
بدأ الرئيس اللبناني الجديد ميشيل سليمان اليوم مهام عمله رسميا من قصر الرئاسة في بعبدا، وكان لافتا أن أول زائر رسمي له سيكون وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي، بعد أن أشار أمس بعد ثوان من أدائه اليمين الدستورية إلى تطلعه لبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا، ما يؤشر إلى القوى التي باتت تتحكم بالأوضاع في لبنان بعد اتفاق الدوحة.
وسار سليمان على بساط أحمر امتد على الطريق الفرعية المؤدية إلى القصر مستعرضا الحرس الجمهوري الذي عزف النشيد الوطني، وأطلقت مدفعية الجيش 21 طلقة إيذانا بتسلم الرئيس مهامه، بعد أن ظل هذا المنصب شاغرا قرابة ستة أشهر.
ويقول مراقبون إن العماد سليمان دخل قصر بعبدا، وهو مقر رئيس الجمهورية، بجناحين مهيضين، بعد المهانة الكبيرة التي لحقت بالجيش اللبناني الذي كان يقوده عندما وقف مكتوف الأيدي في الأيام التي سيطر فيها رجال "حزب الله" الشيعي على شوارع بيروت، وأحرقوا مقار إعلامية، وكادوا أن يشعلوا حربا أهلية، وإنه يعرف جيدا الآن القوى التي تتحكم في الأوضاع اللبنانية، وظهر ذلك جليا في كون وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي أول زائر رسمي يستقبله في القصر الرئاسي.
وكان سليمان، الذي ظل قائدا للجيش منذ عام 1998، قد دعا في الخطاب الذي ألقاه عقب انتخابه أمس رئيسا إلى استئناف العلاقات السورية اللبنانية، وقال: "نحن ننظر بشدة إلى أخوة بيننا وبين سوريا، ونتطلع لبناء علاقات دبلوماسية معها. والعبرة هي في حسن المتابعة للوصول إلى علاقات مميزة وندية خالية من أي شوائب، إذ نستفيد من أخطاء الماضي ونتداركها بما فيه صالح وأمن البلدين الشقيقين".
كما امتدح سليمان "حزب الله" ضمنا وأكد عدم المساس بسلاحه، وقال: إن "نشوء المقاومة الوطنية اللبنانية (في إشارة إلى حزب الله) كان حاجة، بعد تفكك الدولة، ونجاحها (المقاومة) في إخراج المحتل يعود إلى بسالة وعظمة رجالها".
وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية قد ذكرت أن اتفاق الدوحة كرّس حقيقة صارخة، وهي أن "ميلشيا "حزب الله" الشيعية باتت تمسك بتوازن القوى في لبنان، سياسيا وعسكريا"، مشيرة إلى حصول حلفاء سوريا وإيران في لبنان على أبرز مطلبين لهما وهما الثلث المعطل الذي يمنحهم حق (الفيتو) على أي قرار لا يوافقون عليه، وتقسيم بيروت إلى دوائر انتخابية جديدة، على الرغم من أن الحكومة وفريق 14 آذار كانا يصران في السابق على رفض ذلك تماما. ووصفت الصحيفة هذه الخطوة من جانب الحكومة اللبنانية بأنها "أكبر تنازل" قدمته للمعارضة، بالإضافة إلى تراجعها عن قراراتها بخصوص شبكة اتصالات "حزب الله"، حيث إن كل ما حدث سواء في بيروت أو الدوحة ضمن عدم حدوث أي خطوة تتعلق بنزع سلاح "حزب الله" الشيعي ما يبقيه القوة الرئيسية واللاعب الأبرز على الساحة اللبنانية.