السؤال
مشكلتي هي أني أعاني من غياب هدف محدد في حياتي وغياب الطموح والحماس، مع العلم أني أشتغل في شركة منذ 6 سنوات وأقوم بواجباتي الدينية، ماهو حل مشكلتي؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل، أهلاً ومرحباَ بك في موقع المسلم.
وبالنسبة لما ذكرت، أجيبك بما يأتي:
أولاً: زادك الله حرصاً على التطَلُّع إلى الأفضل والازدياد من الخير، وهذا من صفات المؤمن.
ثانياً: علينا بالاستذكار الدائم للمقصد والهدف الذي حلقنا من أجله. والاجتهاد بصدق وإخلاص في تحقيقه، وقد ذكره الله وبيّنه في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات 56].
فالحكمة والهدف من خلق الإنسان في هذه الحياة هو معرفة الله – تعالى- المعرفة الحقيقية الصحيحة بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، والتوجه الصادق إلى عبادته وطاعته بامتثال أوامره والابتعاد عن نواهيه، ومداومة ذكره – تعالى – والاجتهاد على الدوام في التماس مرضاة الله جل وعلا.
ثالثاً: التنبّه لمفهوم العبادة الشامل لجميع شؤون الإنسان في مناحي الحياة كلها؛ بأن يسير في جميع أموره وأحواله وِفقَ ما يرضي الله ووفق شرعه ودينه.
رابعاً: الاجتهاد في التحقق بهذين الأمرين على الدوام:
1- أن يكون الإنسان متحرياَ رضا الله تعالى باستمرار فيما يقول ويعمل.
2- أن يحرص على نفع الناس باستمرار بصور النفع المختلفة كمساعدة المحتاج، التهادي، التزاور، عيادة المريض، إرشاد التائه إلى مكانه، ورعاية الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام... وإن لم يستطع على النفع الإيجابي عن طريق البذل، فليَكُفّ نفسه عن أذى الآخرين، فذلك نفعٌ أيضاً.
فهذان الأمران خلاصة مقاصد الدين الإسلامي، فمن تمسّك وعَمِلَ بهما على الدوام فهو قائم بحقيقة الدين، يُرجَى له السعادة والتوفيق في الحياة الدنيا والدرجات العلى في الاخرة.
خامساً: احرص على تنظيم وقتك ويومك وترتيب أمورك الأهم فالأهم، راعي جميع الحقوق مع مراعاة التوازن في ذلك، فإن لربك عليك حقّاً، وإنّ لأهلك عليك حقّاً، وإنّ لضيفك، ولعملك، ولجسدك، ولنفسك عليك حقّاً، فأعطِ كلّ ذي حقٍّ حقَّه.
اجعل وقتك مملوءاً بالخير وبما ينفع، هل تزوجت؟ إن كان فاشغل نفسك بالاهتمام بزوجتك في تعليمها دينها وما ينفعها، وكن قائماً على ذلك.
سادسا: اجعل لك قسطاً من الوقت في التفقّه في الدين وتعلّم ما ينفع، فإنّ الحرص على ذلك من علامات محبة الله تعالى للعبد وإرادته به الخير، يقول صلى اله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" رواه مسلم.
سابعا: عليك بمراعاة ما يأتي في الفقرات الآتية:
1- عليك أولاً بتثبيت نفسك على الاستقامة على الدين، وتقوية إيمانك وزيادته عن طريق الإكثار من الأعمال الصالحة بكافة أنواعها، والمحافظة على الواجبات فضلاً عن السنن والنوافل، والمحافظة على ورد قراء القرآن يومياً، وأذكار الصباح والمساء؛ فإن الإيمان وزيادته هو المحفز والمنشط لك إلى كل خير فضلاً عن طلب العلم.
2- الاعتناء الكبير بتصحيح العقيدة والحرص على أن تكون عقيدتك موافقة لعقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم؛ لأن العقيدة هي الموجهة للإنسان في سلوكه وأقواله وأفعاله فانتبه لذلك جيداً، وأهم الكتب في ذلك كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – مثل: (الأصول الثلاثة، والأربع مسائل، كتاب التوحيد) وكتب الشيخ ابن تيمية (العقيدة الواسطية، التدمرية، والحموية، والعقيدة الطحاوية، كتاب الإيمان) وكتب ابن القيم. وشروحها متوافرة في الشبكة العنكبوتية.
3- الملازمة للقرآن الكريم:
أ- تعلم تلاوته وترتيله على يد شيخ.
ب - الاجتهاد في حفظ القرآن؛ ففضيلة حفظه عظيمة كما أنه أساس الدراسات اللغوية والإسلامية جميعاً، إذ ما ألفت هذم العلوم إلا لفهمه وشرحه وتفسيره والعمل بما يدعو إليه.
ج - أن يكون الحفظ وتعلم التلاوة على يد شيخ متقن معه سند إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
د - لابد من الإلمام بتفسير القرآن، ولو موجز كتفسير (تيسير الكريم المنان / للشيخ السعدي) أو (تفسير الجلالين)
هـ - القراءة فيما يتعلق بعلوم القرآن مثل: مباحث في علوم القرآن / لمناع القطان
4- الصحبة الحميمة للسنة النبوية وأقصد بها معرفة حياة النبي صلى الله عليه وسلم جيداً، والاجتهاد في الاقتداء به في كل شيء ما استطعنا حيث هو القدوة الحسنة كما وصفه الله، وكما أمرنا الله بحسن الاقتداء به لأنه صلى الله عليه وسلم هو المفسر والمترجم للقرآن الكريم بأقواله التي قالها، وأفعاله، وتقريراته ومعاملاته وسائر أحواله.
أ - لذا عليك بالقراءة في السيرة النبوية كثيراً مثل: الرحيق المختوم / للمباركفوري، ونور اليقين / للخضري، زاد المعاد / لابن القيم.
ب - القراءة في كتب الشمائل المحمدية مثل: الشمائل المحمدية للترمذي.
ج - القراءة في كتب الحديث النبوي الشريف، مثل الأربعون النووية، رياض الصالحين، صحيح مسلم، وصحيح البخاري وبقية كتب السنة وشروحها.
5- عليك بالإكثار من القراءة في كتب آداب طالب العلم، التي تحدثت عن فضل طلب العلم لشحذ الهمم، وآداب طالب العلم حتى يراعيها طالب العلم ليتحصل على بركة العلم، وكتب العلم وآداب القراءة، وما يراعى في القراءة، وصفة مجالس العالم، وأدب صحبة العلماء... فالقراءة في كتب طلب العلم لها فوائد جمة
أ - شحذ الهمة وتقوية الرغبة.
ب - توفير الوقت والجهد.
ج - معرفة القيام بالطلب النافع.
و أهم كتب طلب العلم: بيان العلم وفضله / لابن عبد البر، أيها الولد / للغزالي.
وأخيراً: أرجو الله أن يلهمك الصواب دائماً ويُرِيَك الحقّ ويرزقك اتّباعه، ويشغلك بما هو أرضى له وأنفع لعباده.
والله الموفق