السكرتيرة والمشاكل الزوجية!
29 شوال 1440
أميمة الجابر

قضية شائكة تعاني منها بعض البيوت معاناة كبيرة، ربما هي ليست منتشرة بالحد الذى تصبح معه ظاهرة لكنها تمثل أزمة أسرية في كثير من البيوت خصوصاً التجار ورجال الأعمال وأصحاب المكاتب الخاصة وغيرهم.

 

والحديث في هذه القضية لم يكن من فراغ، بل نتيجة عدة رسائل من بعض الزوجات اللاتي يعانين أشد المعاناة مع ازواجهن وقد وصلت الأمور بينهم لحد الطلاق، بسبب شعور الزوجة من زوجها بالقلق مادامت سكرتيرته موجودة!

 

وجهت الزوجة لزوجها الكثير من التساؤلات بسبب ما لاحظته من اهتمامه المفاجئ بنفسه، فبالأمس كان يذهب لعمله متأخرا، واليوم نهض باكراَ، بينما أبدى اهتماما زائدا بمظهره، ونوع العطر الجديد، وأوضاع كثيرة رأتها قد تغيرت، وبدأ الشيطان يعبث بتفكيرها، ما جعلها تتفحص هاتفه، بل ووضعت زوجها تحت المراقبة!

 

فانشغل بالها عن بيتها وساءت أحوالها النفسية واشتعلت ثورة داخلها، فلم تعرف طعم الراحة إلا ساعات النوم المتقطعة ،و بدأت توجه لنفسها التساؤلات، ثم تجيب علي نفسها، لعل هذا التغير بعد مجيء السكرتيرة الجديدة؟!

 

يظن البعض من رؤساء الأعمال أن الاستعانة بالمرأة في هذه المهنة يجلب لهم زيادة الدخول، وقد ينتقون الفتيات لافتات النظر، غافلين أن الأرزاق بيد الله تعالى، بل يرزق من يتقيه حيث قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

 

البعض يفضل امرأة بحجة أنها تتقاضي راتبا اقل من راتب الرجل، فينظرون إلى ذلك من الناحية المادية، فإذا كان هذا فعلاَ، فالذي يخفى عليهم ان الخسارة التي يتعرضون إلىها والفتنة التي تدق بابهم والأضرار التي تلحق بهم أكثر مما يوفرونه أضعافا مضاعفة..!

 

فلماذا يضعون امامهم الفتنة التي قد تجرهم للحرام؟ ولماذا يضعون أنفسهم مواضع للشبهات؟!
إن الشك يجري في عروق بني آدم مجرى الدم ولذلك عندما رأى بعض الصحابة النبي صلي الله عليه وسلم يمشي في الطريق مع احدي زوجاته، ولم يكونوا يعرفونها، ووجدهم يتحدثون فيما بينهم فناداهم وأوقفهم وقال لهم "إنها صفية بنت حيي"، هؤلاء الصحابة، وهذا النبي صلي الله عليه وسلم، فماذا بنا نحن!

 

ولم تكن تلك السلبيات وحدها التي يمكن أن تقع علي صاحب العمل، بل قد يتعرض صاحب العمل لمشكلة أشد وهي وقوع ولده في هذه الفتنة، فقد يخرج تاركاَ ولده الشاب بالمكتب أو المتجر لمباشرة اعماله، فيتعرض ولده لنفس الفتنة دون أن يشعر، فقد وضع النار بجانب الكبريت كما يقولون!

 

وغير ذلك الكثير من السلبيات التي تصل لحد الحرمة في كثير من الأحيان إذ يترتب على ذلك خلطة بين صاحب العمل وسكرتيرته وهو حاصل في كل حال من تلك الحالات..

 

يتشابه مع ذلك تشغيل الفتيات بمحلات البيع المختلطة، التي يبيع فيها صاحب العمل مع الفتيات العاملات، حيث تحدث بينهم الخلطة المحرمة بشكل واضح فج، ويترتب عليها من المنكرات ما الله به عليم.

وفي كثير من الأحيان تسوء العلاقات الزوجية، وتفقد الزوجة ثقة زوجها، بل يقع صاحب العمل في المنكرات المختلفة، أليست هذه الأمور كافية لاستبدال السكرتيرة بأحد الشباب؟!

 

الحقيقة أن اختيار الشباب لمهمة السكرتارية والمتابعة والبيع ومثاله دون الفتيات له إيجابيات كثيرة، منها:

أن كثيرا من الشباب يملكون من الشهادات الدراسية والخبرة ما يؤهلهم لهذه الوظيفة يبحثون عن أبواب الرزق، في استخدامهم مساعدة في القضاء علي مشكلة البطالة التي يعاني منها هؤلاء.

 

ومنها أن استخدام صاحب العمل الشباب في هذا المجال يبعد عنه القيل والقال والشك في عيون الآخرين.

 

ومنها أنه أيضاَ يغلق أمامه باب الفتنة التي قد تعرض عليه كل يوم بتوظيف الفتاة

 

ومن الفوائد أيضاَ أن استخدام الشاب في هذه المهمة يقطع عن أصحاب العمل مكائد الذين يتربصون له من أعداء المهنة، فيقطع ألسنة المشهرين به والعابثين بسمعته

 

ومما يعود علي صاحب العمل هدوء الحياة الزوجية وراحة البال، وبدلا من زرع الشكوك لدى الزوجة ينعم بحياة زوجية مستقرة خالية من المنغصات.

 

وعلى الجانب الآخر على الفتاة المعوزة للعمل هي ذاتها ألا تضع نفسها موضع فتنة ولا شبهة، بل عليها ان تنتقي المكان اللائق بها، فبالبحث قد تجد كثيرا من المجالات الجائزة شرعا والمرعية عرفا وخلقا ما يناسبها بعيدا عن مواضع الفتن والشبهات.

 

كل زوج يريد الحياة الهادئة، وراحة البال، فما الذي يجبره على جلب ما يعكر صفو حياته الزوجية ويعرضه للفتن، حتى لو حاول أن يتخذ احتياطاته، فإن ذلك صعب المنال، إنها نصيحة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام".

 

فهذه الكلمات النورانية أمام أعيننا، فصاحب العقل السليم الذي يريد الله واليوم الآخر هو الذي يبحث عن كل ما يقربه لله تعالى، ويستطيع أن ينتبه لكل ما يعرضه للبعد عن ربه سبحانه، وهو الذي يستطيع الوصول إلى القرار السليم بعد البحث عن مرضاة الله تعالى في شؤون حياته، ولا ينسى أن هذا العمل الدنيوي زائل، وأن الدنيا كلها زائلة بما فيها، ولا يبقى سوى الصالحات.