لبيك ..
1 شعبان 1439
د. خالد رُوشه

حيث لا دنيا تجذبني ، ولا زينة تلفتني ، ولا صراعات تاخذني ، ولا مكتسبات تدعوني ، اسجد بين يديك ..

 

كلي ضعف ، وملئي فقر ، ولا حول ولا قوة بي ، أكل أمري إليك ، وأسلم نفسي بين يديك ..

 

حاجتي في صدري أنت تعلمها ، ورجائي فيك  غير متناه ولا مقطوع ، وثقتي بقدرتك تدفعني لكل دعاء ..

 

اشتد تعبي ، وزاد رهقي ، واحتارت معارفي ، وغلبتني الآلام ، ويئست من عون الخلق ، وجعلت فيك أملي ..

 

والقيت بنفسي الى السجود بين يديك , فلكأن المخاوف كلها أمن وسكينة , ولكأن الآلام تذوب جزءأ جزءا , ولكأن الهموم تحزم حقائبها للرحيل , والأحزان تختفي خلف الغيوم .

 

فلبيك يارب , حيث لا ملجأ يؤويني سواك , ولا منجى سوى حماك , ولا سبيل إلا رضاك .

 

لبيك محبا , إذ الحب كله لك , والولاء كله فيك , والرجاء كله منك , والأمل معقود في سبيلك , والخير رديف القرب اليك .

 

ولبيك آمنا بعد خوف , إذ الخلق خلقك , والأمر أمرك , والعبد عبدك , والأرض أرضك , وكل شىء يحصل بمشيئتك , لا مشيئة للعباد إلا ما شئت لهم , فكيف أخاف عدوا , وكيف أرهب كائنا , وأنا ألجأ إليك , وكل الخلق لايملكون حولا ولاقوة إلا ما قضيت لهم , فالحول والقوة بك وحدك .

 

ولبيك سعيدا بعد حزن , إذ السعادة كلها في رضاك , وفي عفوك , فأرتجي العفو , وأطمع في الرضا , فلئن رضيت عني فمن ذا الذي يشقيني ؟! ولئن عفوت عني فمن ذا الذي يبئسني ؟!

 

ولبيك راغبا , إذ القرب إليك هو خير الخطى , فكيف لا اشتاق إليه وأسعى مجتهدا اليه ؟ فكل الرغبات فانية , وكل الآمال منتهية , وكل الزينات غائبة .

 

لبيك مطمئنا , إذ الرحمة صفتك , والرزق بيدك , والقضاء قضاؤك , والأجل بتقديرك ومشيئتك .

 

ولبيك مستشفيا , فالشفاء شفاؤك , فأنت الشافي , وأنت الذي تعافي , وعافيتك هي أوسع لي , فلئن شفيتني فلا سقم , ولئن عافيتني فلا ألم .

 

ولبيك مسترزقا , فالمال مالك , وخزائن السماوات والأرض بأمرك , والفضل بيدك , وأنت الرزاق لا إله إلا أنت .

 

ولبيك مستهديا , فالهداية بأمرك , والاستقامة في طاعتك , والتوفيق في التوكل عليك .

 

فالنجاة كلها في رضاك و جنتك , والخسارة الكبرى هي غضبك والخزي في نارك , فأعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وبك منك , لا أحصي ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك ... سبحانك