"شهادة" الصاروخ اليتيم أمام الإعلام المتحيز
24 جمادى الأول 1439
منذر الأسعد

يقول المثل الشعبي المصري: الكعك في يد اليتيم "عجبة" !

وهو ينطبق اليوم كل الانطباق على الصاروخ الحراري اليتيم، الذي أطلقه الثوار السوريون في ريف إدلب، على طائرة سوخوي 25 روسية، فأسقطها وانتهت الواقعة الاستثنائية بمهلك قائد الطائرة. 

جُنَّ جنون الاحتلال الروسي الذي دخل سوريا بغطرسة حققها له الغرب الذي يزعم أنه من "أصدقاء" الشعب السوري، بدليل منعه الفولاذي للسوريين من أن يحصلوا على أي وسيلة دفاع جوي توقف جرائم النظام الذي أهلك الحرث والنسل، برعاية أممية كاملة وشاملة، لا تختلف إلا في توزيع الأدوار على الشركاء فوق المسرح. وهي حالة فريدة من نوعها وليس لها أي سابقة، ففي مأساة البوسنة اضطر الغرب إلى التدخل بعد ثلاث سنوات ليكبح الحرب، بعد أن بدأت كفتها تميل إلى جانب ضحايا مسلمي البوشناق! 

أما أن يتلذذ العالم كله بشواء شعب أعزل بكل أصناف الأسلحة الثقيلة، فحالة يبدو أنها مقصودة لردع كل شعب يقرر رفض الظلم والبطش. 

وأكمل العالم السادي جرائمه فسمح للقتلة الطائفيين أن يتدفقوا للإسهام في ذبح السوريين، بعد أن عجز جيش بشار وعصاباته عن الانتصار .. 

وعندما فشل الملالي وأتباعهم استنجد نتنياهو بالروس ليقوموا بإنقاذ صبيه المدلل، حارس الاحتلال في هضبة الجولان –أهدأ جبهة للعدو خلال 40 سنة بحسب وصف الإعلام الصهيوني نفسه!!-.

وشارك الإعلام العالمي في اللطمية الروسية الأخيرة، فتعامى عما يفعله غربان الغزاة من قتل المدنيين وتدمير المستشفيات والمساجد والمدارس عمداً –بشهادة المنظمات الحقوقية الغربية - .. انشغل الجميع بالتحقيق في كيفية وصول الصاروخ اليتيم إلى أيدي الضحايا " الإرهابيين" الذين قتلوا طياراً " بريئاً" كان يلقي معونات غذائية للشعب المحاصَر!! من صواريخ ارتجاجية وقنابل عنقودية وقذائف نابالم حارقة !! 

بوتن موتور لأن الصاروخ فضح هزال قوته، وهو الذي يستعد لتجديد قبضته على روسيا، على أنه قيصر جديد .. فالانتخابات في الشهر المقبل.

صحيح أن انتخابات روسيا تشبه استفتاءات بشار فنتائجها معروفة سلفاً.. لكن صورة القيصر الصليبي اهتزت أمام رعيته. 

الإعلام الغربي مهووس بالصاروخ اليتيم .. يريد معرفة من أين جاء ؟ وكيف وصل إلى الأيدي " الخطأ"! 

وصل الإسفاف حدوداً مزرية، فقد تبنى الجميع تخرصات الكرملين عن مقتل الطيار بعد هبوطه سالماً.. تبنوها من دون تمحيص واجب مهنياً. لأن الرواية تلائم أهداف الجميع .. 

ثم جاءتهم صفعة من موسكو التي برهنت للمرة الألف أنها تمارس الكذب بطريقة سوقية فجة.. ظهرت رواية جديدة تقول: إن الطيار " الحنون" نسف نفسه بقنبلة لئلا يقع أسيراً في قبضة " الإرهابيين"! 

الكذبة الجديدة تناسب صورة القيصر المشروخة، فهي تعني "بطولة" زائفة مارسها المجرم الصغير، لأنه تربية المجرم الأكبر. 

إنه عالم همجي يشعر المرء بالعار لأنه يعيش فيه مكرهاً. والذين يدَّعون أنه يشبه الغابة، يظلمون الوحوش من حيث لا يقصدون. ففي الغابة يقتل القوي الضعيف لكي يسد رمقه ولا يعذبه قبل قتله ولا ينتهك عرضه .. 

أي حضيض هبط إليه البشر في زمن زعموا أنه "الأرقى" في تاريخ أبناء آدم  عليه السلام منذ أن خرج من الجنة وهبط إلى الأرض.