30 جمادى الأول 1429

السؤال

أنا طالب جامعي أدرس بالرياض وأهلي يقيمون خارجها . التزمت منذ سنتين تقريبا من يوم أن دخلت الجامعة . تعرفت على صحبة صالحه من بلدتي لكنهم أصغر مني سنا ... لكني لا أجد نفسي مرتاحا للاستمرار معهم لأنهم صغار سن وأخلاقهم فيها بعض المساوئ مع أنهم من حفظة القران والسنة . أنا الآن أسعى إلى صحبة أفضل منهم ، سؤالي : كيف لي أن أكسب أصدقاء صالحين في مثل سني؟

أجاب عنها:
د. مبروك رمضان

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
حياك الله بين أهلك وإخوتك،فلست غريباً ولا مغترباً، بل أخاً وحبيبا فلا تدع فكرة الاغتراب تأخذ من وقتك وجهدك، وها أنت تقول التزمت منذ سنتين فالعودة إلى الله والتمسك بكتابه سبحانه وهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هما حبل الله المتين، - فمن كان الله معه لا يخيب سعيه ولا يضل سائلة، ومن كان الله معه فمن الذي عليه- وكفى بالمرء سعادة وهناء أن يكون قريباً من رب العزة عز وجل.
وموضوع الصحبة يختلف باختلاف الفكر والتوجه والمكان والزمان ولا تنس كذلك أن طبائع الناس وتباينها وعاداتها وتقاليدها وأعرافها لها دور كبير في تحديد الصحبة، لذا ينصح أن تكون الصحبة مختارة بعناية وبما يتفق شرعاً وعرفاً، بمعنى أن الأصل في اختيار الصاحب هو الاختيار على المبدأ وتحديد الهدف من هذه الصحبة (فالصاحب ساحب) لذا يجب أن يكون الاختيار دقيقاً وكونهم أصغر منك سنناً فلا أعلم كم الفارق العمري فإن كان سنة وسنتين فلا حرج أما إذا كان الفارق كبيرا يصل إلى خمس سنوات أو أكثر فسوف يكون هناك بعد في التفكير واختلاف في درجة التفاهم والإدارك الحياتي والاجتماعي كما تختلف الرغبات والميول والنضج العقلي وهذا خاص بمرحة الشباب أما بعد المراهقة وبعد سن 25 يمكن أن يصاحب الإنسان من هم أكبر منه أو أصغر منه بكثير فهذا أمر آخر ويمكنك أن تكسب أصدقاءك من بني عشيرتك أو من غيرهم فهذا ليس شرطاً وإنما يكون التمتع بالأخلاق الحسنة والسيرة الطيبة والعمل المتقن والنجاح والتفوق في دراسته والتزامه في صلاة الجماعة وغيرها كلها عوامل تساهم على زيادة رقعة التعارف بين الناس واختيار الأفضل منهم للصحبة، والصحبة ليست غاية في حد ذاتها فهي وسيلة للعون على الطاعة، والبر وشد الأرز ورفع الهمة ومواصلة العطاء، ولو أننا أضفنا إلى ذلك المشاركة في الحياة الاجتماعية والتطوعية حسب وقت فراغنا وعدم انشغالنا وخاصة مع قرب إجازة الصيف فالمناشط المتنوعة والمراكز الصيفية وحلقات المساجد للشباب والكبار ودروس العلم في المساجد والدورات التدريبية المختصة أو العامة الخيرية منها أو المدفوعة وسائل تكسب من خلالها أصدقاء، وبالتأكيد تعرف أن الناس ينجذبون في الغالب إلى اختيار الصديق المتميز سلوكياً وأخلاقياً وعملياً وعلمياً، وتكون سيرته وتصرفاته حسنة ويمكنك أن تكسب أصدقاء من سنك أو من بلدتك من خلال التعارف عليهم في المسجد أو في الحي أو بلدتك وتمحص تجاربهم وسلوكياتهم وأفكارهم وتختار منهم من تصاحب ، والمصاحبة لا تأت مباشرة بل هي عدة مراحل تبدأ من فكرة اختيار الصاحب ثم تحديد مجموعة أشخاص والتعرف عليهم والاحتكاك بهم عن بعد والسؤال عن سلوكهم وأخلاقهم وعملهم وعلمهم وأسرهم ومن خلال هذا أبدأ النظر فيمن تستمر معه علاقتي وتتوطد وتوثق، وآخرون منهم ابتعد عنهم وانصرف وليكن في تركيزك أن الغاية من اختيار الصاحب تنتفي منه المصلحة والاستغلال ومن المهم التركيز على مبدأ الأخوة فهو أعلى وأرقى من الصحبة.
وفقك الله وسدد خطاك.