية للبرامج ، وإن لم يكن ذلك فالحملة التي تحمل هماً تربوياً تستطيع أن تراعي الفروق الفردية بين الحجاج ) .
وحول حرص حملات الحج على تفعيل مشاركات الحجاج ، وكيف يمكن تفعيل دور الحاج ليصبح فاعلاً بدل أن يتربى على أن يكون دائماً متلقي اتفق المشاركون على أهمية هذا الدور ووجوب تفعيله سواء من قبل أصحاب الحملات أوالمشرفين عليها لما لها من أثر على الفرد وعلى الحملات نفسها فيقول الشيخ ناصر العمر : ( هذا يرجع أولا إلى الحملة والمشرفين عليها ، فجميل أن يكون هناك بعض المتخصصين في الجانب التربوي كما أنه يوجد في الحملة مفتي ويوجد فيها بعض الدعاة أرى أن يوجد فيها بعض المتخصصين في الجانب التربوي الذي يتعلق بالتربية الأسرية العامة الكبار والصغار والرجال والنساء وليس خاص ببرامج الشباب بالإضافة إلى استمرار العلاقة مع الحاج بعد انتهاء الحج كم نتمنى من حملات الحج أن توجد صلة دائمة مع من حجوا معها على الأقل إلى السنة القادمة حتى نكون واقعيين والسنة القادمة مع الذين حجوا معها وذلك من خلال التواصل معهم وإرسال الرسائل والكتب والأشرطة بالإضافة إلى البرامج الجميلة الجيدة العملية في برنامج الحج وأن تكون هناك تطبيقات عملية ولا يركز على جانب التنظير ، وأن يكون هناك تشجيع للذي يبدي تعاون أكثر وأيضا يكون هناك جوائز ومسابقات في حدود برنامج الحج المكثف وهذا له فوائد عظيمة جدا على صاحب الحملة ديناً ودنيا ، ولذلك نلحظ أنه في آيات الحج في البقرة أن الله جل وعلا قال : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (البقرة:201) هذه جاءت في آيات الحج ولذلك قبلها آيات الحج وبعدها آيات الحج أيضا ، فيدل على أن هذا الجانب مطلب للحملات ولغيرها ولذلك آمل أن يراعا هذا الجانب ويقوى ويكثف وهو بلا شك يحتاج لمزيد من الدورات والدراسات أسأل الله أن ينفع ويبارك في الجهود .)
ويضيف الاستاذ يوسف الغليقة أن التفعيل هذا الجانب سوف يلقي بضلاله على سمعة الحملة أيضا فيقول : ( اعتقد أن تفعيل مشاركات الحجاج في الحملات أو في برامجها العلمية لأغراض تربوية هدف لكثير من أصحاب الحملات لأن هذا التفاعل يعطي الحملة قبول جماهيري ورضا شعبي للحملة ) .
ويقول الشيخ جماز الجماز : ( يمكن تفعيل دور الفرد في حملة الحج :
1- سواء بتكليفه بعمل أو مشاركة سواء قبل الحج أو أثناءه عن طريق كلمة أو إدارة حوار أو إقامة مسابقة .
2- اشراك قدر أكبر ممكن من الأفراد في المسابقات سواء عن طريق المجموعات أو الابداعات الموجودة لدى الأفراد.
3- اقامة برنامج كالمنتدى الثقافي المفتوح يشارك فيه عن طريق مقابلة أو طرح سؤال أو نصيحة أو موقف أعجبك أو موقف أساءك وهكذا . )
في حين أن الشيخ فهد العيبان يركز على وجوب معرفة أصحاب التخصصات والمهارات في الحملات من الحجاج وتفعيل دورهم فيقول : ( يمكن تفعيل دور الفرد وذلك بفرز المشاركين ومحاولة معرفة أصحاب التخصصات والمهارات وإشراكهم في العملية التربوية والدعوية وتوكيلهم ببعض البرامج ) .
ثم يضيف نقطة هامة وهي تفعيل الحس الدعوي لدى بعض الحجاج فيقول : ( كذلك اشراك من ليس من أصحاب التخصصات باقحامهم في الندوات الحوارية وتفعيل الحس الدعوي لديه لتكون نقطة انطلاقة – بإذن الله تعالى – له في مجال الدعوة ) .
ويقول الأستاذ محمد المنصور : ( من لديه أهلية من الحجاج للمشاركة في برامج الحملات العلمية والتربوية فلا مانع من ذلك بل ينبغي الحرص على ذلك والخير والعلم ليست محصورة على أناس دون آخرين ولكن بشرط توفر الأهلية وخاصة العلم النافع والعمل على نهج سلفنا الصالح ) .
ويقول الاستاذ خالد العمر : ( هذا الدور ضعيف نوعاً ما في غالب الحملات ، وأرى لإنجاح هذا الدور إشراك أكبر قدر ممكن منهم في الحوارات المباشرة أو عن طريق إتاحة الفرصة لهم بالكتابة وعرضها على الحجاج مع توزيع المتميزين على اللقاءات المختصرة والحلقات الصغيرة وقت الحج ، وتنبيه الحجاج للمشاركة في مثل هذه البرامج ) .
