مدخل ومقدمة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
نعرض في هذه السلسلة بعض الأساليب التربوية نستمد محتواها من القرآن الكريم والسنة المطهرة وآراء المختصين في مرحلة المراهقة... أساليب عملية نرجو أن تكون واضحة وسهلة على الآباء وعميقة التأثير في الأبناء، نهدف بها إلى زيادة راحتكم في منازلكم وزيادة استمتاعكم بتربية وإصلاح المراهقين من أبنائكم ،وذلك من خلال حديث عن المحورين التاليين:
1 – بناء الصداقة: "خمس عناصر"
أ – اكتشف الإيجابيات الصغيرة.
ب – عبّر له عن حبك.
جـ - تحدث كصديق.
د – شاركه المتعة.
هـ - شاركه العبادة.
2 – حل المشاكل بلا مشاكل: "سبع عناصر"
أ – طوّل بالك.
ب – اقبل ابنك بعيوبه.
جـ - الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك.
د – أسلوب "أنا" لحل مشكلتك.
هـ - اعترف برأيه.
و – الحزم اللطيف.
ز – دعه يتوهق.
سأتجنب الحديث عن تعريفات المراهقة والتغيرات الجسدية وعلامات البلوغ وبقية النواحي النظرية إلا في مواضع قليلة لأهميتها الخاصة، وذلك على افتراض أنها متيسرة في غير هذا المقام.
عندما أقول في مقالاتي هذه:كلمة "الآباء" فأنا أقصد الوالدين الأب والأم، وعندما أقول: "الأولاد" أو "الابن" أو "المراهق" فأنا أقصد المراهق والمراهقة على حد سواء، والآن ننطلق معاً إلى بداية الموضوع.
سبحان من أودع في قلب الأم غريزة فطرية وعاطفة جيّاشة، سبحان من جعل حبها لأبنائها أكبر من أي تعب أو معاناة أكبر حتى من آلام المخاض وطلقات الولادة هذه المعاناة الكبرى التي وصفتها أم شاعرة بعد إنجابها طفلها الأول تقول:
إذا ما تكورت في داخلي | |
وبت أقلب فكر التمني |
|
ولما توالت شهور الطوال |
|
ذبلت ذبول غصون الخريف |
|
وحين تزمجر ريح المخاض |
|
شعرت بنوبة شبه الجنون |
|
كأني من القهر بين الرحى |
|
استجرت بلطفك يا من على |
|
وتنسل مني جذور العروق |
|
وكنت مودعة للحياة |
|
هناك تذكرت بين الملا |
|
وأيقظني من سبات عميق |
استعانة بالله وحب وصبر، كل هذا يحتاجه المولود الضعيف في ولادته الأولى، ويحتاجها مدة أخرى في ولادته الثانية، ولادة رجولة الولد، وولادة أنوثة البنت، ومثلما الولادة الأولى تأتي بعد تسعة أشهر حملاً في رحم امرأة ضعيفة، كذلك الولادة الثانية ولادة الرجولة والأنوثة، تأتي بعد تسع سنين حملاً في رحم مرحلة ضعيفة هي مرحلة المراهقة، للحمل الأول علامات، وللحمل الثاني علامات، في شهور الزواج الأولى ينتظر الزوجان علامات الحمل بفارغ الصبر رغم أن هذه العلامات مزعجة في حد ذاتها من غثيان واضطراب في النفسية وآلام وإغماء أحياناً، رغم ذلك ينتظرون هذه العلامات ويفرحون بها؛ لأن وراءها شيء رائع، وراءها طفل ينتظرونه، وكذلك علامات الحمل الثاني يجب أن ننتظرها بشوق أيضاً، ونفرح لقدومها ولا يؤثر على فرحتنا بها على كون هذه العلامات مزعجة في حد ذاتها من تمرد وتذمر وعناد، أو الابتعاد عن الآباء إلى الأصدقاء، أو حساسية عاطفية، رغم إزعاج هذه العلامات نفرح بقدومها؛ لأن وراءها شيء رائع، وراءها رجل صالح تنتظرونه، ووراءها امرأة صالحة تنتظرونها، للولادة الأولى آلام متعبة، وللولادة الثانية آلام متبعة أيضاً، أشد آلام الولادة الأولى انفصال الطفل بجسده وروحه، وأشد آلام الولادة الثانية انفصال المراهق بإرادته وعواطفه، ومتى يحدث هذا الانفصال الصعب يحتاج المراهق لقوتين دافعتين يفجرهما الله في نفسه شدة: 1- الانفعال. 2- والحاجة للاستقلال، ومن القوتين تكون مظاهر المراهق المزعجة أحياناً، لكن مهما كانت مزعجة فأنتم صبرتم على الأكثر إزعاجاً منها، صبرتم على آلام الولادة الأولى، و_بإذن الله_ تستطيعون الصبر على آلام الولادة الثانية، على متاعب المراهقة، وتحلون مشاكلها وتبنون صداقة حقيقية مع ابنك والمراهق، وتبدعون في تعاملكم معه، و_بإذن الله_ سيتعلم منكم من حولكم من الآباء كيف يربون أبناءهم، والأهم من ذلك أنكم تُعَلِّمون أبناءكم كيف يكونون آباء في المستقبل _بإذن الله تعالى_.
كانت هذه مقدمة لأساليب التعامل مع المراهقين، وفي حلقة قادمة –بإذن الله- سنتعرض للمحور الأول: (بناء الصداقة).