
فليست مقالتي هذه هما أبثه لكم فإنما أشكو بثي وحزني إلى الله , لكنها صرخة تنبيه وتحذير ووعيد بعدما تركنا الذئاب ترعى لنا أغنامنا فمن لها يوم لا راعي لها غير الذئاب ؟
فما من عمل أرجي للثواب وأنفع بعد الممات من تربية أبناء صالحين يرجون رحمة الله ويخافون عذابه
ولكم أصبح الاهتمام بتربية الأبناء في ظل هذه المتغيرات الكثيرة المحيطة بالمجتمع المسلم واجبا وذا أهمية بالغة لما لهذه المتغيرات من تأثيرات شديدة على أبنائنا.
فمن الذئاب التي تركناها ترعى لنا أبناءنا ذلكم الجهاز الذي ينقطع الطفل عن الدنيا ويتعلق بشاشته فقط ويتقبل كل ما يبثه له ونحسب أننا نحسن صنعا حين نتركهم أمام مسلسلات الكارتون
فالطفل في هذه المرحلة يعيش درجة من درجات التوحد مع الشخصية الكارتونية ويتخيل نفسه محل بطلها فيعتقد نفس المعتقدات والأفكار ويتصرف نفس التصرفات , ولكم أن تشعروا بنفس مرارة ما أشعر به حين نعرف ما يقدم لأبنائنا في مسلسل كارتوني يسمى "يوجي " الذي سلب لب الصغار ولننظر كمية المخالفات العقائدية التي يبثها والتي تصل بأبنائنا إلى تشرب مفاهيم الكفر والإلحاد دون مقاومة أو توجيه كي ينسلخ أبناؤنا من عقيدتهم ..
1- تكريس عقيدة تعدد الآلهة الباطلة
ففيه "يمثل راعإله الشمس يمثل أوبليسك إله التدمير يمثل أوريسيز إله السماءأن امتلاك البطاقاتالثلاثة معاً تعطي حاملها قوة عظيمة تمكنه من حكمالعالم وصانع الضوء الإله هوراكتي وهذا الإله الجديد ينشأ من اتحاد الآلهة الثلاثة أوبلسيك ورا وسليفر والإله حورس أعظم إله في ذلك الوقت و الإله هاذور الذي لديه القدرة على الشفاء وإله النسر الجنوبي وإله الأفعى الشمالي " تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
2- تكريس عقيدة تناسخ الأرواح الباطلة
وهذه عقيدة باطلة شرعا لأنها تنكر القيامة والبعث والحساب معتبرة أنه الأرواح تعود إلى الدنيا في صور أخرى وهذا مخالف لعقيدتنا
3- تحبيب الأطفال في السحر والسحرة
قدم في ذلك المسلسل أن الخلاص من كل شر يكون بالسحر واللجوء للسحرة الذين يستطيعون أن يتحكموا في الكون بالموت والحياة ويحملون كل صفات الألوهية , والسحر من كبائر الذنوب وحد الساحر القتل مع البشارة بالخسران في الدنيا والآخرة " ولا يفلح الساحر حيث أتى "
4- تقديم القرابين للمعبودات والشياطين
منذ عدة سنوات ظهرت قناة عربية خصصت للكارتون الناطق بالعربية وفيه تمت دبلجة كل مسلسلات الكارتون الغربية بأصوات عربية وتُعرض على مدار الساعة بلا توقف إلا لوقت محدود وبعد مرور الوقت افتتحت قناة أخرى مشابهة لها ناطقة بالإنجليزية ولكنهما عرضتا الغث والسمين , فبعد أن كان ما يراه الطفل قبل تلك القناة شخوصا لا يفهم كلامها , صار يسيرا وفي متناول الطفل فهم المواقف والكلمات والأفكار مما ييسر وصول أفكار من أراد بثها في أطفال المسلمين , فتربى جيل يحمل الوهم كبديل وحيد لحل المشكلات , فهو لا يريد أن يعمل ويكد بل ينتظر أن يكون قويا كالبطل المقنع أو ذكيا كالمحقق كونان أو ماهرا كالكابتن ماجد أو تهبط عليه ثروة أو يصبح ذا قوة خارقة تدمر كل شئ دون عمل أو عناء , وأصبحت العقلية الخيالية هي التي تحكمهم فلا حلول منطقية ولا فهم ولا متابعة لقضايا بخلاف التسمر أمام الجهاز لمتابعة الكارتون.
