[email protected]
صاحب الفكرة ، دوما يحيا بفكرته في كل لحظة من لحظات حياته ، ينبض بها قلبه ، ويتدفق بها الدم في شرايينه ، تتغذى على معالمها خلايا جسده ، فتصبح جوارحه أجزاء من فكرته ..
والدعاة دوما هم أفكار متجسدة تتحرك بأعضاء بشرية , يتلذذون بروح العبودية الحقة لرب الأرباب سبحانه في كل حركاتهم وسكناتهم .. ويستصحبون معية الله العظيم المهيمن في كل لحظات حياتهم , فيريدون للعالم الخير والهداية والنور والطهارة والرشاد , ويبذلون أنفسهم حتى إنهم لينكرون ذواتهم بذلا وراء تحقق فكرتهم ..
هؤلاء نظروا للعالم ، فلحظوا ما به من دنس وتدن وغفلة ، ورأو أن نفق مسير العالم نفق مظلم لا نور فيه , فأرادوا تطهير الدنس وإعلاء القدر وإيقاظ القلوب ، والنجاة بها في قارب نوراني شفاف من بحار الكآبة الماديـة , أرادوا أن يغرسوا في حاضر الإنسانية غرساً من نوع جيني متميز ، لينبت عبر الأيام فروعاً يُطعم منها الفقير والمحروم ويستظل بظلها التائه والحيران ويأمن بجانبها الخائف والجريح ، سقوها بعرقهم ودموعهم ، وأحيانا بدمائهم ولفظات أرواحهم ..
وعلموا أن النبع الصافي النقي الرقراق لا ينبغي إلا أن يكون نبعا نبويا رساليا ساميا .. فاعتبروا الرسل قدوتهم ..واعتبروا محمدا صلى الله عليه وسلم لهم إماما خاتما ..
ومن هنا بدأت الدعوات والثورات الكبرى , بدأت برجل واحد فقط ، تمثلت فيه هذه الفكرة ، فراح يدعو الناس إليها ويبث روح الأمل في الجميع كلما استشعروا صعوبة المسئولية .
هكذا خرج الحواريون أتباع الأنبياء ، وهكذا خرج العالمون والحكماء , فاهتزت الأرض من تحت أقدامهم _ وهم الفرادى والضعفاء _، وخافتهم إمبراطوريات الأرض المتجبرة ـ وهم بغير سلاح يُرى ـ ، وعادتهم الأفراد والجماعات الحريصة على الحياة الراكدة الآسنة ، والمستمتعون في الشهوات الكدرة .