6 ذو القعدة 1439

السؤال

أنا فتاة عمري خمسة عشر عاماً ولديَّ أختان أكبر مني، مشكلتي أن أخواتي لا يحترمنني ولا يقدِّرْن مشاعري.. حتى أمي أيضاً في بعض الأوقات تجرحني، أنا أعرف أنهن يحببنني لكنهن لا يحترمنني خاصة عندما يحدث مني خطأ أجد الكثير من التوبيخ والسخرية.. ولا يستمعن لمبرراتي كلماتهن لي دائما "أنت صغيرة، أنت غبية" حتى أمام الضيوف لا يسمعن لرأيي في أي موضوع يتحدثن فيه.. أخواتي قريبات من بعضهن لكنهن بعيدات عني، في بعض الأحيان أشعر أنهن أعدائي ولسن أخوتي، ليس لي صديقات في المدرسة، ولا أحد يحبني مع أني طيبة مع الكل، أشكو إلى الله.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الحمد له وبعد:

الابنة الكريمة:

نعم في بعض الأوقات تلعب الأخت الكبيرة دور المعلم لشقيقتها الصغرى، فتصدر إليها الأوامر وربما تقوم بمعاقبتها عند الخطأ، وقد لا تدرك أن الأسلوب الحاد قد يولد الشحناء..

 

ورغم أنك وصفت نفسك بأنك طيبة – وأنا أحسبك كذلك إن شاء الله لأنك تبحثين عن الصواب - فكل إنسان يرى نفسه هو الأفضل دائماً وقد لا يرى عيوبه ولا يشعر بأخطائه، على الجانب الآخر نعلم جيداً أن الإنسان مرآة أخيه، فإن كانت هذه وجهة نظرهم فلا بأس أن تبحثي في نفسك أيضاً.

 

فإن كان عند أخواتك فعلاً بعض الأخطاء فأنت أيضاً عندك أخطاء مثلهم، فكل ابن آدم خطاء ولا خلاف على ذلك.

 

فلابد أن تتذكري ما الذي صدر منك من سلوكيات جعلت هذا البعد والجفاء بينك وبين أخواتك.

 

إضافة أنك قد وجدت أيضاً من صديقاتك في المدرسة نفس الجفاء والبعد، لذلك يجب أن نحاسب أنفسنا ونبحث في عيوبنا ونتوصل ما سبب ذلك؟

 

عليك أن تجلسي مع أخواتك جلسة صراحة تطلبين فيها منهن بصدق ما سر بعدهن عنك وتجاهلهن لك؟!

 

فهن قد يبصرنك بأشياء أنت غافلة عنها، وقد يوضحن لك عيوباً لم تلتفتي إليها في نفسك.

 

ولابد أن تتصفي أثناء الحوار والحديث معهن بالهدوء والحلم والصبر، وعدم الغضب، بل يكون الحوار بصورة مهذبة.

 

وعليك إخبارهن بكل ما يحزنك منهن، والاتفاق بينكن على بداية صفحة جديدة تغير كل منكن أسلوبها مع الأخرى وتحسنه.

 

واعلمي أن الشيطان هو الذي يبعدك عن أخواتك، ولا مانع من الاعتذار لهن إذا صدر منك خطأ تجاههن، والبدء بالسلام فخيركم من يبدأ بالسلام.

 

واعلمي أن كل أخت تحب أختها فربما لا تظهر هذا الحب لها لكنها تخاف عليها وتحميها إذا شعرت بأي خطر خارجي يأتيها، فالأخت الكبيرة سند لأختها ومصدر قوة لها.

 

حاولي جذب حبهن من جديد عن طريق تقديم هدية لكل واحدة منهن ولو بسيطة أو صغيرة، ومساعدتهن إذا احتجن إليك.. الخ.

 

وكوني دائما بشوشة في وجوههن وإياك والعبوس طوال اليوم أمامهن وأذكرك بأمور هامة:

 

اهتمامك بالصلاة في موعدها والدعاء في الصلاة بأن يؤلف الله بين قلوبكن ويذهب حزنك من أخواتك.

 

التحلي بالأخلاق الكريمة من الصدق، التواضع، وخفض الصوت أثناء الحديث والحوار، واحترام الكبير وتوقيره، ومساعدة من يريد منك المساعدة، والمسارعة في الخيرات، والمواظبة على الأذكار اليومية (الصباح والمساء)، وبر الوالدين بطاعتهما والإحسان إليهما، وتلاوة ورد يومي من القرآن يومياً.

 

كل هذه الطاعات هي الطريق للتقرب من الله تعالى وتلكم هي حياة المؤمن الصالح.

 

والجائزة في هذا الحديث واضحة هي محبة الله للعبد المطيع ووضع حبه في قلوب الخلق، يقول الله تعالى في الحديث القدسي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ" أخرجه مسلم.

 

فهنا العلاج الحقيقي للوصول لمحبة الله تعالى لنا وبالتالي وقوع حبك في قلوب الخلق جميعاً..