السؤال
السلام عليكم ورحمة الله، لدي مشكلة مع أخي الصغير وهي كبيرة: إكتشفت أن أخي يبلغ من العمر 24 - 25 سنة يشاهد الأفلام الإباحية وقد نصحته بأن يقلع عن مشاهدتها لما فيها من الضرر النفسي والأخلاقي لكن لا فائدة بل أني إكتشفت ماهو أعظم من ذلك إذ وصل به الأمر أن أدخل إمرأة فاسقة في منزلنا ( منزل العائلة ) أثناء سفرنا أنا والأهل إلى المدينة المنورة وهذا ما صدمني كثيرا وأنا أعاني من ضيق نفسي مما إكتشفت على أخي الصغير لأنني لم أعتقد أبدا أن يصل الأمر الى هذا الحد، لا أدري ماذا أفعل أأخبر أبي وإن أخبرته لا أدري ماقد يحدث له لأن هذا يعد أمر جلل في أسرتنا فوالدانا ربونا على الدين والخلق الحسن، ماذا أفعل؟؟ ماذا أفعل؟؟ هل أتحدث معه؟؟ أعينوني أعانكم الله
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الابن السائل..
أشكر لك ابتداءً حرصك على رعاية أخيك وحفاظك على أسرتك كما أمدح فيك ثباتك على القيم التي رباك عليها أبواك ورعايتك للأخلاق والإيمان.
والحقيقة أننا نحتاج كأمة إسلامية في كل بيت من بيوتنا من يقوم بهذا الدور كمعونة للوالدين بين الأبناء وبين الجيل الأصغر، ذلك أنه ربما يكون هناك فارق في التواصل بين الكبار والأبناء وهذا الفارق يتضاءل ويصغر بين أفراد الجيل الثاني معا، فيفهمون شكواهم لبعض، أو يتفهمون أسباب ذلك أو أنهم يستشعرون مكامن الخطأ والخطر.
وكنت أود منك لو وصفت لي توصيفاً أدق عن حال أخيك الذي تشكو منه وبعضاً من الخلفيات البنيوية المتعلقة بشخصيته لكن على أية حال أستطيع أن أوجز لك نقاطاً أساسية رداً على استفسارك..
1. ينبغي علينا أن نفهم الموقف فهماً شاملاً؛ فلا تقتصر رؤيتنا على مجرد الخطأ الذي تشكو منه (وهو هنا خطأ مشاهدة الأفلام الإباحية والتعرف على الفتيات) فلكل خطأ خلفية فكرية ونفسية وبيئية ثم يكون الانحراف هو الوجه الظاهري لهذه التراكمات النفسية والبيئية.
2. عادة ما تؤثر الظروف البيئية من جهة العلاقات كعلاقات الأصدقاء والمقربين وزملاء الدراسة في الاجتراء على خرق القيم التي تربى عليها الإنسان، خصوصاً إذا لم يكن الأبوان قد أفلحا ونجحا نجاحاً تاماً في ترسيخ هذه القيم وتلك المفاهيم، وههنا ينبغي علينا أن نهتم بمراجعة دائرة العلاقات المحيطة بالشاب المخطئ أو المنحرف لنستطيع أن نمسك بخيط يوصلنا إلى ذلك، فنسبة كبيرة جداً من إدمان الإباحيات لدى الأبناء إنما هي عن طريق تقليد الأصدقاء أو التأثر بهم.
3. الجزء النفسي جزء مؤثر جداً، وأقصد ههنا به تلك السمات النفسية لهؤلاء الشباب الواقعين في الأخطاء؛ فعادة ما يكونون غير منفتحين نفسيا على محيطهم القريب والبعيد بل يُكوِّنون لأنفسهم فقاعة نفسية يعيشون من خلالها ويتعاملون مع الخارج معاملة مصلحية فيما ينفعهم وفقط.
وههنا من المهم أن نعقد تحليلا نفسيا لنفسية هذا الشاب وعلى أساسه نحاول إخراجه من هذه الفقاعة ومن هذا الانطواء الذي قد يكون ظاهراً وقد يكون خفياً، عبر اختراق مجتمعه الخاص وتغيير مزاجه النفسي عن طريق التغيير في متغيراته القريبة.
4. النظرة إلى منظومة القيم التي تحكم هذا الشاب شيء مهم وأساس أيضاً؛ فالقيم هي دوافع السلوك ومحفزاته وربما يحصل في أسرنا الإسلامية أن نتحدث كثيراً عن القيم لكننا لا نوجد النموذج التطبيقي التنفيذي لها فتظل القيم مجرد حديث نظري في ذهن الأبناء من السهل أن ينسى أو يتنازل عنه، فلذلك من المهم إيجاد قدوة تطبيقية قريبة، ويمكن أن يكون ذلك من صحبة أهل الصلاح أو صحبة المسجد أو القرب منه عن طريق بعض أهل الفضل.
5. محاولة التدخل الحثيث في منع ما يوصله إلى المعصية وهذا المنع لا يكفي وحده كطريقة علاجية ولكني أضعه لك كجزء من خلال منظومة كاملة فإياك أن تعتبر أن هذا هو العلاج وحده وأؤكد ههنا أن هذا المنع يكون بطريقة تدريجية غير صدامية، بحيث أن يمنع عن أماكن المعصية ووسائلها وطرقها بأسلوب ذكي فعال.
6. إبدال الجانب السلبي بالجانب الإيجابي عن طريق تأثير الوعظ والتوجيه المباشر والنصح الرفيق وأخذ العهود على الاستقامة.
7. إنْ كان الشاب في عمر الزواج وهذا ما يبدو فيحسن تشجيعه عليه وإن لم يكن أو كان غير قادر فيحسن دفعه نحو الصوم فإنه له وجاء.
8. دورك ههنا ينبغي أن يكون دوراً ذكياً وغير صدامي كما أكدت لك من قبل ولا ينبغي أيضا أن يقتصر عليك الدور بل ينبغي أن يشاركك فيه كثيرون ممن يهتمون به ممن هم حولك ليكون التأثير أنجع.. وفقك الله.