وبالتالي نشأ أجيال هي أقرب للتفاهة في الأفكار والمضمون ولا يعلمون من واقع أمتهم شيئا ولا يريدون , وأيضا ظهرت فيهم العدوانية والشراسة فكل ما يراه الطفل يحب تقليده وتنفيذه وليس هناك مجال سوى الأخوة الصغار والأقارب أو زملاء الدراسة
4حالات انتحار,27معركة بالأيدي وأضعافها بأسلحة خرافية,22عملية اغتيال, 21مشهد نزاع , فماذا يُنتظر من طفل يشاهد هذا الكم من العنف وإذا كانت هذه الإحصائية تفزع من صنعوها لأطفالهم فكيف بما يصنعونه لأطفالنا ؟
وبعد فترة طويلة جدا أحس الملتزمون بالخطر الذي يقتحم عليهم بيوتهم وعلموا أن هناك وسائل تربوية يمكنها التأثير في الناس مع الخطبة والدرس والمحاضرة فقرروا دخول ذلك الميدان محاولين الدفاع عن أطفالنا
فقامت قنوات إسلامية بتخصيص جزء كبير للأطفال ومنهم من جعلها قناة مستقلة بذاتها وحاولوا عمل كارتون إسلامي يعلم الفضائل ويذكر بأبطال الأمة مثل نور الدين وصلاح الدين ومحمد الفاتح , ولكنها قنوات فقيرة إعلاميا ولا تجذب الطفل إلا بضغط من أبويه لأن موادها غير مشوقة وقليلة الإبهار في الإنتاج الذي يجذب الطفل, وأيضا قليلة العدد لعدم اقتناع الممولين الإعلاميين بأهمية بتلك المواد, ولهذا لم تزل هذه الجهود تحتاج للكثير حتى تكون موادها جاذبة بذاتها للطفل وقادرة على التأثير فيه .
وعلى النقيض تماما ظهرت قناة مؤخرا ربما لم تبدأ برامجها الفعلية بعد ولكنها لا تبشر بأي خير إذا استمرت على ما بدأته , فالأطفال يتراقصون ويغنون طوال اليوم واستبدلوا فقط الرقص على أنغام الموسيقى بالرقص على إيقاع الطبول والدفوف مما يكرس من قيمة الهزل وعدم الجد والمطلوب التوازن بين الجد واللعب في حياة الأطفال
وفيها أيضا غياب للبعد التربوي, ففيها ما يسمى بنشيد أو أغنية يظهر فيها الأب الذي يفترض أن يكون المثل والقدوة كاذبا , ويعلمه أبناؤه درسا في الالتزام الخلقي بما يعلمهم إياه مما يهدد قيمة الأب التربوية ويزيد من جرأة الطفل على أبويه , ونرى أيضا برنامجا يوميا يقدمه طفل صغير يسمى بنشرة أخبار الدار ويقوم الطفل بالغيبة ويفضح أسرار بيته ولا يحفظ أمانة المجلس ويُبلغ المشاهدين عن قيام معارك في بيته بين أبيه وأمه وتصل أن يترامى الأبوان بالأطباق ويتدخل الأبناء لفض النزاع بينهما ويشكو الطفل من سوء معاملة أهله له فأين قيمة الأبوين التربوية وهل هذا هو النموذج للبيت الصالح الذي ننشده فالقناة مخصصة للطفل لتقويم سلوكه وليست مخصصة لتقويم سلوك الأبوين فلهما حدث آخر في مكان آخر
فلابد من مراعاة القيم التربوية في كل المواد التي تبثها القناة فنحن نحتاج لمثيلاتها وعلى القائمين على الإعلام الإسلامي :