إلى حبيبتي الكبيرة .. لمحة من فيض عطائك
1 جمادى الثانية 1443
د. خالد رُوشه

اليوم اكتب إليك.. حبيبتي الكبيرة ، صاحبة القلب الذي يحوي العالم كله ، والنفس التي تربيت بين جنباتها ، فوهبتني حياتها واغلى لحظات عمرها ..

أكتب بحروف تعلمتها منك ، ونظم لطالما تدربت عليه بين يديك وتحت عينيك ، ومعان تشربتها من بين مواقفك ومعانيك ..

أكتب إليك فكأنما أكتب رسالة الى روحي التي بين جنبي ، ونفسي التي تحمل عمق أحوالي واخباري وأفكاري ..

واعذريني لو أنني تلعثمت بين حروفي ، وتاهت عني حبكة المعاني ، فأنا أمامك بلا قامة تذكر ، كيف وأنت من علمتني كيف ابني قامتى واقيم سواء نفسي ..

وجدتني بحاجة ماسة أن اكتب لك ، فلكم نسيت ذكرك وسط طاحونة الايام ودورتها ، ولكم أغفلت حقك ، وأنت صاحبة الحق الكبير ، ولكم أهملت رد جميلك الذي غمر حياتي كلها ..

وجئت إليك أخطو خطواتي الوئيدة المتعثرة ، تماما كما كنت أخطو إليك صغيرا بعدما أرتكب الأخطاء ، لكنني أتذكر جيدا أن ثقتي في مسامحتك لي كانت دائما تملأ صدري ، بل وتغريني أن أتصنع سلوك المعاتب لك ، لكونك لم تبدئي أنت بندائي ..!

فيا سيدة الحسن : فلكم جمع الله سبحانه فيك كل جميل , قلبا رقيقا , ونفسا تقية , وروحا رفرافة , وعطاء لا ينضب ..

ويا سيدة الحكمة : بأي نوع من المديح أمدحك , وقد غمرتي عبر سنيني بكل جميل ؟! وأي مديح ذاك الذي يكافئ نور السنين ؟!

ويا سيدة العلم : فلكم علمتني أن أعبد الله , و أسجد له , واقرأ كتابه , فأحفظه ويحفظني , وأحب رسوله صلى الله عليه وسلم ..

 علمني بكاؤك في جوف الليل معنى الرجاء , ونبهتني لحظات عينيك إلى الفقراء والمساكين بمعني الشفقة عليهم , وأيقظتني طرقاتك الحانية على كتفي بينما أنا غافل فرحت أصارع المواقف الشديدة وأتحدى الصعاب .

فيا نهر الحنان , ويا شعاع القمر , كيف أتصور أن أقارن فضلك بتقصيري في حقك ؟ وكيف يمكنني أم أتحمل لحظات لا يحصل لي فيها رضاك ؟ وكيف يهدا لي بال إذا حلت بك الآلام ؟

لماذا أشعر كلما ابتسمت في وجهي أنني لا زلت صغيرا ؟ أرتاح للابتسامة ؟

لما ذا لا  تفارق مخيلتي قطعة الحلوى التي دوما تقدميها إلى بينما أنا حزين عابس ؟

إن منظر الشيب بين ثنايا شعرك يذكرني بمقدار ماأحمل من فضلك , وكل مرض أو تعب يمر بك يعاتبني على ما أسلفت من غفلة عن رعايتك ..

 لماذا لا أنسى كلماتك الحانية , ونصائحك الحكيمة ؟ حتى عتابك على أخطائي صار محببا إلى ..

يا صاحبة الوجه البسوم , والقلب الرؤوم , كم أنا مقصر تجاهك, كم أنا غافل عن حقك , كم أنا جان على أمانتك ..

فيا كريمة الأصل , ويا نفيسة المعدن , ويا عالية المقام , ويا من أوصاني بك ربي , ويا صاحبة الفضل الجميل , سامحيني على ما كان مني في دورة الأيام ..

واغفري لي قصر قامتي تجاه عطائك العالي السامق الرفيع , واقبلي مني حبا يملأ قلبي ووفاء تشفه روحي , ورجاء ترتعد به جوانحي ..

 لا تحرمينني صورة كفيك الضارعتين نحو السماء دعاء لي , ولا تمنعينني سماع نبرات صوتك العذب في أمنياتك الجميلة لي , ولا وداعك كل مساء بينما أرحل إلى جوف ليل مظلم ولا صورتك التي تصحبني في كل مكان , ولا نصيحتك التي توقفني في كل مدينة و طيفك الذي يذكرني في كل موضع , فإنني أيتها الحبيبة لا أتصور منك لحظة وداع ..