ويقول الاستاذ محمد اليوسف : ( أعتقد أن هذه النقطة إن كانت موجودة فهي ضعيفة في أغلب الحملات ولن تجدها واضحة إلا في الحملات المتميزة ، حيث أن أغلب البرامج موجهة للعامة ، ولكن ألم يكن من الأجدر القيام بعمل دراسات داخل الحملة حول البرامج المقامة – هذا بالإضافة إلى الاستبانات المقامة – وحول دقتها وهل وصلت إلى الشريحة المستهدفة ، ومن لا يريد أن يحضر البرامج كيف يمكن الوصول إليه ، أعتقد أن هذه من أهم الأمور التي ينبغي لأصحاب الحملات أن يوجهوا اللجان الإشرافية الثقافية إليها وبالطبع سوف يكون لها صدى عند الحجاج إذا كان صاحب الحملة يحرص على السمعة الطيبة لحملته ) .
ونختم بحديث للاستاذ محمد السيف والذي ركزه حول هذه النقطة فيقول : ( لا شك أن غالب حملات الحج يختلف الأفراد الملتحقون بها اختلافاً ًبيناً فمنهم العامي ومنهم المتعلم ومنهم الصغير ومنهم الكبير،ومن هنا كان إشراك بعض أفراد الحملة هام جداً .
فهو أولاً : يفيد الفرد المعد للبرنامج ثقافياً وعلمياً أثناء إعداده وثانياً : يعطيه دفعة معنوية واعتزازاً بذاته في كونه معداً أو مقدماً لبرنامج ما ، مما يكون عنده إحساساً إيجابياً وتنمية لقدراته . ودائماً اليد العليا خير من اليد السفلى .
ولكون أصحاب الحملات يجهلون غالب المشتركين معهم في قدراتهم وإمكاناتهم وقد يكون منهم المثقف وصاحب الشهادة العليا وذو الخبرة والبارع في تخصصه... فلا يستفاد منه في مجاله .
ومن هنا أقترح على كل صاحب حملة أن يعطي كل مشارك معه استبانه لمعرفة قدرات وإمكانات من معه فيستفيد منهم ( مرفق أنموذج مقترح ) .
وقد يكون ذلك من أسباب نجاح حملته ، وقد اشتركت في بعض الحملات وكان من ضمن أفراد حملتهم مختصين في علم الوراثة وهندسة الجينات استفادوا منهم أيما إفادة خاصة في علم حديث مثل ذلك يجهله الكثير .
وحيث قد أشرت قبل قليل إلى التنوع الثقافي والعمري لأفراد الحملات فإشراك مثل هؤلاء في برنامج موحد ظلم لبعضهم ولو جعل وقت المغرب مثلاً برنامجاً عاماً للجميع وبعد العشاء منوع حسب الأعمار مثلاً : الصغار ، الشباب ، الكبار لكان فيه فائدة كبيرة ويصعب تفعيل مثل هذا البرنامج دون مشاركة أفراد الحملة لئلا يكون العبء كله على الاشراف الثقافي في الحملة .
ثم يقترح لو تم توزيع نموذج لتعبئته من قبل الحجاج الملتحقين بالحملة سواء قبل الحج أو أثناءه.
الأنموذج المقترح
أخي الكريم :
حياك الله في حملة .... ونشكرك على اختيارك داعين الله أن نكون عند حسن ظنك وأن يتقبل الله منك حجك وعمرتك وأن يعيننا على خدمتك .
وحيث يلتحق بحملتنا بعض الإخوة كل عام يرغبون المشاركة في التوعية الدينية أو البرامج الثقافية أو العلمية سواءً للصغار أو الشباب أو الكبار إلا أن التنسيق المتأخر يحول دون الافادة منهم .
نأمل منك أخي الكريم الافادة من تخصصك أو خبرتك العلمية أو العملية ( ولا تحقرن من المعروف شيئا ) وذلك بالإجابة عن الأسئلة التالية :
الاسم : الهاتف :
العمر : العنوان :
العمل الوظيفي أو سنة الدراسة :
التخصص ـ إن وجد ـ :
هل ترغب المشاركة في برنامج تربوي أو ثقافي أو سواهما ؟
نعم ( ) لا ( )
في حالة الإجابة بنعم : ما هي المجال الذي تراه مناسباً لك :
درس تربوي ( ) كلمة بعد الصلاة ( )
صحف حائطية ( ) لقاء ( )
مسابقة ثقافية ( )
وغير ذلك مما تحتاجه الحملة ويسهم في دعم النشاط التربوي لها ).
ويرسل الاستاذ يوسف الغليقة رسالة إلى أصحاب الحملات فيقول : ( وفي الختام المرجو من أصحاب الحملات أن يعوا دورهم ومشاركتهم في خدمة المجتمع وأبناء هذا البلد وان عليهم مسؤولية كبيرة أمام الله سبحانه وتعالى وأن يؤدوا هذه الأمانة بصدق وإخلاص وانتماء وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح ) .

________________
شارك في هذه القضية كل من :
- فضيلة الشيخ د. ناصر بن سليمان العمر
- فضيلة الشيخ : فهد بن عبدالرحمن العيبان المدرس بمعهد القرآن الكريم بالحرس الوطني وإمام وخطيب جامع الإحسان بالرياض
- فضيلة الشيخ : جماز بن عبدالرحمن الجماز المشرف التربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء
- الاستاذ : محمد بن ابرهيم السيف المشرف التربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء
-الأستاذ : محمد بن صالح المنصور المشرف على شركة السلام المتحدة لخدمات حجاج الداخل .
- الاستاذ : يوسف بن محمد الغليقة مستشار شركة أهالي القصيم للحج والعمرة .
- الأستاذ : خالد بن عبدالعزيز العمر المشرف الثقافي بحملة المشاعر .
- الأستاذ : فهد بن ابرهيم السيف المشرف الثقافي بحملة طريق العزة
- الأستاذ : فهد بن عبدالله الدايل .
- الأستاذ : محمد بن سعد اليوسف .