أمريكا ونفاقها المفضوح في سورية
25 جمادى الأول 1439
د. زياد الشامي

ليست المرة الأولى التي تكشف فيها ممارسات الولايات المتحدة الأمريكية عن نفاق مفضوح وازدواجية مشينة في سورية فقد ظهر ذلك النفاق وتلكم الازدواجية في سلوكيات ومواقف كثيرة خلال سنوات الثورة السورية لعل أهمها وأبرزها موقفها من استخدام قوات الطاغية للسلاح الكيماوي الذي كانت تزعم أنه خط أحمر لا يمكن السكوت على تجاوزه !!!

 

 

قد لا يكون مشهد نفاق العم سام الجديد في سورية متميزا أو مختلفا عما عهدناه عنه من مشاهد أخرى سابقة إلا أن صمتها بل تواطؤها إزاء ما يتعرض له الأطفال والمدنيون في الغوطة الشرقية ومحافظة إدلب من قتل بشع بكافة أنواع الأسلحة الروسية والنصيرية المحرمة دوليا وعدم تحريكها ساكن لوقف المجازر اليومية أو حتى فرض هدنة إنسانية لإنقاذ الجرحى وإخراج العالقين من تحت الأنقاض ...في مقابل سرعة تحركها وردها العسكري المباشر على أي محاولة للاقتراب من قواعدها العسكرية في سورية أو مناطق نفوذ عملائها الأكراد....يثير المتابع ويدفعه دفعا للإشارة إلى ذلك النفاق المفضوح .

 

 

لم تنتظر الولايات المتحدة الأمريكية إذنا من مجلس الأمن حين استهدفت مقاتلاتها الحربية في وقت متأخر من ليل الأربعاء الماضي رتلا عسكريا تابعا للنظام النصيري ومليشياته شرق دير الزور بسبب قيامها بهجوم غير "مبرر" حسب وصفها على مقر قيادة "قوات سوريا الديمقراطية/قسد" التي تعمل لحساب العم سام وتحت غطاء التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية .

 

 

مسؤول أمريكي تحدث لرويترز عن الحادثة قائلا : "كانت القوات الموالية للنظام تضم نحو 500 فرد في تشكيل كبير مترجل تدعمهم مدفعية ودبابات وأنظمة صواريخ متعددة الفوهات وقذائف مورتر".

 

 

البيان الصادر عن التحالف الدولي أكد وقوع الغارة مشيرا إلى أن "جنودا من التحالف يعملون مع قوات سوريا الديمقراطية في مهمة استشارة ودعم ومرافقة كانوا مع شركائهم حين وقع هذا الهجوم على بعد 8 كيلومترات شرق نهر الفرات الذي يمثل الخط الفاصل لمنطقة خفض التصعيد".

 

 

الغارة قتلت أكثر من 100 شخص حسب المسؤول الأمريكي بينما نقلت شبكة (فرات بوست) عن مصدر طبي من داخل المستشفى العسكري بدير الزور ومصدر ميداني من قوات النظام (لم تسميهما) أن عدد العناصر الذي قتلوا جراء استهداف طيران التحالف لميليشيات النظام شرق دير الزور ارتفع إلى 137 قتيلا وهو رقم قابل للزيادة حسب المصدر الطبي بسبب وجود إصابات خطيرة .

 

 

في مقابل هذا الرد العسكري العاجل من قبل العم سام على محاولة النظام النصيري ومليشياته - وبدعم روسي - التقدم على حساب مناطق سيطرة الأكراد أو ما يسمى "قسد" لم تحرك الولايات المتحدة الأمريكية ساكنا إزاء المحرقة والإبادة الجماعية التي تشنها روسيا وصبيها النصيري على المدنيين في الغوطة الشرقية وإدلب منذ أيام .

 

 

وعلى الرغم من تكرار استخدام النظام النصيري للأسلحة الكيماوية والغازات السامة ضد المدنيين في مناطق الثوار , ومع قيام الدب الروسي باستخدام صواريخه البالستية المحرمة دوليا في عدوانه الغاشم ضد الشعب السوري الأعزل وتجريبه لأسلحة أخرى , وبالرغم من انتشار مشاهد موت الأطفال واحتراق البيوت بتلك الأسلحة المحرمة ....إلا أن رد العم سام لم يتجاوز حدود تحميل الدب الروسي المسؤولية والتظاهر بالعجز وعدم القدرة على وقف تلك المجازر أو حتى تخفيف وطأتها !!!

 

 

قد لا يتسع المقام هنا لاستعراض جميع المجازر الفظيعة التي ارتكبها الاحتلال الروسي وصبيه النصيري بحق الأطفال والنساء والأبرياء في الغوطة الشرقية وإدلب خلال الأيام القليلة الماضية , إلا أن غيضا من فيض ما يتداوله الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي من صور وفيديوهات يكفي للتأكيد على هول ما يتعرض له السوريون هناك وحجم التواطؤ الغربي والدولي .

 

 

آخر أخبار المجازر المستمرة حتى الآن مجزرة ارتكبها طيران الاحتلال الروسي في بلدة (حاس) بريف إدلب الجنوبي أمس الجمعة أدت إلى استشهاد 14مدنيا بينهم أطفال ونساء وجلهم من عائلة واحدة , كما أسفر القصف عن تدمير 5 منازل بشكل كامل في حين ما زالت فرق الدفاع المدني تحاول انتشال الشهداء من تحت الأنقاض .

 

 

حجم النفاق الأمريكي في سورية وصل إلى حد غير مسبوق في مشهده الاخير , فبينما ردت أمريكا بقوة على محاولة تقدم النظام النصيري على ما تعتبره مناطق نفوذها في دير الزور "شرق" , تزعم أنها لا تستطيع حتى فرض هدنة إنسانية في الغوطة وإدلب , حيث فشل مجلس الأمن الدولي في اجتماع مغلق دعت إليه الكويت والسويد الخميس الماضي في التوصل إلى اتفاق حول إعلان هدنة إنسانية مؤقتة في سورية بسبب ما يسمى "الرفض الروسي" لمثل هذا القرار !!!!