لا يخفى ما للمال من أهمية في هذا العصر ، حيث التزاحم والتنافس ، وحيث التحديات التي تواجه المسلمين مثل مشاريع الباطنية والصهيونية الأمريكية ، فمن يتصدى لها ؟ لابد من تعاون فئتين : أهل العلم وأهل المال . القرآن الكريم لا يحط من شأن المال بل يذكر الرغبة عند البشر في حب المال ( وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما ) ( وآتى المال – على حبه – ذوي القربى واليتامى والمساكين ) القرآن يذكر هذه الفطرة الإنسانية بخيرها إذا رشدت وشرها إذا انحرفت.
ليست المشكلة عند المسلمين في نقص المال فقد حباهم الله المال الوفير، ولكن في معرفة أهمية المال وحفظه وإنفاقه في الوجوه الصحيحة والوجوه التي تتصدر الأولويات ، وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما ) ،والحديث ليس عن الذين ينفقون أموالهم في التوافه وفيما حرم الله، أو الذين ينفقونها على الكماليات ،ولكن عن أهل الخير الذين يملكون المال ولا يبخلون به، ويحبون مساعدة الآخرين والإنفاق في وجوه الخير ، هؤلاء التبس عليهم الأمر فليس عندهم القدرة على معرفة الأولويات في الإنفاق ، هل المشاريع العلمية والدعوية لها الأولوية ؟ هل المؤسسات والمدارس والمكتبات لها الأولوية ؟ هل يتم الإنفاق على طفل مسلم ليكون في المستقبل من بناة الأمة أو على الشباب الأذكياء ليقوموا بفروض الكفاية من تعلم شتى الاختصاصات التي نحتاجها ؟ أم أن الإنفاق محصور في حفر بئر وإطعام مسكين ومساعدة فقير ، وهذه الأمور الأخيرة وإن كانت مهمة ولكن يمكن الجمع بينها وبين ما هو أهم
إن المال إذا لم يكن هناك ما يحميه فسيذهب ويستولي عليه الآخرون كما يروى أنه عندما أطلع قارون صولون على أمواله قال له صولون : يا سيدي لو جاء شخص لديه من الحديد أكثر مما عندك فإنه سيستولي على هذا الذهب .
إن أغنياء الغرب ينفقون أموالهم لتأسيس الجامعات ومراكز البحوث والدراسات وذلك لعلمهم مدى نفعها للحاضر والمستقبل ،وإذا كنا لا نستطيع حل مشكلة الأمراض بالإرشادات الصحية وحدها فكذلك لا تحل مشكلة التنمية عند المسلمين بالصدقات وحدها بل بإنشاء المؤسسات التي تستفيد من الطاقات وتنميها .
المشكلة عندنا ليست مشكلة مالية بل مشكلة حضارية نفسية وأعني بذلك : أين نضع المال ، والمال كالسماد لا ينفع إلا إذا فرد وبسط .